يعيش السوريون أوضاعاً معيشية صعبة، فإلى جانب الدمار اليومي الذي يتعرضون له جراء حرب النظام السوري على الشعب، يواجهون أزمات متفاقمة، ومنها ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء وهبوط سعر العملة المحلية، وتلقي بظلالها على قوت المواطنين اليومي.
ولعل تلك الأزمات وغيرها، هي التي أجبرت السوريين على اللجوء إلى لحوم رخيصة الثمن لا يعرفون مصدرها، في ظل ضعف رقابة الجهات المختصة.
يقول طالب جامعي من مدينة حماة، لـ"العربي الجديد"، إن استمرارهم في أكل الفلافل
والبيض، جعلهم يتمنون اللحوم. ويضيف الطالب، الذي رفض ذكر اسمه، "نذهب أحياناً لشراء اللحوم بمنطقة المرجة لنكسر روتين الفلافل والبيض عبر أكل سندويش اللحم الرخيص رغم عدم معرفتنا بمصدرها".
وفي حين اختصر سائق السرفيس، أبو عدنان، أن اللحم أطيب من الفلافل، ولو كان لا يعرف مصدرها، أضاف الطالب الجامعي: "نشك بنوعية اللحمة، وأتهامس وزملائي عن مصدرها، لكن التوابل والبهارات التي يضعها البائع، تغيّر طعم اللحم حتى لو كان فاسداً.. فشراء كيلو اللحم قد يحتاج أكثر من مصروفنا طيلة الشهر".
وأعلنت وزارة التجارة الداخلية السورية، في تقرير صدر أخيراً، أنها ضبطت مخالفات في الأسواق التي يسيطر عليها نظام الأسد، وتقدّر بنحو 52 ألف مخالفة بنهاية 2014، وهو ضعف المخالفات خلال 2013، بحسب التقرير، كما أعلنت دائرة الخزن في مدينة السويداء، أصغر مدن الجنوب السوري، عن سحب 5 آلاف علبة "مرتديلا" مخالفة للمواصفات.
كما أعلنت محافظة دمشق أخيراً، في اجتماع رسمي، أن اللحوم المشوية التي تباع في شوارع دمشق " لحوم كلاب"، في حين كشف وزير الصحة قبل أيام، ومن داخل منشأة لتصنيع اللحوم، "مرتديلا"، أن اللحوم التي تباع للمواطنين "غير صالحة للاستخدام البشري".
وقال الخبير الاقتصادي السوري، حسين الجميل، إن ما يحدث يعدّ "تآمراً على حياة السوريين وإعلان صريح عن انهيار الدولة".
وأضاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "إن عربات شواء اللحوم تنتشر في دمشق، وخاصة في منطقتي العباسيين والمرجة، مشيراً إلى أن تدني أسعارها يثير الشك في نوعيتها".
وبحسب الجميل، فإن ساندويش اللحم في الأسواق الشعبية يباع بنحو 150 ليرة سورية (الدولار = 224 ليرة)، في حين يزيد الساندويش بالمطاعم الأخرى عن 350 ليرة.
وقال مدير الشؤون الصحية في محافظة دمشق، طارق صرصر، خلال اجتماع بالمحافظة، في تصريح سابق: "إن نوعية اللحوم المستخدمة على عربات وبسطات المشاوي بالعاصمة دمشق من الممكن أن تكون لحم قطط أو كلاب أو لحوم فاسدة في أحسن الأحوال" وهو ما يفسر تدني سعر تلك اللحوم.
وكانت أسعار اللحوم في سورية قد شهدت ارتفاعات مستمرة منذ بداية الثورة عام 2011، حيث زاد سعر كلج لحم الخروف في دمشق عن 3 آلاف ليرة سورية، ولحم العجل عن ألفي ليرة، كما تراجعت الثروة الحيوانية في سورية.
وبحسب إحصاء عام 2011، يؤكد أن لدى سورية 19 مليون رأس غنم، تراجعت إلى أقل من النصف بسبب التهريب والتصدير وخروج المربين من المهنة، بعد ارتفاع أسعار الأعلاف والخطر الذي يلاحق السوريين بسبب الحرب الدائرة.
وقام وزير صحة نظام الأسد، نزار يازجي، أخيراً بجولة على معمل مرتديلا "زينة" في ريف دمشق، في ما وصفه مراقبون بـ"الحركة الاستعراضية"، حيث فوجئ المرافقون بأكياس لحوم فاسدة ومجهولة المنشأ مكدسة داخل المعمل، ما أجبر الوزير على الإعلان أن المواد الداخلة في تصنيع المرتديلا "غير صالحة للاستخدام البشري، ما يشكل تهديداً لصحة المواطنين"، لتغلق المنشأة في اليوم التالي بالشمع الأحمر، بعد أن صادرت مديرية صحة ريف دمشق طناً ونصف الطن من اللحوم الفاسدة داخل المنشأة.
واكتفى الوزير بالقول إن اللحوم التي ضبطت "غير صالحة للاستخدام البشري"، وقال
الجميل: "أغلقت منشأة المرتديلا بالشمع الأحمر، لكن إعلاناتها الطرقية ما زالت في شوارع دمشق ومكتوب عليها: لحم حلال"، وهو ما يعني تخبّط حكومة الأسد وعدم قدرتها على إدارة الأسواق في البلاد.
ولم يخفَ على متابعي الثورة السورية أن أهالي مدينة حمص أكلوا خلال حصارهم لزهاء العامين القطط والكلاب، كما فعل سكان مخيم اليرموك ومدن غوطة دمشق، في حين رأى محمود عبد الرحمن، مسؤول إغاثة في ريف إدلب، أن المساعدات الغذائية الدولية خلت من اللحوم منذ زمن، موضحاً أن الاستيراد من تركيا يسد بعض الحاجة في محافظات شمال سورية، حلب وإدلب، وبأن سعر اللحوم المستوردة يتناسب مع واقع السوريين.
اقرأ أيضاً:
السوريون مجبرون على الصيام.. وبراميل الأسد تفجر الأسعار