وكانت الحكومة الحالية قد رفعت الدعم عن البنزين والفيول، في صيف 2013، غير أن القرار الجديد، ألغى الاستثناء الذي تمتعت به مادة الغازوال (السولار)، دون غاز الطهي الذي آثرت الحكومة إبقاء دعمه كما هو؛ تجنبا لموجة تضخم هائلة قد يتضرر منها عموم الشعب المغربي.
قرار
وأكد الوزير، أن مراجعة أسعار المنتجات النفطية، وفقا لأسعارها العالمية، تتم وفق حسابات دقيقة، مشيرا إلى أن أسعار البنزين والفيول (وقود صناعي) الموجه لإنتاج الكهرباء والفيول الخاص الموجه للكهرباء، سجلت انخفاضا ابتداء من مطلع الشهر الجاري.
ويُحدد سعر المنتجات البترولية بالمغرب وفقا لأسعار المنتجات المكررة في السوق الدولية وسعر الدولار لدى المصرف المركزي المغربي، ويتبنى المغرب طريقتين، في تحديد الأسعار، حيث يتبع سعر البنزين الممتاز والفيول، لأداء السوق الدولية نزولا أو صعودا، بينما يخضع تحديد سعر "الغازوال" بشكل جزئي لأداء تلك السوق، في انتظار التحرير الكلي لسعر تلك المادة اعتبارا من السنة القادمة.
وقال مصدر حكومي في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن "الحكومة ماضية في إخراج المنتجات النفطية من صندوق المقاصة، حتى تتمكن من تقليص عجز الموازنة"، غير أن ذات المصدر شدد على أن الدعم سوف يقتصر في السنة المقبلة على "السكر والدقيق وغاز الطهي".
انتقادات
ورغم أن الحكومة عمدت في الفترة الماضية، إلى إقرار نظام للمراجعة الدورية لأسعار المنتجات النفطية، إلا أن الانطباع السائد لدى الكثيرين، أنه لا يعكس حقيقة ما يحدث في السوق الدولية، ما يعني عدم حدوث انفراجة في القدرة الشرائية للمغاربة بفضل تراجع أسعار النفط عالميا، وبالتالي عدم انخفاض تكاليف بعض القطاعات الإنتاجية أو الخدماتية، التي تحمّل عبء الزيادة في سعر المحروقات للمواطنين.
وتعالت أصوات تنتقد عدم خفض أسعار المحروقات تماشيا مع تهاوي الأسعار في السوق الدولية بأكثر من الثلث في غضون الأشهر الأربعة الماضية، إلا أن محمد الوفا، وزير الشؤون العامة، اعتبر أن أداء النفط في السوق الدولية، لم ينعكس على الأسعار المحلية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، موضحا أن انخفاض تلك الأسعار يصاحبه دائما ارتفاع سعر صرف الدولار، ما يحول دون انخفاض الأسعار في السوق المحلية، خاصة على المدى القصير.
ويستورد المغرب 96% من احتياجاته من النفط. وسجلت المملكة في السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا بفاتورة تلك المنتجات، حيث قفزت في العشر سنوات الأخيرة من 1.37 مليار دولار إلى نحو 11.4 مليار دولار.
وقال الخبير النفطي، عمر الفطواكي، إن" الحكومة لا تبادر إلى خفض أسعار المنتجات النفطية بما يتماشى مع مستوى هبوطها في السوق الدولية، لأنها تعول كثيرا على الموارد الضريبية التي تجنيها من تلك المنتجات، والتي تصل إلى مليار دولار.
وقال رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، إن رفع الدعم عن المحروقات، بشكل كامل، سوف يُؤدي إلى زيادة أسعار عدد من المنتجات والخدمات، خاصة عندما يمتد تحرير الأسعار إلى الغازوال (السولار) الذي كانت الحكومة التزمت بتحرير أسعار بشكل تدريجي.
وكانت الحكومة قد التزمت بتوفير دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة التي ستعاني من تحرير الأسعار الناجم عن رفع الدعم عن المواد الأساسية، إلا أنها ما زالت لم تف بوعدها ذاك، ما يثير تخوفات من الإمعان في النيل من القدرة الشرائية لتلك الأسر، بل إن هناك من يتخوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى إفقار جزء من الطبقة الوسطى التي تعاني في المغرب من عدم وضوح سياسة الحكومة تجاهها.
منافع
وقالت مديرة صندوق المقاصة، سليمة بناني، في تصريحات سابقة، إن إصلاح منظومة الدعم سيمكن من خلق اقتصادي سليم، والحد من إشكاليات المديونية وتمويل العجز التجاري، موضحة أن إصلاح نظام الدعم سوف يساهم في تحويل مخصصاته إلى مشاريع استثمارية توفر فرص عمل جديدة.
وأبدت الحكومة الحالية الكثير من الحماس والإصرار في سعيها إلى رفع الدعم عن المنتجات النفطية، رغم التخوفات التي أبداها الكثيرون على القدرة الشرائية للمغاربة، حيث بدت الحكومة محكومة بهاجس خفض عجز الموازنة، وينتظر بعد القرارات الأخيرة، أن يصل الدعم للمنتجات النفطية عبر صندوق المقاصة في العام المقبل 2.6 مليار دولار، مقابل 4 مليارات دولار في السنة الجارية، وهو ما يعني توفير 1.4 مليار دولار.
وتبقى الحكومة المستفيد الأكبر من تراجع أسعار النفط، حسب المراقبين، حيث سيفضى ذلك إلى تقليص فاتورة المشتريات من الخارج، ويساعدها على المضي في تقليص عجز الموازنة، عبر الإمعان في رفع الدعم عن المنتجات النفطية.
ويأتي تسريع وتيرة تحرير أسعار المنتجات النفطية، بعد الزيارة التي قامت بها بعثة من صندوق النقد الدولي إلى المغرب، حيث عبرت تلك البعثة الاستشارية عن رضاها عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل إصلاح نظام الدعم.
فقد اعتبر صندوق النقد إصلاح صندوق المقاصة، الذي يهم دعم المنتجات الأساسية، بـ "الإيجابي"، غير أنه حث الحكومة، على مضاعفة الجهود من أجل تحسين وضعية الفئات الاجتماعية التي تعتبر أكثر حاجة إلى الصحة والبنيات التحتية والسكن والعمل.
وتسترشد الحكومة في الإصلاحات التي تُنجزها، حسب مراقبين لسياستها، بتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي يؤكد على ضرورة التحكم في عجز الموازنة في حدود 3%.