صفاء قالت لـ"العربي الجديد" إنها تخشى أن تضاعف السياسة الجديدة أسعار السلع الضرورية، مثل اللحوم والدقيق والعدس والخضر والألبان، التي تعتمد عليها أسرتها المكونة من 5 أفراد، مشيرة إلى أن الحكومة باتت في حالة اضطراب تام في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، حيث جربت العديد منها وكانت النتيجة واحدة، وهي الفشل في رفع المعاناة المعيشية التي يكابدها المواطن "المغلوب على أمره".
لا يتوقف القلق من مآلات الأوضاع الاقتصادية على ربات البيوت وحدهن، لكن تلك الحالة تتضاعف لدى الموظفين، ومنهم الضو سليمان (28 عاماً) الذي يعمل حارساً أمنياً في إحدى الشركات بالخرطوم، إذ يقول لـ"العربي الجديد" إنه يعتمد على مرتب لا يتجاوز 1300 جنيه سوداني تعادل 40 دولارا، بحسب السعر الرسمي لبنك السودان المركزي.
وشدد على أن أي سياسة جديدة ينبغي عليها الاهتمام بتوفير أبسط احتياجات المواطن بأسعار معقولة تتناسب مع الرواتب التي ظلت كما هي هذا العام من دون زيادة، مشيراً إلى أن المواطن يهتم أكثر بسلع مثل السكر والدقيق والصابون والزيوت، ولا يرغب في أن تطاولها يد الزيادات.
وقد تخف درجات القلق عند صغار التجار، ومنهم الشيخ بشير، صاحب محل تجاري في وسط الخرطوم، فهو يقول لـ"العربي الجديد": "نحن مثل غيرنا ننتظر التطبيق الواقعي للسياسات الجديدة، خاصة ما يلي سياسة سعر الصرف ومتى ما كان هناك ارتفاع في الأسعار التي نشتري بها من كبار التجار، سنضطر نحن لزيادة الأسعار التي نبيع بها للمواطنين".
ويوم الخميس الماضي، صادقت حكومة رئيس الوزراء الجديد، معتز موسى، على السياسات الاقتصادية الجديدة في جلسة طارئة استمرت لخمس ساعات، وبموجب تلك السياسات أعلن موسى أن الحكومة ستخرج نهائياً من تحديد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، مع إلغاء السعر التأشيري، على أن تتكون لجنة محايدة من ممثلي البنوك والصرافات منوطاً بها إعلان سعر الصرف، وفقاً لعوامل العرض والطلب من دون أي تدخل إداري من الدولة، مشيرا إلى أن اللجنة ستباشر عملها اعتباراً من غد الأحد.
وألغت السياسات الجديدة قيود الاستيراد التي فرضها العام الماضي على 19 سلعة غذائية ومواد أخرى، في محاولة لتقليص عجز الموازنة المالي وحماية الجنيه السوداني. ويتوقع مراقبون تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار خاصة في الفترة الأولى من التطبيق، وقد بدأت مؤشرات ذلك مبكراً، فقبل أن تجتمع اللجنة المحايدة وبمجرد الإعلان عن السياسات فقط، قفز سعر الدولار من 41 جنيهاً إلى 47، ثم توقفت عمليات البيع والشراء بشكل شبه كلي انتظاراً لإعلان السعر الجديد، لكن محافظ بنك السودان، محمد خير الزبير أكد أن أسعار العملات الأجنبية ستعود إلى الاستقرار بعد مدة من تطبيق السياسات الجديدة.
توقعات متباينة للأسعار والتحويلات
في السياق، يقول أبو القاسم إبراهيم، الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، إن السياسات الجديدة سيكون لها تأثير سلبي كبير على أسعار 93% من السلع التي يستهلكها المواطن السوداني ويتم استيرادها من الخارج، بخاصة إذا لم يوفر بنك السودان الاعتمادات النقدية الأجنبية للمستوردين وتركهم يبحثون عنها في السوق الموازي.
لكن سمير قاسم، أمين السياسات في اتحاد أصحاب العمل، يقلل من حجم مخاطر السياسة الجديدة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن تسمية لجنة لتحدد يومياً سعر الصرف للدولار مقابل الجنيه سيكون له أثرفي جذب مدخرات المغتربين المقدرة بـ4 مليارات دولار، كما سيسهم في جذب الذهب من المعدنين التقليديين لبيع إنتاجهم من الذهب للحكومة بسعر مجز بالنسبة لهم، مبينا أن كل ذلك سيردم فجوة العجز في الميزان التجاري الذي يراوح بين 5 و6 مليارات دولار.