تسلمت تونس منذ خمسة أيام من السودان، متهماً بالإرهاب، قام بدور هام في استقطاب التونسيين وتدريبهم وتسفيرهم نحو بؤر القتال، وفق ما أشارت إليه الأبحاث الأولية. ويعتبر التحقيق مع معز الفزاني فرصة للأمن التونسي للإطاحة برؤوس أخرى شاركته في ذات الجرائم، والكشف عن خلايا نائمة في صفوف التونسيين.
ويعد معز الفزاني، وهو رجل من قاطني ضواحي العاصمة (حي الزهروني، حي مكتظ متاخم للعاصمة) يبلغ من العمر سبعاً وأربعين سنة، أحد المطلوبين لدى وزارة الداخلية التونسية منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، لصلته بعملية باردو (مارس/ آذار 2015).
وشرعت القوات الأمنية في استجواب الفزاني، حال وصوله إلى البلاد، بعد تسليمه من طرف السلطات السودانية إلى نظيرتها التونسية، وقد صدرت في حقه خلال السنة الماضية مذكرات جلب دولية وأخرى داخلية، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد"، المتحدث الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي.
وأضاف أن "النيابة العامة طلبت تجديد الاحتفاظ بالإرهابي معز الفزاني وزوجته، لمواصلة البحث والتحري معهما من قبل الوحدة المختصة لمكافحة جرائم الإرهاب بالقرجاني، ليحال ملفهما إلى القطب مجددا، للنظر فيه الأسبوع المقبل".
وأبرز السليطي أن "الأبحاث لا تزال متواصلة، وأنه سيجري تقديم المعطيات الكافية حول ما قدمه الفزاني من إفادات ومعطيات"، فيما أوضح أن هذا الأخير مطلوب في أكثر من قضية تعلقت بالاستقطاب والتسفير نحو بؤر القتال، وتدريب المقاتلين وغيرها.
من جانبه، علق رئيس مركز قرطاج للأمن والتنمية، الخبير الأمني الطاهر الرفاعي في حديث لـ"العربي الجديد" بأن الأمر يتعلق بتعاون كلاسيكي بين تونس والدول الأجنبية، يستوجب تسليم المطلوبين والعناصر الخطيرة المشتبه في اقترافها للجرائم المنظمة، أو الجرائم الإرهابية في إطار اتفاقيات قضائية. وحتى إذا ما ارتأت السودان في حالة الفزاني أنه من الأصلح ترحيله إلى تونس إما للخلاص منه، أو لتقديرها بأن استجوابه والتحقيق معه في تونس، سيقدم معطيات لفائدة البلاد.
وأوضح الرفاعي أن "الفزاني قدم إلى حدود الآن اعترافات هامة"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن إلا أن تستفيد منه تونس على صعيدين، أولهما معاقبته بناء على مقتضيات قانون الإرهاب ومنع غسل الأموال، والثاني باعتباره مخزنا من المعطيات الهامة جدا والدقيقة، لا سيما حول طرق الانتداب والاستقطاب والتسفير. وهي معطيات على غاية من الأهمية، لتفكيك ظاهرة الإرهاب ورسم صورة واضحة لنشاطاته في البلاد، ما يمكن من التعاطي معه بصورة أنجع".
وأشار إلى أن تسلم الفزاني يتزامن مع تصريح الداخلية التونسية بأنها سجلت عودة" 800 إرهابي" إلى البلاد، فيما رجحت سعيدة قراش مستشارة الرئيس الباجي قائد السبسي عودة" 600"، وهو تضارب في الأرقام لا يمكن إلا اعتباره مؤشرا سلبيا وغير مقبول.
وشرح مدير مركز قرطاج للأمن والتنمية بأن "البلاد التي سجلت نجاعة أكبر في التعامل مع العصابات الإرهابية أخيراً قد تواجه وقتا عصيبا، نظرا لإمكانية اتصال العائدين مع الخلايا النائمة أو المجموعات المرابطة في الجبال"، مشددا على أنه "يجب على السلطات الأمنية أيضا التحقيق والتحري بدقة مع هؤلاء العائدين".
وفي هذا الصدد، أكد السليطي أن "الوحدات المختصة لمكافحة الإرهاب، وبإشراف النيابة العامة، تجري تحريات دقيقة مع كل العائدين من بؤر التوتر في سورية وليبيا والعراق وكل طرف يتبين أنه انضم فكريا أو قاتل أو حمل الأسلحة في صفوف تنظيم إرهابي، ويتم فتح بحث تحقيقي في شأنه وإحالته إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وفق ما ينص عليه القانون".