وغرق اللاجئون أمام ساحل بنغلادش، في وقت متأخر أمس الخميس، بينما دعت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، الدول إلى وقف إمداد ميانمار بالأسلحة بسبب العنف ضد مسلمي الروهينغا. وهذه هي المرة الأولى التي تدعو فيها الولايات المتحدة لمعاقبة القادة العسكريين، لكنها لم تصل إلى حد التهديد بإعادة فرض العقوبات التي علقتها واشنطن في عهد الرئيس باراك أوباما.
وترفض ميانمار التي تسكنها أغلبية بوذية اتهامات التطهير العرقي وارتكاب جرائم ضد الإنسانية واستنكرت انتهاكات حقوق الإنسان. وفي 25 أغسطس/ آب شنّ جيش ميانمار هجوما كاسحا في شمال ولاية راخين ردا على هجمات منسقة على قوات الأمن شنها متمردون من الروهينغا.
وتحدّث اللاجئون الذين وصلوا إلى بنغلادش عن هجمات وحرائق متعمدة من قبل الجيش ونشطاء بوذيين هدفها طرد الروهينغا من ميانمار. وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، مجلس الأمن بأن العنف قد تصاعد ليصبح "أسرع أزمة لاجئين طارئة آخذة في التصاعد وكابوسا لحقوق الإنسان". وقال مسؤولو الحدود في بنغلادش إن المزيد من اللاجئين وصلوا خلال اليوم أو اليومين الماضيين بعد أن بدا أن العدد في انخفاض.
وقالت جماعات الإغاثة إن 502000 لاجئ وصلوا إلى بنغلادش منذ أواخر أغسطس/ آب. وقال الكولونيل أنيس الحق، قائد حرس الحدود في بلدة تكناف، لوكالة "رويترز": "توقف (اللجوء) لفترة، لكن بدأ التدفق مرة أخرى". وأضاف أن نحو 1000 شخص نزلوا في نقطة الوصول الرئيسية على الساحل، أمس الخميس.
وأبحر قارب اللاجئين المنكوب وسط رياح شديدة وأمطار وأمواج عالية. وقالت الشرطة إن السلطات انتشلت 20 جثة، منها جثث 12 طفلا، بينما نجا 27 لاجئا، ولا يزال أكثر من 50 في عداد المفقودين.
وقال أحد الناجين ويدعى عبد القلم (55 عاماً)، إن مائة شخص على الأقل كانوا في القارب. وأضاف أن زوجته وابنتيه وأحد أحفاده من بين الغرقى. وتابع عبد القلم أن مسلحين بوذيين جاؤوا إلى قريته منذ نحو أسبوع وأخذوا الماشية والطعام. وأضاف أن السكان استدعوا إلى مكتب عسكري حيث قيل لهم إنه لا يوجد في ميانمار من يسمون الروهينغا. ومضى قائلا إنه بعد ذلك قرر الرحيل واتجه إلى الساحل ومعه أسرته متجنبين معسكرات الجيش الموجودة على الطريق.
وفي تصعيد حاد للضغط على ميانمار (بورما سابقاً)، رددت هيلي اتهامات الأمم المتحدة القائلة إن تشريد مئات الآلاف من سكان ولاية راخين تطهير عرقي. وقالت هيلي لمجلس الأمن الدولي: "لا نخشى أن نصف أفعال سلطات بورما بما تبدو عليه بأنها حملة وحشية ومستدامة لتطهير بلد من أقلية عرقية".
وكانت الولايات المتحدة قد قالت من قبل إنّ ردّ الجيش على هجمات المتمردين "غير متناسب" وإن الأزمة تثير الشكوك في انتقال ميانمار إلى الديمقراطية بقيادة أونغ سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام بعد عشرات السنين من الحكم العسكري.
وتعرضت سو لنقد قاس من مختلف أنحاء العالم لأنها لم تستنكر العنف ولم توقفه. وتلقى حملة الجيش ضد المتمردين الروهينغا تأييدا كبيرا في ميانمار. وقالت هيلي إن على الجيش أن يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وأضافت "يجب استبعاد من اتهموا بارتكاب انتهاكات من الاضطلاع بمسؤوليات القيادة فورا ومحاكمتهم لما اقترفوه من مخالفات". ومضت قائلة "على أي دولة تمد جيش بورما حاليا بالسلاح أن تعلق هذه الأنشطة لحين اتخاذ إجراءات المحاسبة الكافية".
وقال مستشار الأمن القومي في ميانمار ثاونج تون، في الأمم المتحدة، أمس الخميس، إن ميانمار لا تشهد تطهيرا عرقيا أو إبادة جماعية. وأوضح لمجلس الأمن أن بلاده دعت الأمين العام أنطونيو غوتيريس لزيارتها. وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن غوتيريس سيدرس زيارة ميانمار إذا توفرت الظروف المناسبة.
وعبرت الصين وروسيا عن دعمهما لحكومة ميانمار. وقالت الأخيرة هذا الشهر، إنها تتفاوض مع البلدين اللذين يتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحمايتها من أي إجراء محتمل من جانب المجلس.
من جهة ثانية، قرر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، تمديد مهمة بعثة تقصي حقائق في ميانمار ستة أشهر حتى سبتمبر/ أيلول 2018، بطلب من رئيس البعثة. لكن الطلب قوبل باعتراضات من ميانمار والصين والفيليبين.
وقال هاو خان سوم، مندوب ميانمار في المجلس، إن البعثة "ليست مجدية ولا تتماشى مع الوضع على الأرض ولن تسهم في إيجاد حل لقضايا راخين"، في إشارة إلى العنف في تلك الولاية. وأيد المجلس القرار الذي قدمته إستونيا نيابة عن الاتحاد الأوروبي دون الحاجة لتصويت.
(رويترز، فرانس برس)