يشعر أهالي محافظة السويداء في سورية يوماً بعد آخر بفقدان الأمان، في ظل زيادة عدد الجرائم المرتكبة في المحافظة من سلب وخطف وقتل، حتى أنّ الأهالي بدأوا في تجنب التنقل بين المناطق، ما دفع مختلف القوى الاجتماعية والسياسية المحلية إلى البحث عن سبل الحفاظ على الاستقرار النسبي الذي استمر طوال سنوات الحرب.
تقول الموظفة الثلاثينية عبير، وهي من سكان السويداء: "لم نعد نشعر بالأمان الذي كنا نتميز به عن كثير من مناطق سورية ومنها دمشق، التي تغص بالحواجز الأمنية، فاليوم أتحاشى السير وحدي في الشارع بعد مغيب الشمس، أو أستقل سيارة أجرة إن لم تكن من مكتب معروف، فكلّ يوم وآخر نسمع بحوادث خطف من بين ضحاياها فتيات تُطلب مقابلهن فدى بملايين الليرات". تتابع أنّ "حتى الشباب يحاولون عدم التنقل بين البلدات ليلاً، فهناك حالات سلب وخطف. أما داخل المدن والبلدات فالوضع أفضل بكثير".
من جانبه، يقول الأربعيني معتز، من ريف السويداء، إنّ "المسألة الأمنية في السويداء حساسة جداً فأيّ حدث لا يطاول فقط الضالعين المباشرين فيه من جانٍ ومجني عليه، بل أيضاً عائلاتهم وأقاربهم ومن تجمعهم بهم علاقات مصاهرة، إذ يطاول الثأر أيّاً منهم في حال لم تعقد مصالحة أو لم يسلم الجناة إلى القضاء". يتابع: "قد تكون حادثة خطف القاصر كاترين مزهر (17 عاماً) قبل فترة خير مثال على ذلك، مع أنّها تسببت في سابقة على مستوى المحافظة وهي مبادرة عائلة الفتاة إلى قتل ثلاثة شبان متهمين بالمساهمة بخطفها، ينتمون إلى ثلاث عائلات من المحافظة، الأمر الذي ما زالت مفاعيله مستمرة إلى اليوم، في ظل اعترافات طاولت رجال أمن لتورطهم في عملية الخطف. واليوم ما زال الوضع بين العائلات الأربع متوتراً، وهذا ينعكس على الوضع في المحافظة بسب ترابط العائلات، فأيّ عملية ثأر قد تجرّ كثيراً من العائلات إلى الاقتتال الداخلي".
من جهته، يقول أبو جابر، وهو من أبناء مدينة السويداء: "من المعروف أنّ المجتمع في السويداء ذو غالبية من الموحدين الدروز، وعلاقاتهم الاجتماعية قوية وهناك ترابط وثيق بينهم، بالإضافة إلى احترام السلطة الاجتماعية المتمثلة بالطبقة الدينية ووجهاء المجتمع وكبار العائلات، الأمر الذي ساهم بالحفاظ على استقرار المحافظة النسبي، بالرغم من الانقسام العمودي حول القضايا السياسية في سورية. فمن الطبيعي أن تجد في العائلة نفسها هذا الانقسام والخلاف العميق، بالرغم من المواجهات التي كانت تجري في بداية الحراك بين معارض ومؤيد عامي 2011 و2012، إلاّ أنّ العقلاء كانوا في كثير من الأحيان يعقدون صلحاً بين من يتواجهون على الأرض، على مبدأ الأخوّة بين أبناء المحافظة".
اقــرأ أيضاً
يلفت إلى أنّ "الوضع الأمني بدأ بالتدهور بشكل متواتر وسريع منذ نحو عامين، إذ زادت الأعمال غير الشرعية، كالاتجار بالوقود والغاز المنزلي في السوق السوداء، كما أن هناك تعديات على الأملاك العامة في ظل انتشار السلاح، وهذه الأعمال غير القانونية تسببت خلال الفترة الماضية بحوادث فردية جرت السيطرة على تداعياتها الاجتماعية، إلاّ أنّ الخلافات التي تحدث بين هؤلاء وبين أمثالهم من درعا غرباً أو البدو في الريف الشرقي، كانت تتعدى إلى وقوع عمليات خطف وخطف مضاد. وسرعان ما بات الخطف وسيلة لحلّ كثير من قضايا سلب السيارات، وقد تطور الأمر خلال الأشهر الماضية إلى ولادة عصابات امتهنت الخطف للحصول على المال، تتقاضى ملايين الليرات إن لم تكن عشرات الملايين لإطلاق سراح المخطوف".
