تُعتبر السوق السوداء في موريتانيا القاعدة لا الاستثناء؛ إذ تدخل كل المنتجات تقريباً إلى البلاد عبر الوسطاء غير الشرعيين. لا بل تخضع المنتجات المحلية للسوق السوداء، وصولاً إلى المواد الغذائية المدعومة حكومياً، من الذهب فالثياب والأحذية والمياه، وصولاً إلى الخدمات الصحية والسكر والزيت والدقيق. كل شيء خاضع للسوق السوداء، إلا أن لتجارة العملات موقعها المحسوم داخل السوق الموريتانية، موقع أصبح يحسب له ألف حساب، كونه يؤثر على مخزون العملة الصعبة في البلاد، لا بل يحكم فعلياً العمليات المالية في موريتانيا.
تجارة العملات
إذ تزدهر تجارة العملات بشكل خاص عبر السوق الموازية الموريتانية؛ حيث تعتبر المصدر الأساسي للحصول على "العملة الصعبة". ولم تفلح محاولات المصرف المركزي الموريتاني للسيطرة على هذه التجارة، لتصبح ظاهرة منتشرة بين كل فئات المجتمع.
في قلب العاصمة نواكشوط وأمام محلات الصرافة، يقابلك عشرات الرجال، يتفحصون في وجوه القادمين، يبحثون عمن يريد تصريف العملة. يعرفون فريستهم جيداً، ويقتربون منها ويهمسون: "دولار. يورو. فرنك أفريقي...".
يُعرف هؤلاء محلياً بـ"التبتابه" و"حلابة السماء" و"تجار ديفيز". كلها أسماء ترمز للشطارة وخطورة المهنة. يتميز "التبتابه" بالتوجس والحذر. طبيعة مهنتهم علمتهم ذلك، خصوصاً أنهم يخافون من الوقوع في شرَك اللصوص وعصابات السرقة.
يقول محمد ولد أحمد ولد مصيدف، وهو متخرج من جامعة نواكشوط في اختصاص علم الاجتماع، إنه اضطر إلى العمل في السوق السوداء بعد تخرجه "لأن الدولة لا تهتم بحملة الشهادات، ولأن هذه هي المهنة المتاحة أمام الشباب العاطل عن العمل. حتى المتقاعدين يأتون إلى تجارة العملات بعد أن يخسروا وظائفهم".
وبالنسبة للدخل اليومي من تصريف العملات، يشرح ولد مصيدف أنه يحصل يومياً على تسعة دولارات تقريباً كربح، لأنه لا يتوفر على رأسمال كبير من العملات. "أما من يتوفر على رأسمال، فإنه يحصد يوميا 30 دولاراً".
ويضيف أن "المستفيد الحقيقي من هذه التجارة هم أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، فهم يحصلون على مبالغ طائلة، أما بسطاء الباعة في السوق السوداء فهم ملاحقون، برغم أرباحهم الضئيلة".
ويعتبر العديد من التجار أن الإجراءات التي تقوم بها الدولة للتضييق على تجار العملات في السوق السوداء "هدفها التحكم في سعر الصرف، وليس هدفها حل المشكلة بشكل جذري". ويضيف مصدر مطلع لـ"العربي الجديد": "أن بعض النافذين في الدولة مستفيدون من هذه السوق. وقد تفجرت في شهر مارس/آذار الماضي فضيحة تتعلق بمشاركة الوزير أحمد ولد النيني في تجارة العملات في السوق السوداء. وجاء ذلك إثر خلاف بينه وبين شريكه الذي تحدث في هذا الموضوع إلى وسائل الإعلام. الوزير نفى الأمر وقال إن الأموال ليست له وإنما هي وديعة عنده. لكن الموضوع برمته يكشف حجم التغطية الرسمية والتغاضي المقصود عن هذه التجارة".
وبالموازاة، نمت في السنوات الأخيرة وتيرة تهريب السيارات المستعملة من الخارج إلى موريتانيا عبر المنافذ الحدودية. ويقول صاحب معرض لبيع السيارات، يعقوب ولد ايدومو، لـ"العربي الجديد": "إن السيارات المهربة هي الأكثر مبيعاً في موريتانيا لأنها أرخص ثمناً؛ حيث يمكن للمواطن الموريتاني مثلاً شراء سيارة مستعملة من نوع مرسيدس 190 بـ3000 دولار فقط، ثم يقوم بتسجيلها في الجمارك. وهكذا تكون التكاليف الإجمالية في حدود 4000 دولار. أما إذا أراد شراءها من الميناء فلن يحصل عليها بأقل من 7 آلاف دولار".
