المجلس العسكري يدعو لانتخابات عامة في السودان... والمعارضة ترفض وتتمسك بالميدان
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي، في بيان فجر اليوم الثلاثاء، وقف عملية التفاوض مع قوى "الحرية والتغيير"، وتشكيل حكومة انتقالية لتنظيم انتخابات عامة في البلاد في غضون تسعة أشهر.
جاء ذلك في بيان تلاه رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، قائلاً إن الجيش السوداني "لن يقف عقبة في وجه التغيير"، وتعهد بأن المجلس "سيسلم الحكم لمن يختاره الشعب".
وأعلن أيضاً "وقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وإلغاء الاتفاق" المبرم معها، وتشكيل حكومة تسيير مهام لإدارة الفترة الانتقالية وتنظيم انتخابات عامة في غضون 9 أشهر، تتم برقابة دولية وإقليمية".
وتابع: "القوى السياسية التي تحاور المجلس العسكري تتحمل ذات المسؤولية في إطالة أمد التفاوض بمحاولة إقصاء القوى السياسية والقوى العسكرية والانفراد بحكم السودان لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرَض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضاء العام".
من جهة أخرى، دعا برهان "النيابة العامة للتحقيق في أحداث العنف ومقتل المتظاهرين بساحة الاعتصام"، مؤكداً "الاستمرار في محاسبة واجتثاث كل رموز النظام السابق".
من جانبه وصف تجمع المهنيين السودانيين إعلان المجلس العسكري بالمحاولة المتجددة للاستيلاء على السلطة، داعياً إلى مواصلة الاعتصام في العاصمة والأقاليم.
وقال تجمع المهنيين في بيان نشر على صفحته الرسمية على "الفيسبوك"، إن "بيان العسكري كشف المخطط القديم المتجدد معلناً تشكيل حكومة تسيير والتحضير لانتخابات 2020، وهو المسار ذاته الذي بدأه سلفه السافل"، مشدداً على أن "لا المجلس الانقلابي ولا مليشياته وقياداتها هي التي تقرر مصير الشعب، ولا كيفية انتقاله لسلطة مدنية".
Facebook Post |
ولفت التجمع في بيانه إلى أن "الشعب السوداني لم يساوره الشك في أن نية الانقلابيين هي الغدر وعهدهم هو خلف العهد".
وبيّن أن "رغم لعلعة السلاح وزخات الرصاص الجبان الذي استمر في حصد الأرواح واخترق الأجساد المسالمة للمواطنين العزل طيلة ثلاثة وخمسين يوماً، إلا أن الاعتصامات تواصلت بعزم يفل الحديد وإصرار يحير كل عنيد".
وذكّر البيان بالمجزرة التي ارتكبت أمس، قائلاً: "يد البطش لا ترتوي من الدماء، وجعبة المجرمين لا تخلو من الخديعة، فقد انتهزت فجر اليوم الأخير لشهر رمضان توقيتاً، لتروِّع المعتصمين والثوار السلميين وتعمل فيهم آلة القتل والقمع والسحل، وتضرب بالسياط كل من يصادف عيونها، فحتى الشيوخ والنساء والأطفال لم يسلموا من العنف والترهيب".
وبيّن أن "النظام القديم المتجدد يحاول رسم سيناريو مسرحية كذوب عبر شاشات التلفاز، ولكنه لا يعلم أنها مسرحية حُرقت، وما مخطط إعلان الانتخابات والتنصل من الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وإعلان تشكيل حكومة إلا هزال بعضه فوق بعض".
وجدد البيان التأكيد أن "عهدنا ماضٍ بسلميتنا المعلومة وثورتنا مستمرة ومواكبنا على مجمرة الغضب، وتظاهراتنا تستوي في قِدر الزمن وإضرابنا معراجنا وعصياننا المدني سراجنا المنير".
كما أكد أن "الإضراب السياسي متواصل والعصيان المدني الشامل مستمر حتى إسقاط النظام".
وفضت قوات أمنية، صباح أمس الإثنين، الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في العاصمة الخرطوم؛ ما أسقط 35 قتيلا ومئات الجرحى، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة بالمعارضة.
ورداً على فض الاعتصام وسقوط القتلى والجرحى، أعلنت قوى الحرية والتغيير وقف التفاوض مع المجلس العسكري والدخول في عصيان مدني. وأكدت أن منطقة الاعتصام لا تضم الآن إلا أجساد القتلى الذين لم يتسن إجلاؤهم.
وتعهدت قوى التغيير بتقديم قادة المجلس العسكري لمحاكمات أمام قضاء عادل ونزيه في "سودان الثورة"، وقالت إنهم يتحملون مسؤولية إراقة الدماء.
وأغلقت احتجاجات المعارضة وحواجز الثوار شوارع الخرطوم وعدة مدن أخرى، ويعاني سكان العاصمة من صعوبة في التنقل، إضافة إلى إغلاق المحال التجارية، في ظل استمرار انقطاع خدمة الإنترنت عن عموم البلاد.
وتأتي الاحتجاجات والإغلاقات استجابة لدعوة تجمع المهنيين السودانيين المواطنين للاحتشاد، اليوم الثلاثاء، في ميادين الأحياء لأداء صلاة العيد وصلاة الغائب على "أرواح شهداء فض الاعتصام". وتسيير المواكب بعد صلاة العيد وإغلاق الطرق وشل الحياة العامة والمؤسسات الحيوية.
وفي حين أعلن تجمع المهنيين السودانيين أن اليوم الثلاثاء هو أول أيام العيد، أعلنت دار الإفتاء السودانية أن غدا الأربعاء هو أول أيام العيد، مما تسبب في تشتت المواطنين إذ صام البعض بينما صلى البعض الآخر صلاة العيد.
وتتهم قوى التغيير المجلس بالرغبة في الهيمنة على عضوية ورئاسة مجلس السيادة، أحد أجهزة السلطة المقترحة في المرحلة الانتقالية، بينما يتهم المجلس قوى التغيير بأنها لا تريد شركاء حقيقيين لها.
وعزلت قيادة الجيش السوداني عمر البشير من الرئاسة، في 11 إبريل/ نيسان الماضي، بعد 30 عاما في الحكم؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر العام الماضي، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وبدأ الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في 6 إبريل/ نيسان الماضي، للمطالبة بعزل البشير، ثم استُكمل للضغط على المجلس العسكري، لتسريع عملية تسليم السلطة إلى مدنيين، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي، كما حدث في دول عربية أخرى.