جاء ذلك في بيان للسفير القطري، اليوم الأحد، رداً على ما جاء على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش، خلال مقابلة مع صحيفة "جمهوريات" التركية، نشرتها في 7 أغسطس/ آب الجاري.
وقال السفير إنّ قرقاش تعرّض إلى قطر بـ"اختلاق الكثير من الادعاءات غير الصحيحة والأكاذيب"، مشيراً إلى أنّ دور الإمارات "في افتعال الأزمة الخليجية مع قطر أصبح واضحاً للجميع"، مذكّراً بأن الدوحة تتابع الإجراءات القانونية ضد أبوظبي في ما يتعلّق بجرم اختراقها وكالة الأنباء القطرية "قنا".
ولفت إلى أنّ "الإمارات وعدداً من حلفائها دفعت حوالى 40 مليار دولار لتثبيت الانقلاب العسكري في مصر فقط دون أن نتحدث عما أنفقته في دول أخرى".
وأكد السفير القطري أنّ "الإمارات وباقي دول الحصار رفضت منذ بداية الأزمة الخليجية أيضاً أي وساطة خارجية، وعبّرت عن ذلك من خلال تصريحات رسمية، لذلك فإن الادعاء بأنّ موقف تركيا حرمها من الوساطة هو أمر غير صحيح"، بحسب قوله.
وكان قرقاش قد دعا تركيا إلى "البقاء على الحياد" حيال الأزمة الخليجية، وقال إنّها "تحركت مبكراً" في ما يخص أزمة بلاده مع قطر.
وشدد السفير القطري على أنّ بلاده تصرّفت بمسؤولية ولم تتخذ "إجراءات انتقامية"، قائلاً: "لو قمنا بإيقاف صادراتنا من الغاز إلى دبي مثلاً، والتي تغطي حوالي 40% من احتياجاتها لانهارت على الفور".
وأمل السفير القطري بأنّ تعود دول الحصار إلى رشدها، مؤكداً أنّها "ستضطر في نهاية المطاف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار".
ولفت إلى أنّ الإمارات "ليست هي الجهة المؤهّلة أو المخوّلة للقول بأنّ هذه الدولة أو تلك ملتزمة بمحاربة الإرهاب أو غير ملتزمة، هناك مجتمع دولي ومؤسسات دولية ومنظمات معنيّة مباشرة بهذا الأمر".
وذكّر السفير بأنّ قطر "ملتزمة بمكافحة الإرهاب، والجماعات الإرهابية قامت الأمم المتحدة بتصنيفها استناداً إلى قرارات أمميّة"، لافتاً إلى أنّ "بعض الدول، وعلى رأسها الإمارات، تقوم بتأليف قوائم بناءً على دوافع سياسية متعلّقة بها، أو خوفاً من تغييرات تطاول نظامها السياسي بسبب حالات الكبت والقمع وغياب الحريات، ومثل هذه القوائم لا تلزم أحداً".
كما ذكّر آل شافي بأنّ قطر عضو فاعل سياسياً ومالياً وعسكرياً في كل المنصات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وكذلك الأمر في التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، كما تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط (قاعدة العُديد) لمكافحة الإرهاب، وتضم حوالي 10 آلاف جندي أميركي.
وأشار إلى أنّ الكويت والولايات المتّحدة وتركيا وعدداً كبيراً من دول العالم، طالبت الإمارات وباقي دول الحصار بشكل رسمي، بتقديم دليل واحد فقط على دعم دولة قطر للإرهاب، "إلا أنّهم لم يقدّموا أي دليل على الإطلاق".
واعتبر الدبلوماسي القطري أنّه من المثير للسخرية والاستغراب معاً أن تطالب الإمارات التي تضم على أراضيها قواعد عسكرية أجنبية لعدّة دول، بإغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة وقطع العلاقات الدفاعية بين قطر وتركيا، "إلا إذا كانت لدى الإمارات والدول المتحالفة معها نوايا عدوانية مبيتة أو مخطط لتدخل عسكري".
