فقد ضرب تفجيران بسيارتين مفخختين، مدينة السماوة عاصمة محافظة المثنى (جنوب العراق)، والتي تعتبر هادئة نسيباً مقارنة بباقي مناطق العراق.
واستهدف التفجيران مرأباً خاصا لوقوف سيارات الأجرة وسط المدينة مساء أمس الأحد، راح ضحيتهما وفقاً لتقارير السلطات الصحية أكثر من 100 قتيل وجريح بينهم أطفال.
وتبنى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الهجوم، مبرراً ذلك، بقائمة طويلة من الذرائع والحجج التي لا تسمن إلا حقل الفتنة الطائفية بالعراق، التي يتقاسمه معها حسب الأهالي مليشيات "الحشد الشعبي"، والتي تمعن هي الأخرى بعمليات لا تقل إرهاباً عن "داعش" في الجزء الثاني من العراق.
وأعلن الحداد العام في المدينة وضواحيها على أرواح الضحايا، فيما أطلقت منظمات حملات للتبرع بالدم بعد عجز المستشفيات بالمدينة على التعامل مع العدد الكبير للجرحى.
إلى ذلك، أعلن مستشفى السماوة الحكومي في بيان صدر عنه اليوم الاثنين، مقتل واصابة 102 من المواطنين وأفراد الأمن.
وأوضح البيان الذي وصل "العربي الجديد" نسخة منه، أن "حالات بعض المصابين خطرة جداً".
كما أعلنت عدد من المحافظات المجاورة لمدينة السماوة حالة الطوارئ تحسباً لوقوع اعتداءات مماثلة فيها.
ووفقاً لمصادر أمن عراقية بالمدينة، فإن عمليات أمنية واسعة بدأت بحثاً عن المتورطين بالتفجير.
وقال مسؤول بالشرطة العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "التفجيرات نفذت بواسطة خلايا نائمة لـ(داعش) ونسعى للعثور عليها".
وفي حي واحد من أحياء المدينة (السوق)، نصبت ست خيم كبيرة لضحايا من أبناء الحي قتلوا جميعاً.
ويقول الحاج ماجد حسين الشمري (51 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، خلال تواجده في عزاء حفيده محمد (16 عاماً)، إن "الأخير، قتل بالتفجير الثاني خلال محاولته البحث عن شقيقه الذي ذهب لجلب الخبز من الفرن".
وأضاف الشمري، أن "الحي فقد ستة شبان كانوا بعمر واحد، أحسنهم حالاً لم يكن قادراً على إشباع بطنه. جميعهم من الفقراء وكانوا أصدقاء".
ويتابع المتحدث ذاته، أن "الموت لا يستثني بالعراق أحدا. رحلوا وتركوا خلفهم أطفالا وأمهات وزوجات وعوائل تندب حظها... حسبنا الله ونعم الوكيل".
بدوره يقول والد أحد الضحايا خلال تواجده بالمستشفى لـ"العربي الجديد"، إنه فقد "ابناً فقيراً طيباً".
ويحكي بحسرة، كيف أنه "تمنى لو مات بدلاً عنه بالانفجار. أنا الآن بالمستشفى ليس لاستلام جثمان ابني، إنما بسبب زوجتي التي أصيبت بأزمة قلبية بعد سماعها النبأ".
وسُميت محافظة المثنى وعاصمتها مدينة السماوة، المنكوبة، باسم القائد الإسلامي المثنى بن حارث الشيباني، الذي خاض معركة تحريرها من الإمبراطورية الفارسية.
ويقطنها خليط من العشائر العربية القديمة التي تعد امتداداً، للعشائر العربية الموجودة في السعودية المجاورة، ويطلق عليها اسم "عروس الجنوب" لجمال طبيعتها، إذ أضفى عليها نهر الفرات سحراً آخر جعلها لعقود طويلة خلت مقصداً للسياحة الداخلية.