وأفاد الناشط السوري أكرم أبو حمدان من محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، بأن "الوضع في المحافظة وصل إلى مرحلة الانفجار، بسبب ممارسات النظام واتضاح كذبه، حتى على شبيحته، والذين لم يبقَ منهم مع النظام سوى المرتزقة والمهرّبين المستفيدين من حالة الفوضى".
وأكد أن "غالبية أهالي السويداء تراهن على إخراج النظام من المحافظة بأقل الخسائر الممكنة، ولكن خروجه في الوقت الحالي يعني أنه سيقصف المنطقة، بعد إرساله بعض عناصره باسم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهذا ما يخيف الأهالي، فلا ملجأ ولا حماية لهم من طائراته، خصوصاً أنه لا يوجد سلاح متوسط أو ثقيل في المحافظة، من أجل التصدي لأي هجوم محتمل من جانب داعش وجبهة النصرة".
وعبّر أبو حمدان عن مخاوف تعتري الكثير من أهالي السويداء في حال دخلت إليها التنظيمات المتشددة، مستنداً في ذلك إلى ما حصل "في بعض القرى الدرزية في إدلب، فضلاً عن وجود نحو مائتي ألف نازح من خارج المحافظة، أغلبهم من النساء والأطفال، وحمايتهم واجبة على أهل الجبل، لكن الإمكانات العسكرية لا تسمح بذلك". ورأى أنه "لو توفّرت حماية دولية من طيران النظام، فإن السويداء يُمكن أن تتخلص من قوات النظام خلال مدة قصيرة جداً".
اقرأ أيضاً: الثورة السورية... المسار والراهن
لكن أبو حمدان يقف مع الرأي القائل بضرورة توخي الحذر والصبر في التعامل مع النظام، وعدم الاتجاه للتصعيد، معتبراً أن في ذلك "تجنّباً لمزيد من التشريد والقتل والدمار، بعدما رأينا ما يحصل في أماكن أخرى، خصوصاً أن الحل بات بيد الدول الكبرى، ولم يعد للسوريين الأحرار دور فاعل في الحلول المطروحة، أو في فرض الدولة المدنية التي خرجنا من أجلها".
وأشار أبو حمدان إلى أن "فصائل المعارضة في درعا محكومة بغرفة الموك في الأردن، ولا تستطيع إطلاق رصاصة واحدة بمعزل عنها، وهذا أمر مرفوض لأننا لم نخرج لنستبدل محتلاً داخلياً بمحتل خارجي". وكانت مجموعة من النشطاء في المحافظة، قد دعت إلى تظاهرة الثلاثاء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان "خنقتونا". وأكد النشطاء أن "تظاهراتهم هي عبارة عن احتجاجات سلمية غير مسيّسة، الهدف منها إيصال صوتهم لكبار مسؤولي النظام، بضرورة التغيير الشامل في السويداء". في تحرّك يحاكي كما يبدو ما يحصل في لبنان، من تظاهرات وتحركات سلمية مناهضة للفساد.
وطالب المتظاهرون بعزل كل من محافظ السويداء، وأمين فرع حزب البعث في المحافظة، ومدير شركة المحروقات ومدير شركة الكهرباء، ومدير شركة المياه، وقادة الفروع الأمنية، وقائد الشرطة ومدير التموين. واتهموا هؤلاء المسؤولين في بيان لهم بـ"السعي لتهجير شباب السويداء وأهلها من خلال تخفيض مخصصات المحروقات، وزيادة ساعات قطع الكهرباء، وغلاء الأسعار وتحكم التجار، وغياب القانون وانتشار الجرائم، وسرقة مخصصات الأفران وسوء نوعية الخبز، وفوضى السلاح وسوء استخدامه، والسماح بتهريب مخصصات المحافظة". ورفع المعتصمون العلم ذا الألوان الخمسة الذي يمثل راية الدروز، في ظل غياب العلم السوري.
وبالتزامن مع أجواء الاحتقان هذه، أذاع التلفزيون الرسمي السوري، أمس الأربعاء، خبراً مفاده أن "قوات النظام تصدّت لمحاولات تسلل قامت بها مجموعات إرهابية باتجاه مطار الثعلة في ريف محافظة السويداء"، في محاولة كما يبدو من إعلام النظام لترهيب الأهالي من التحرّك.
يُذكر أنه خلال السنوات الأربع الماضية ظلّت الطائفة الدرزية بعيدة عن الأضواء، وحاولت "النأي" بنفسها عن المواجهات بين قوات المعارضة وقوات النظام، خصوصاً في الشقّ العسكري، واستنكف كثير من شبابها عن الالتحاق بالجيش النظامي.
غير أن التطورات الميدانية المتعاقبة، دفعت الدروز إلى واجهة الأحداث، وحاول كل طرف "استثمارهم" لصالحه، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي، والذي شكّلت له هذه القضية مجالاً للدخول على خط الأحداث في سورية، تارة بدعوى حمايتهم من مجازر محتملة، وتارة أخرى بذرائع إنسانية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها تظاهرات في مناطق محايدة أو موالية، فقد شهدت مدن موالية للنظام، اعتصامات وتظاهرات لأسباب متعددة، ففي اللاذقية اعتصم الأهالي للمطالبة بمحاسبة سليمان الأسد المتهم بقتل الضابط بالجيش النظامي حسان الشيخ، كذلك اعتصم الأهالي في طرطوس وحمص لفك الحصار عن الجنود في مطاري كويرس في حلب وأبو الظهور في إدلب.
اقرأ أيضاً: فشل تجربة "الدرع" في السويداء يطلق يد "الحرس الثوري"