ويعرب عن اعتقاده بأنّ "انتشار الأعمال غير الشرعية يعود إلى عدة أسباب، أهمها حماية النظام لأشخاص أصحاب سوابق وسلوك سيئ، وتردي الوضع المادي لأهالي المحافظة، خصوصاً أنّ غالبية شباب المحافظة تعتمد في معيشتها على الاغتراب في لبنان والأردن ودول الخليج بشكل رئيسي، وهناك من يسافر إلى دول أميركا الجنوبية، واليوم كل تلك الدول شبه مغلقة في وجه السوريين، بالإضافة إلى أكثر من 45 ألف شاب محاصر في المحافظة جراء امتناعهم عن أداء الخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية، ومئات المفصولين من أعمالهم للأسباب نفسها".
يتابع أنّ "أهالي البلدات والعائلات تشغلهم هذه الأيام سبل حفظ أمنهم واستقرار مناطقهم، فقد نشط التسليح الذاتي وتشكيل لجان من الأهالي لحراسة المناطق والأسواق والتدقيق بالسيارات المتنقلة بين المناطق للحد من عمليات السلب والخطف وحتى انتشار المخدرات، في حين يزداد تهكم واستياء الناس من السلطة مع غياب متابعة المجرمين، وربطها القيام بواجبها بالحفاظ على الأمن بالتحاق عشرات آلاف الشبان بالخدمة العسكرية، وهو الأمر الذي ما زال المجتمع يرفضه".
بدوره، يقول أبو جهاد، وهو من وجهاء إحدى عائلات السويداء، إنّ "أهالي السويداء يزداد شعورهم بالخطر جراء تدهور الأمان، الأمر الذي يدفعهم إلى التكتل والتسلح أكثر فأكثر، والسويداء اليوم قنبلة موقوتة لا ندري ما سيحرضها على الانفجار في حال استمرار تدهور الوضع الأمني، وما ستكون نتائج هذا الانفجار إن وقع، حيث يحمل المجتمع الأجهزة الأمنية والنظام مسؤولية تردي الوضع الأمني وجميع الحوادث الناتجة عن الأعمال غير المشروعة".
ويلفت إلى أنّ "الأهالي لا ثقه لديهم بالنظام، وهناك إحساس بأنّهم مستهدفون منه إذ يضغط عليهم ليسلموا أبناءهم ليقتلوا دفاعاً عنه، وهذا ينعكس على القضاء، إذ يطرح اليوم إيجاد هيئة رقابية على القضاء، كهيئة المحلفين المكونة من قيادات المجتمع. كذلك، هناك دعوات إلى تشكيل محاكم شعبية من القضاة والمحامين المقبولين اجتماعياً، بالإضافة إلى تشكيل قوة عسكرية من أهل المحافظة لحفظ أمنها، طالما الدولة تمتنع عن القيام بدورها، وقد بدأت هذه القضايا تداولها بين التجمعات السياسية والاجتماعية للوصول إلى أفضل سبل الحفاظ على استقرار المجتمع والتخلص من العابثين فيه".
اقــرأ أيضاً
تقول الموظفة الثلاثينية عبير، وهي من سكان السويداء: "لم نعد نشعر بالأمان الذي كنا نتميز به عن كثير من مناطق سورية ومنها دمشق، التي تغص بالحواجز الأمنية، فاليوم أتحاشى السير وحدي في الشارع بعد مغيب الشمس، أو أستقل سيارة أجرة إن لم تكن من مكتب معروف، فكلّ يوم وآخر نسمع بحوادث خطف من بين ضحاياها فتيات تُطلب مقابلهن فدى بملايين الليرات". تتابع أنّ "حتى الشباب يحاولون عدم التنقل بين البلدات ليلاً، فهناك حالات سلب وخطف. أما داخل المدن والبلدات فالوضع أفضل بكثير".
من جانبه، يقول الأربعيني معتز، من ريف السويداء، إنّ "المسألة الأمنية في السويداء حساسة جداً فأيّ حدث لا يطاول فقط الضالعين المباشرين فيه من جانٍ ومجني عليه، بل أيضاً عائلاتهم وأقاربهم ومن تجمعهم بهم علاقات مصاهرة، إذ يطاول الثأر أيّاً منهم في حال لم تعقد مصالحة أو لم يسلم الجناة إلى القضاء". يتابع: "قد تكون حادثة خطف القاصر كاترين مزهر (17 عاماً) قبل فترة خير مثال على ذلك، مع أنّها تسببت في سابقة على مستوى المحافظة وهي مبادرة عائلة الفتاة إلى قتل ثلاثة شبان متهمين بالمساهمة بخطفها، ينتمون إلى ثلاث عائلات من المحافظة، الأمر الذي ما زالت مفاعيله مستمرة إلى اليوم، في ظل اعترافات طاولت رجال أمن لتورطهم في عملية الخطف. واليوم ما زال الوضع بين العائلات الأربع متوتراً، وهذا ينعكس على الوضع في المحافظة بسب ترابط العائلات، فأيّ عملية ثأر قد تجرّ كثيراً من العائلات إلى الاقتتال الداخلي".