تجارة العملات
إذ تزدهر تجارة العملات بشكل خاص عبر السوق الموازية الموريتانية؛ حيث تعتبر المصدر الأساسي للحصول على "العملة الصعبة". ولم تفلح محاولات المصرف المركزي الموريتاني للسيطرة على هذه التجارة، لتصبح ظاهرة منتشرة بين كل فئات المجتمع.
في قلب العاصمة نواكشوط وأمام محلات الصرافة، يقابلك عشرات الرجال، يتفحصون في وجوه القادمين، يبحثون عمن يريد تصريف العملة. يعرفون فريستهم جيداً، ويقتربون منها ويهمسون: "دولار. يورو. فرنك أفريقي...".
يُعرف هؤلاء محلياً بـ"التبتابه" و"حلابة السماء" و"تجار ديفيز". كلها أسماء ترمز للشطارة وخطورة المهنة. يتميز "التبتابه" بالتوجس والحذر. طبيعة مهنتهم علمتهم ذلك، خصوصاً أنهم يخافون من الوقوع في شرَك اللصوص وعصابات السرقة.
يقول محمد ولد أحمد ولد مصيدف، وهو متخرج من جامعة نواكشوط في اختصاص علم الاجتماع، إنه اضطر إلى العمل في السوق السوداء بعد تخرجه "لأن الدولة لا تهتم بحملة الشهادات، ولأن هذه هي المهنة المتاحة أمام الشباب العاطل عن العمل. حتى المتقاعدين يأتون إلى تجارة العملات بعد أن يخسروا وظائفهم".
وبالنسبة للدخل اليومي من تصريف العملات، يشرح ولد مصيدف أنه يحصل يومياً على تسعة دولارات تقريباً كربح، لأنه لا يتوفر على رأسمال كبير من العملات. "أما من يتوفر على رأسمال، فإنه يحصد يوميا 30 دولاراً".
ويضيف أن "المستفيد الحقيقي من هذه التجارة هم أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، فهم يحصلون على مبالغ طائلة، أما بسطاء الباعة في السوق السوداء فهم ملاحقون، برغم أرباحهم الضئيلة".
ويعتبر العديد من التجار أن الإجراءات التي تقوم بها الدولة للتضييق على تجار العملات في السوق السوداء "هدفها التحكم في سعر الصرف، وليس هدفها حل المشكلة بشكل جذري". ويضيف مصدر مطلع لـ"العربي الجديد": "أن بعض النافذين في الدولة مستفيدون من هذه السوق. وقد تفجرت في شهر مارس/آذار الماضي فضيحة تتعلق بمشاركة الوزير أحمد ولد النيني في تجارة العملات في السوق السوداء. وجاء ذلك إثر خلاف بينه وبين شريكه الذي تحدث في هذا الموضوع إلى وسائل الإعلام. الوزير نفى الأمر وقال إن الأموال ليست له وإنما هي وديعة عنده. لكن الموضوع برمته يكشف حجم التغطية الرسمية والتغاضي المقصود عن هذه التجارة".
وبالموازاة، نمت في السنوات الأخيرة وتيرة تهريب السيارات المستعملة من الخارج إلى موريتانيا عبر المنافذ الحدودية. ويقول صاحب معرض لبيع السيارات، يعقوب ولد ايدومو، لـ"العربي الجديد": "إن السيارات المهربة هي الأكثر مبيعاً في موريتانيا لأنها أرخص ثمناً؛ حيث يمكن للمواطن الموريتاني مثلاً شراء سيارة مستعملة من نوع مرسيدس 190 بـ3000 دولار فقط، ثم يقوم بتسجيلها في الجمارك. وهكذا تكون التكاليف الإجمالية في حدود 4000 دولار. أما إذا أراد شراءها من الميناء فلن يحصل عليها بأقل من 7 آلاف دولار".