بعد استمرار النظام بعمليات الانتقام الممنهجة من المدنيين من خلال البراميل المتفجرة التي تُرمى على مراكز تجمع المدنيين بشكل عشوائي، لجأ المواطنون إلى إعمار بيوت لهم ضمن الأراضي الزراعية، لتفادي خطر البراميل قدر الإمكان، مع مزيد من الإصرار على العيش ضمن أسوأ ظروف قد يعيشها إنسان.
ومع كل اتفاق يتضمن وقف القصف على المدنيين يعود المدنيون إلى نشاطهم ويقيمون المشاريع وكأنهم يعيشون في بلد آمن مع عدم قناعتهم بجدوى تلك الاتفاقات، ومع قناعاتهم بأن الدول التي تتصدى للقيام بدور الضامن للاتفاقات ستخذلهم، وأن المدنيين ليسوا فقط غير موجودين على قائمة اهتمامات تلك الدول بل قد يضحى بهم في أية لحظة كما حصل مراراً للضغط على المعارضة.
الآن ومع الثبات النسبي لاتفاق "تخفيف التوتر" في سورية (رغم الاختراقات التي تحصل بين الحين والآخر)، ومع وجود مناطق لا يجرؤ طيران النظام على التحليق ضمن أجوائها بسبب وجود القوات التركية فيها، أي مناطق عمليات درع الفرات، تشهد مناطق المعارضة دخولاً غير مسبوق للسوريين اللاجئين في تركيا، خصوصاً مع تمديد السلطات التركية فترة السماح للسوريين بزيارة سورية والعودة إليها لثلاثة أشهر ضمن ما يعرف بإجازة العيد، إذ يحاول كثير منهم اختبار إمكانية البقاء بشكل دائم من خلال الاستفادة من هذه الفترة الطويلة. في المقابل تشهد مناطق سيطرة غرفة عمليات درع الفرات نشاطات غير مسبوقة تجارياً وصناعياً وزراعياً من خلال مشاريع توحي بأن من يقوم بها يخطط لاستقرار على المدى البعيد، وذلك بسبب الشعور بأن تلك المناطق هي مناطق آمنة "من قصف الطيران على الأقل" على المدى البعيد، ليثبت السوريون تمسكهم بالعودة لبلدهم والاستقرار فيه رغم كل الظروف من دون أدنى شعور باليأس رغم كل سنوات الحرب ورغم كل الخذلان الذي تعرضوا له من المجتمع الدولي.