وتابع السفير ردّه على ادعاءات المسؤول الإماراتي، فقال آل شافي: "لقد نسي السيد قرقاش على ما يبدو أن يقول لكم إنّ دولة الإمارات هي واحدة من بين ثلاث دول فقط في العالم، اعترفت بحكومة طالبان في أفغانستان، ولم تكن قطر من بين هذه الدول".
وتابع: "في موضوع طالبان، طلبت الولايات المتّحدة منّا المساعدة، وقد رحّبنا بذلك، وكما كشفت التسريبات عن بريد السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، فإنّ الإمارات حاولت التنافس معنا على فتح مكتب لطالبان، وعندما فشلت في ذلك بدأت تلفّق الأكاذيب والادعاءات وتتّهم قطر بدعم الإرهاب والتطرف".
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين قطر وحركة "حماس" الفلسطينية، قال السفير إنّ "القيادات الأساسية لحماس موجودة في داخل فلسطين وليس بالخارج. لقد طلبت العديد من الدول في السابق مساعدتنا لإقناع حماس بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية لكي يتم إعطاء الانتخابات الشرعيّة اللازمة، وعندما فازت بأغلبية الأصوات بدأوا يتهمونها بالإرهاب والتطرف".
وأضاف أنّ "هناك بعض الأنظمة السياسية في المنطقة (لم يحددها) تعاني من مشاكل في شرعيتها الداخلية، لذلك فهي تحاول أن تحمي نفسها من خلال علاقات قوية مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، وتحقيق هذه المعادلة يتم من خلال مهاجمة تيارات سياسية معيّنة بدعوى أنّها متطرفة، كالموقف من حماس على سبيل المثال".
وعن العلاقة مع إيران، أشار السفير إلى أنّ "الوزير الإماراتي قال للصحيفة إنّ إيران ليست السبب الرئيسي للأزمة مع قطر، والحقيقة هي أنّه عندما اندلعت الأزمة، شنّت الإمارات حملة علينا قالوا فيها إنّ السبب الأساسي للأزمة هو علاقة قطر مع إيران، لكن عندما تبيّن أنّ مستوى علاقات دولة قطر مع إيران هو الأقل في مجلس التعاون الخليجي وأنّ الإمارات تتمتّع بأكبر علاقات مع طهران بدأوا يتنصّلون من هذا الأمر".
من جهة أخرى، قال سفير الدوحة إنّ "الادعاءات التي تقول إنّ قطر وضعت الإسلاميين في قيادة الثورات العربية هو ادعاء سخيف ويقلل من أهمية ودور الشعوب العربية".
ولفت إلى أنّ "هناك بعض الدول العربية تخاف من أن تصلها موجة الثورات الشعبية، وبدلاً من أن تقوم بإصلاح أنظمتها والاستجابة إلى تطلعات شعوبها وتنفيذ سياسة تنسجم مع إرادة الشعب، تلقي باللوم على قطر وعلى ما يسمى الإسلام السياسي".
وقال إنّ "الإمارات قامت بدعم الثورات المضادة في العالم العربي بهدف استعادة أنظمة ديكتاتورية وأنظمة عسكرية وأنظمة رجعيّة فاسدة، على اعتبار أنّ من شأن هذه الأنظمة أن توقف مد الثورات".
وتابع "نحن نقول إنّ هذه الدول ما لم تعِ الدرس بشكل جيد، وتتخلّى عن مثل هذه السياسات التخريبية، فإنّ إلقاء اللوم على قطر والمطالبة بإغلاق الجزيرة أو استخدام مصطلحات برّاقة كمكافحة الإرهاب، ومهاجمة المعتدلين بحجة التطرف لكسب استعطاف الغرب، لن ينفع في حمايتهم من الشعوب طال الزمن أو قصر".