تسريحات الشعر الغريبة وماركات اللباس العالمية أصبحا تهمة توجب حلق الشعر والملاحقة في المغرب، في إطار حرب على ما بات يعرف بظاهرة "التشرميل".
تقوم جهات الأمن المغربية حالياً بحلق شعر الشباب المشتبه في تورطهم في أعمال عنف أو سرقة، لكن بعض الشباب يلاحقون لمجرد اختيارهم قصات شعر عصرية، أو ارتدائهم لملابس تساير أحدث صيحات الموضة، ما أثار موجة من الانتقادات والاختلاف في الآراء بين مؤيد ومعارض.
وشنّت السلطات الأمنية حملات في الأحياء الشعبية لبعض المدن المغربية، خصوصاً الدار البيضاء، لإيقاف شباب مراهقين وحلق رؤوسهم رغماً عنهم ليصار بعدها إلى إطلاق سراحهم، حيث أقر أحد الشباب، ويدعى "أيوب"، بتعرضه لحلق شعره بالإكراه في أحد مخافر الشرطة، مؤكداً أن الشرطي أخرج آلة حلاقة وحلق شعره قائلاً: "لقد وفرت عليك 10 دراهم ثمن الحلاقة".
حمزة (35 سنة) يرى أن إقدام المصالح الأمنية على حلق الرؤوس "أمر غير مقبول ولن يكون حلاً لظاهرة التشرميل"، واعتبر ما تقوم به المصالح الأمنية تعسفاً واعتداءً وقمعاً للحريات الفردية.
من جهة ثانية، رأى مصطفى (23 سنة) وهو طالب في كلية الحقوق، أن ّحلق الشعر والاعتقالات التعسفية ردعاً لشباب "التشرميل" ما هو إلا مظهر من مظاهر التخلف والظلم والقمع والاعتداء على الغير من دون حق، ولا علاقة له بتطبيق مقتضيات القوانين الجاري بها العمل في محاربة الجريمة.
أما أمين (22 سنة)، فأكد أن تسريحة الشعر التي يختارها بعض الشباب الذين يتبعون الموضة والتقاليع الشبابية، وبعض الألبسة الغالية، والأحذية الرياضية ليست معياراً لكي نصنف الشباب في خانة المجرمين، داعياً رجال الأمن إلى التعقل أكثر. "هناك بعض الشباب اختار إطالة شعره والاعتناء به، فهل يكون ذلك شبهة ومدعاة لحلقه؟ هل يعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين، تحديد المجرمين عن طريق لباسهم وتسريحة شعرهم؟".
وعلّق أحد الآباء على الموضوع قائلاً: "هذه فوضى أمنية تمارس في حق أبنائنا، لماذا يلاحقون شباباً اختاروا تصفيف شعرهم كما يريدون؟"، واسترسل قائلاً: "أصبحنا خائفين على أبنائنا وهم يغادرون إلى المدارس أو لممارسة الرياضة أو حتى عندما نرسلهم لجلب غرض ما، من سيارات "الحلاقة المتنقلة""، في إشارة ساخرة إلى سيارات الشرطة.
في المقابل، استحسن البعض تكثيف هذه الحملات الأمنية، معتبرين أن بعض الآباء تهاونوا في القيام بدورهم التربوي وأعطوا حرية مطلقة لأبنائهم، الذين استخدموها بشكل سلبي، الأمر الذي أنتج مجرمين وتسبب في بروز ظاهرة "التشرميل".
ويقول خالد (45 سنة): "أصبحت أمضي في طريقي للعمل وأنا خائف من أن يعترض سبيلي أحد المشرملين. يجب تكثيف الحملات الأمنية للحد من انتشار المجرمين".
وقال رضوان الذي أيد ما يقوم به رجال الشرطة: "من العيب والعار أن ندافع على مثل هؤلاء الشباب الجاهل الذين تجب معاقبتهم وترهيبهم كما يقومون بترهيبنا والاعتداء على حقوقنا. هكذا ينبغي أن يعامل هؤلاء المجرمون، فقد استفحل الوضع وبات المراهقون بطلَّاتِهِم المقززة وقصّات شعرهم المنفِّرة تشمئز منهم النفوس، يخيفون الناس بمظهرهم، فما بالك إذا ما أخرجوا عليك السكاكين والسيوف".
ولم يخف ضحايا حلاقة الرؤوس غضبهم وحرقتهم لما وصفوه باغتصاب لرؤوسهم، حيث عبّر أحدهم عن ألمه العميق لخسران خصلات شعره الطويل الذي أمضى سنوات يعتني به لكي يبدو على الشكل الذي كان عليه متحدياً كل الأعراف والتقاليد وضارباً عرض الحائط بنصائح الوالدين والأقارب ليأتي رجل أمن يلبي لكل هؤلاء رغبتهم القديمة. وعبّر لنا عن حزنه الدفين قائلاً: "لا علاقة لي بالاجرام ولا بـ"المشرملين" ولست من ذوي السوابق، لكنهم اغتصبوا شعري الذي أمضيت سنوات وأنا أعتني به. هذا ظلم".
ليس الحزن وحده الذي يتملك الشباب محلوقي الرؤوس فحسب، ففي مفاجأة غير سارة أقدم أحد الشباب (25 سنة) الأسبوع الماضي كان قد تعرض لحلق شعره الطويل، في منطقة سيدي بطاش نواحي مدينة بنسليمان، على الانتحار بعد شعوره بالإهانة عندما أمر قائد المنطقة بحلق رأسه بالقوة، وكان برفقة اثنين من أصدقائه، حسب تصريحات لأقاربه.