وعادت الأوضاع إلى طبيعتها بتوفر الخبز في المخابز على مدار اليوم، وهو ما دعا الغرفة القومية للدقيق لتكوين لجنة لضبط ورقابة حصص دقيق المخابز.
واشتدت أزمة الخبز على مدى الثلاثة أسابيع الماضية وبلغت ذروتها خلال عطلة عيد الأضحى، حيث أغلقت معظم المخابز أبوابها أمام المواطنين بحجة نقص العمالة، حيث أدى ذلك إلى تشكيل طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز الأمر الذي دعا الحكومة إلى التدخل في أعلى مستوياتها.
وتدخلت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بزيادة دعم جوال دقيق الخبز إلى 250 جنيهاً بدلاً عن مائة جنيه، وأرجعت ولاية الخرطوم الأزمة إلى نقص إمداد الدقيق في حين عزا مسؤولو المطاحن أسباب الأزمة إلى انعدام الوقود وانقطاع التيار الكهربائي.
وفى ظل تفاقم أوضاع المخابز سرت أنباء شعبية تشير إلى عزم الحكومة زيادة أسعار الخبز، إلا أن والي ولاية الخرطوم التي تستهلك 45 ألف جوال من الدقيق في اليوم، عبد الرحيم محمد حسين، قطع بعدم الزيادة.
ووجد انفراج الأزمة قبولاً واستحساناً من جموع المواطنين، وقالت المواطنة عزيزة ابراهيم لـ"العربي الجديد"، حسنًا فعلت الخرطوم بتشديد الرقابة على المطاحن والمخابز والوكلاء. وأضافت، أن توفر الخبز يأتي تزامناً مع بدء الدراسة في المدارس ما يعد أمراً جيداً للطلاب للحصول على الوجبات بطريقة سهلة.
وقال المعلم بشير بخاري لـ"العربي الجديد"، إن بداية الدراسة عقب عيد الأضحى في ظل انعدام الخبز كان يشكل هاجساً كبيراً في كيفية التعامل مع إفطار الطلاب، إلا أن توفر الخبز جعلنا نطمئن بشكل كبير على انسياب الدراسة بشكل طبيعي دون معوقات. وقال إن جميع طلاب المدارس يعتمدون في وجباتهم على الخبز سواء من المنازل أو حتى من المدارس التي توفر بعض الوجبات لهم.
وشكلت الغرفة القومية للدقيق لجنة ضمت أجهزة أمنية ورقابية ووزارة المالية والمطاحن بجانب اتحاد المخابز واللجان الشعبية في الأحياء وعدد من الجهات المختصة، وأكدت أن جميع الضوابط والمعالجات شرعت الأجهزة المعنية في إنفاذها، خاصة الجوانب المتعلقة بتوزيع الحصص للمخابز بالخرطوم والولايات، وقطعت بانتظام عمليات الترحيل وضبطها بصورة مشددة، تفادياً للتسريب والعوائق التي يمكن أن تمنع وصول الحصص للمخابز.
وكشفت جولة ميدانية لـ"العربي الجديد"، على عدد من مخابز الخرطوم اليوم الأربعاء، توفر الخبز بكميات كبيرة أدت للقضاء على طوابير المواطنين، وأكد صاحب مخبز السلام محمد المهدي انتهاء الأزمة بعدما استلم مخبزه حصته المقررة له كاملة من الوكيل، مشيراً الى المجهودات التي بُذلت في سبيل توفير الدقيق، خاصة بعد تشكيل لجنة مراقبة تعنى بوصول الدقيق ومراقبة إنتاج المخبز والأوزان المحددة، إضافة إلى الإشراف على عمليات النظافة وانتظام عمل العاملين.
وفى سبيل استدامة توفر الخبز، حذر اقتصاديون من عودة الصفوف أمام المخابز إذا تراجعت الأجهزة الرقابية عن القيام بدورها، وطالب الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم في حديثه لـ"العربي الجديد"، الحكومة بالتدخل بصورة أكبر من الحالية مقللاً من حجم المعالجات الحكومية للأزمة.
ورهن التوم اختفاء الصفوف من المخابز بصورة مستديمة باستمرار الرقابة اللصيقة، وقال إنه بمجرد تشديدها اختفت الصفوف، لافتاً إلى أن هذه الخطوات تعني وجود جهات تتلاعب في الدقيق خارج القنوات الرسمية.
ويحمّل الخبير الاقتصادي ميرغني بن عوف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، الحكومة أسباب الأزمة، مشيراً إلى أنه "سيان عند المواطن إن كان سبب الأزمة نقص الوقود أم غياب الغاز أو دقيق الخبز، فالمواطن ليس مسؤولاً عن توفير مدخلات صناعة الخبز، وبما أنها مسؤولية الحكومة، فلا عذر لها إن فشلت في توفيرها".
وعانت صناعة الخبز في السودان منذ مطلع العام الحالي من صعوبات جمة بعد إقرار موازنة رفعت الدعم عن الخبز، فارتفع جوال الدقيق من 270 جنيهاً لأكثر من 500 جنيه، وتبعاً لذلك تضاعف سعر قطعة الخبز بنسبة 100%، كما أدى ارتفاع معدلات التضخم لمستويات فلكية لانفلات الأسعار بشكل عام، فارتفعت مدخلات إنتاج الخبز من الخميرة والمحسنات لما يقارب 200% من سعرها السابق.