مستخدم هذه المواقع لم يعد شخصا عاديا، والجهاز الذي بين يديه لم يعد أداة بسيطة للمكالمات والرسائل، أنت الآن مراسل بكامل عدتك وعتادك: الكاميرا، المايك، الإنترنت، البث المباشر وأدوات تحرير الصور والفيديو، ماذا بعد؟ أنت صحافي بمعناه الحقيقي أو كما يروق للبعض تسميتك بالـ "مواطن الصحافي"، كثيرة هي اللحظات التي تقف فيها قنوات الأخبار عاجزة عن الحصول على صورة من موقع الحدث، لا تجد سبيلا لخروجها من هذا المأزق سوى أحد هؤلاء المواطنين الصحفيين الذي وثق تلك اللحظة بعدسة هاتفه الذكي ونشرها على أحد مواقع التواصل.
الجمهور يصنع الخبر
ما لا يعلمه كثير من مستخدمي هذه المواقع، أنهم أصبحوا جزءا من الخبر اليومي لغرف الأخبار، وأصبح هناك فرق متخصصة لمتابعتهم ومعرفة آخر التطورات من خلالهم، الهاشتاغ الذي يتفاعل معه المستخدمون يصنع خبرا، المنشور الذي يصنع علامة فارقة ويتداوله الآلاف يصنع خبرا، التغريدة التي تحتوي قصة أو موقفا تصنع خبراً، تفاعلاتك مع أحداث معينة تصنع خبرا، أنت الآن كمستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي لم يعد استخدامك لهذه المواقع مجرد تواصل وكلام ومحادثات، الآن أصبح بإمكانك أن تصنع مظاهرة "إلكترونية" ذات تأثير كبير تتابعها كل وسائل الإعلام يصل صداها في كثير من الأحيان إلى صُناع القرار.
تنافس على أدوات صناعة الخبر
مواقع التواصل الاجتماعي تنبهت لمدى أهمية مواقعها لدى غرف الأخبار، وأصبحت تدرك أن الصحافي الآن أصبح يُعنى بمتابعة هذه المواقع بشكل حثيث وأصبحت مجالا واضحا للمنافسة بين الصحف والمجلات وقنوات التلفزة، وعليه ابتكر أبرز موقعين للتواصل الاجتماعي (فيسبوك - تويتر) أدوات تسهل على الصحافيين عمليات البحث والمتابعة:
1- إشارة
أعلن موقع فيسبوك مؤخرا عن إطلاق خدمته الجديدة الخاصة بالصحافيين تحت اسم "Signal" أو "إشارة".
وتهدف الخدمة الجديدة إلى مساعدة الإعلاميين بشكل كبير على جمع الأخبار من خلال منصتي فيسبوك وإنستغرام واستخدامها لخدمة قصصهم وتقاريرهم الإخبارية باختلاف مضامينها السياسية أو الثقافية والترفيهية، وحتى الرياضية منها.
2- "مومنت"
"اللحظات" أو Moments ميزة جديدة أطلقها موقع تويتر يستطيع من خلالها المستخدمون العثور على أفضل ما يحويه موقع تويتر بسهولة، وذلك بغض النظر عن الأشخاص الذين يتابعهم المستخدم، وذلك من خلال النقر على تبويب جديد يُسمى "اللحظات" يُعرض فيه أبرز ما يتم تداوله من المغردين.
المفبركون
رغم هذا الزخم الكبير جدا من المواد والأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك في حقيقة الأمر سلاحٌ ذو حدين، فليس كل ما تجده على مواقع التواصل الاجتماعي يؤخذ كحقيقة مسلمة، هذه المواقع مليئة بالأخبار الكاذبة والصور والفيديوهات المفبركة، وكثير من الأحيان تقع المواقع والقنوات فريسة لمثل هذه الألاعيب، وسواء كان نشرها أو تناقلها عن قصد أو غير قصد، يبقى دور هذه القنوات والمواقع التثبت والتحقق، وصناعة فرق خاصة لذلك.
الرصد والتحقق
من المحزن حقا أن معظم الناس ومنهم صحافيون مخضرمون ينظرون لعملية التحقق على أنها مهمة بسيطة للغاية ولا تحتاج لجهد كبير، إلا أنه على أرض الواقع ثبت أنها عملية لها إجراءاتها، ومن النادر نسبيا أن توفر جميع تلك الفحوص إجابة شافية وافية، الكثير من الناس يجتهدون لخداع المؤسسات الإخبارية والجمهور عمدا وذلك عن طريق إنشاء حسابات وهمية، أو تحرير الصور ومقاطع الفيديو على سبيل المثال، لذلك تجدر الإشارة إلى أنه يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتنبه إلى أهمية هذا القسم في غرفة الأخبار وأن تحرص بشكل حثيث على تدريب معظم صحفييها على إتقان هذه المهارة، وهو ما يحتاج إلى الممارسة والمتابعة الدائمة حتى تصل إلى مرحلة الاحتراف.
همسة
مواقع التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت واقعا معاشا يصعب الاستغناء عنه أو غض الطرف عمّا يحتويه، سواء كنت من المستخدمين العاديين أو كنت من الصحافيين فيجدر التذكير دائما بأن تضع في حسبانك دائما عند مشاهدتك أو قراءتك لأي منشور افتراض عدم صحته واحرص كل الحرص على التحقق والتثبت منه، وفي هذا الجانب عالم كبير نكتب عنه في مقالات قادمة إن شاء الله.
(سورية)