من جهته، يقول أبو جابر، وهو من أبناء مدينة السويداء: "من المعروف أنّ المجتمع في السويداء ذو غالبية من الموحدين الدروز، وعلاقاتهم الاجتماعية قوية وهناك ترابط وثيق بينهم، بالإضافة إلى احترام السلطة الاجتماعية المتمثلة بالطبقة الدينية ووجهاء المجتمع وكبار العائلات، الأمر الذي ساهم بالحفاظ على استقرار المحافظة النسبي، بالرغم من الانقسام العمودي حول القضايا السياسية في سورية. فمن الطبيعي أن تجد في العائلة نفسها هذا الانقسام والخلاف العميق، بالرغم من المواجهات التي كانت تجري في بداية الحراك بين معارض ومؤيد عامي 2011 و2012، إلاّ أنّ العقلاء كانوا في كثير من الأحيان يعقدون صلحاً بين من يتواجهون على الأرض، على مبدأ الأخوّة بين أبناء المحافظة".
ويعرب عن اعتقاده بأنّ "انتشار الأعمال غير الشرعية يعود إلى عدة أسباب، أهمها حماية النظام لأشخاص أصحاب سوابق وسلوك سيئ، وتردي الوضع المادي لأهالي المحافظة، خصوصاً أنّ غالبية شباب المحافظة تعتمد في معيشتها على الاغتراب في لبنان والأردن ودول الخليج بشكل رئيسي، وهناك من يسافر إلى دول أميركا الجنوبية، واليوم كل تلك الدول شبه مغلقة في وجه السوريين، بالإضافة إلى أكثر من 45 ألف شاب محاصر في المحافظة جراء امتناعهم عن أداء الخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية، ومئات المفصولين من أعمالهم للأسباب نفسها".
يتابع أنّ "أهالي البلدات والعائلات تشغلهم هذه الأيام سبل حفظ أمنهم واستقرار مناطقهم، فقد نشط التسليح الذاتي وتشكيل لجان من الأهالي لحراسة المناطق والأسواق والتدقيق بالسيارات المتنقلة بين المناطق للحد من عمليات السلب والخطف وحتى انتشار المخدرات، في حين يزداد تهكم واستياء الناس من السلطة مع غياب متابعة المجرمين، وربطها القيام بواجبها بالحفاظ على الأمن بالتحاق عشرات آلاف الشبان بالخدمة العسكرية، وهو الأمر الذي ما زال المجتمع يرفضه".
بدوره، يقول أبو جهاد، وهو من وجهاء إحدى عائلات السويداء، إنّ "أهالي السويداء يزداد شعورهم بالخطر جراء تدهور الأمان، الأمر الذي يدفعهم إلى التكتل والتسلح أكثر فأكثر، والسويداء اليوم قنبلة موقوتة لا ندري ما سيحرضها على الانفجار في حال استمرار تدهور الوضع الأمني، وما ستكون نتائج هذا الانفجار إن وقع، حيث يحمل المجتمع الأجهزة الأمنية والنظام مسؤولية تردي الوضع الأمني وجميع الحوادث الناتجة عن الأعمال غير المشروعة".
ويلفت إلى أنّ "الأهالي لا ثقه لديهم بالنظام، وهناك إحساس بأنّهم مستهدفون منه إذ يضغط عليهم ليسلموا أبناءهم ليقتلوا دفاعاً عنه، وهذا ينعكس على القضاء، إذ يطرح اليوم إيجاد هيئة رقابية على القضاء، كهيئة المحلفين المكونة من قيادات المجتمع. كذلك، هناك دعوات إلى تشكيل محاكم شعبية من القضاة والمحامين المقبولين اجتماعياً، بالإضافة إلى تشكيل قوة عسكرية من أهل المحافظة لحفظ أمنها، طالما الدولة تمتنع عن القيام بدورها، وقد بدأت هذه القضايا تداولها بين التجمعات السياسية والاجتماعية للوصول إلى أفضل سبل الحفاظ على استقرار المجتمع والتخلص من العابثين فيه".