الأسبوع الماضي، وقبيلَ ثلاثِ ساعات من الموعد المقرّر لعرض الفيلم الوثائقي الكردي "الشمال" (Kuzey" Bakur") لمخرجيه أرطغرول مافي أوغلو وشايان دمريل، في سينما "أطلس"، على هامش عروض "مهرجان إسطنبول السينمائي" في دورته الرابعة والثلاثين، قامت وزارة الثقافة التركية بمنع عرض الفيلم بذريعة أنّه "لم يخضع للقوانين المعتمدة من قبل الوزارة في صناعة الأفلام".
فيما بدا أن الحجّة السياسيّة، هي السببُ الأبرز للمنع، حيث صرَّحت الوزارة برفضها "نشرَ دعاية لصالح حزب العمّال الكردستاني"، خاصّةً أنّ الفيلمَ هو توثيقٌ ليوميّات مقاتلي الحزب في معسكراتهم جنوبَ شرق تركيا.
أوغلو الذي يعمل أيضاً صحافياً في "جريدة بيرغون" التركيّة، قال لـ"العربي الجديد" عن فيلمه: "تابعتُ إعلانَ أوجلان حولَ الانسحاب إلى خارج تركيا، فمضيتُ إلى جبال "متين" لإنجاز تقرير صحفي عن القوّات المنسحبة، وحصلت على موافقة المقاتلين لتصوير حياتهم اليومية، وكان من البديهيّ أن أتصل بمخرج فيلمي"ديرسم" و"الزنزانة رقم 5" ليشاركني هذا العمل، وافقَ دمريل على الفور".
قرار منع عرض الفيلم فاجأ الجميع، حيث أكّدت مديرةُ المهرجان عزيزة تان، أنّ الحكومة نادراً ما تطالبُ صنّاعَ الأفلام بالمستندات، التي بررت بها قرار حجب الفيلم بسبب عدم اكتمالها، وأوضحَت قائلةً: "ما نواجهه هنا هو لائحة مفروضة بصورة تعسفية، استُخدمت لمنع عرض الأفلام غير المرغوب فيها".
إضافةً إلى الشجب، تم اتخاذ مجموعة خطوات تضامنية مع الفيلم وصانعيه، منها إعلان "الاتحادُ الدولي للنقّاد السينمائيين" عن إلغاء مشاركته في لجنة تحكيم المهرجان، وانسحاب اثنين وعشرين فيلماً أجنبيّاً من المشاركة، اعتراضاً على قرار المنع. كما أعلنت لجنةُ إدارة المهرجان التابعة لمؤسّسة "إسطنبول للثقافة والفنون" أنَّ دورة هذه السنة ستنتهي دون حفلها الختامي (حفل توزيع الجوائز).
سينمائيّون أتراكٌ كثيرون، مخرجون وممثّلون وفنيّون؛ وقّعوا بياناً يتضامنون فيه مع الفيلم ويرفضون ما حصل. وفي صفحته على الفيسبوك نشرَ المخرج الكردي الإيراني بهمان غوبادي، قائمةَ السينمائيين الموقعين على البيان، ومن بينهم نوري بيلج جيلان وإيرول مينتاش.
وعلى صعيدٍ آخر، أفضت تداعياتُ أزمة مهرجان "إسطنبول" الحاليّة إلى إصدارِ وزارة الثقافة التركيّة شرطين إضافيين لترخيص مشاركة وعرض الأفلام ضمن المهرجانات، وتمَّ بموجب ذلك إلغاء مسابقة الأفلام الوثائقيّة والقصيرة المقررة ضمن فعاليات مهرجان أنقرا، ما دفعَ بلجنة تحكيم المهرجان إلى الانسحاب صبيحة أمس.