أعلنت السعودية، اليوم الأربعاء، عن إيداع ملياري دولار، في البنك المركزي اليمني، لإنقاذ العملة اليمنية التي انهارت بشكل غير مسبوق، خلال الأيام الماضية.
وقالت الحكومة السعودية إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمر اليوم الأربعاء بإيداع ملياري دولار في البنك المركزي اليمني لدعم العملة اليمنية الضعيفة.
وأكد مصدر مقرب من الحكومة السعودية أن "هذا ليس قرضا، بل هي وديعة ولن يتعين على الحكومة اليمنية الشرعية سدادها".
وأفادت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن الملك السعودي، أصدر توجيهات بإيداع ملياري دولار كوديعة في حساب البنك المركزي اليمني، وذلك لـ"رفع المعاناة عن الشعب اليمني".
وفقد الريال اليمني أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار، وتسبب ارتفاع الأسعار في عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية.
وجاء التوجيه الملكي بالوديعة السعودية، بعد أن تأجلت شهوراً طويلة، انهار خلالها سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، متجاوزاً 500 ريال للدولار الواحد، وهو ما فاقم الأوضاع المعيشية لليمنيين، حيث شهدت الأسعار ارتفاعات قياسية.
ويعاني اليمن من الانقسام بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات بين الحكومة المعترف بها دوليا التي تدعمها الرياض والمتمركزة في جنوب البلاد وحركة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي تسيطر على شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء.
ويواجه البنك المركزي اليمني، الذي يتخذ من مدينة عدن الساحلية بجنوب البلاد مقرا له، صعوبة في دفع أجور موظفي القطاع العام التي يعتمد عليها الكثير من اليمنيين في ظل انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي.
وكان رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، وجّه، أمس، رسائل عتاب للتحالف الذي تقوده السعودية، بسبب تحفّظه على إنقاذ العملة في البلاد، وأعلن استعداده لتقبّل إقالته من منصبه إذا ما كان هناك تحفظ من التحالف حول أداء حكومته يمنع إنقاذ العملة اليمنية.
ووجّه أحمد بن دغر، أمس الثلاثاء، نداء استغاثة لتحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية، لإنقاذ العملة المحلية من الانهيار، بعد تجاوز سعر الصرف سقف 500 ريال للدولار الواحد، وأبدى استعداده للرضوخ لمطالب التحالف الذي يشترط إقالة رئيس الحكومة ومحافظ البنك المركزي قبل تقديم الوديعة النقدية من السعودية.
وقال بن دغر، في تغريدات نشرها على صفحته في موقع التدوين المصغر "تويتر": "لوجه الله ولأخوَّة صادقة؛ إن كانت هناك من مصالح مشتركة بين الحلفاء ينبغي الحفاظ عليها، ترقى إلى مستوى الأهداف النبيلة لعاصفة الحزم، فإن أولها وفي أساسها إنقاذ الريال اليمني من الانهيار التام، الآن وليس غداً، إنقاذ الريال يعني إنقاذ اليمنيين من جوع محتم".
وتقود السعودية تحالفاً لدعم الشرعية في اليمن منذ مارس 2015، ضد المتمردين الحوثيين، وسبق أن قدمت وديعة نقدية عام 2012 لدعم العملة المحلية.
وأكد طارق عبد الرشيد، أستاذ المصارف بالمعهد الحكومي للعلوم الإدارية باليمن، أنه لا يمكن إنقاذ الريال بدون دعم خارجي لدعم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي.
وقال عبد الرشيد لـ"العربي الجديد": "احتياطي اليمن من النقد الأجنبي صفر، ورفد الاحتياطي سيمنع حدوث اختناقات في عمليات استيراد السلع الغذائية الأساسية والمحروقات، وسيخفف من حدة الاضطرابات الاستثنائية في سعر الصرف، كما يساهم بفاعلية في تغطية الإصدارات الجديدة من العملة المحلية".
وأدت الحرب اليمنية وسيطرة الحوثيين على المؤسسات المالية ومنها البنك المركزي إلى تهاوي قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية واستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وركود النظام المصرفي.
واستنجد اليمن أمس بالسعودية لوقف انهيار عملته الوطنية، وقالت الحكومة الشرعية بعدن الثلاثاء إنها بحاجة لوديعة بملياري دولار كانت قد تعهدت بها حليفته الرئيسية السعودية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتحقيق استقرار الريال اليمني الذي سجل مستويات جديدة منخفضة هذا الأسبوع، ما يدفع بالشعب الذي يعاني من الفقر والغلاء خطوات أكثر صوب الجوع.
وانخفض سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، خلال تعاملات بداية الأسبوع الجاري، إذ اقتربت العملة الأميركية من 500 ريال يمني في السوق السوداء، مع عجز البنك المركزي عن إيقاف التهاوي المتسارع في العملة المحلية نتيجة نفاد الاحتياطي من العملات الأجنبية، فيما لجأ الحوثيون للحلول الأمنية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والنقدية.
وأكد صرافون ومتعاملون لـ"العربي الجديد"، أن سعر صرف الريال بلغ نحو 500 ريال للدولار في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ونحو 495 ريالا للدولار في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، حيث مقر الحكومة المعترف بها دولياً.
ويبلغ السعر الرسمي المحدد من البنك المركزي 380 ريالاً للدولار، منذ منتصف أغسطس/آب الماضي، بعد قرار البنك تعويم العملة المحلية وتحرير سعر الصرف.
وتتهم الحكومة الشرعية في عدن الحوثيين بنهب احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة لتمويل جهودهم الحربية عندما كان البنك يتخذ من العاصمة مقرا له، وهي اتهامات تنفيها الجماعة والبنك في صنعاء.
وعقدت الحكومة، الأربعاء الماضي، اجتماعا استثنائيا لمناقشة التهاوي المتسارع للعملة المحلية، وشدد الاجتماع على تفعيل الدور الرقابي للأجهزة الأمنية، و"الضرب بيد من حديد ضد المتلاعبين".
وفي صنعاء، لجأ الحوثيون إلى الحلول الأمنية في تعاملهم مع أزمة تهاوي قيمة العملة، حيث قاموا باعتقال عشرات الصرافين، وممارسة ضغوط على التجار لإعلان تخفيضات في أسعار المنتجات، ومصادرة أموال شركات صرافة.