في مشفى خاص في عمّان، تلقت السيدة السودانية عائشة عبد الغفار تهاني أقارب المرضى العرب الموجودين إلى جوارها، على نجاح عملية القلب المفتوح التي أجريت لزوجها الخمسيني، بعد أن مضى على وصول السيدة وزوجها المريض إلى الأردن أقل من أسبوع، تقول عائشة: "كانت حالته سيئة جداً عندما وصلنا، العلاج في بلدنا ليس جيداً، جئنا إلى الأردن بناءً على نصيحة الأطباء وأقارب".
قصة نجاح
اختيار العائلة السودانية الأردن لتلقي العلاج، دعمه فوز المملكة في مارس/آذار من العام الماضي بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية لعام 2014، والتي نظمتها صحيفة السفر العلاجي الدولية ومقرها لندن، بعد منافسة قوية مع دول مثل تركيا وسنغافورة وتايلاند وألمانيا، وهو العام الذي سجل وصول 250 ألف سائح إلى الأردن بقصد العلاج، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الأردنية.
الإنجاز الذي تحقق حديثاً، يرجعه مدير مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة، الدكتور متعب وريكات، إلى اهتمام الدولة منذ نشأتها بالقطاع الطبي، ويقول وريكات "يكفي أن يعرف العالم أن أول عملية قلب مفتوح أجريت في الأردن في عام 1970، وبعدها بعامين أجريت أول عملية زراعة كلى، وتوالت بعدها، وبوقت مبكر، عمليات زراعة القلب وأطفال الأنابيب وزراعة النخاع العظمي والكبد". ويؤكد "ما حدث مفخرة في تاريخ الطب الأردني على مستوى المنطقة العربية، وسبب كافٍ لجعل الأردن مقصداً للأشقاء العرب لتلقي العلاج في مستشفياتنا".
ووفقاً لإحصاءات وزارة الصحة، يوجد في الأردن 12 ألف سرير، تتوزع على المستشفيات الحكومية والجامعية والخدمات الطبية الملكية والقطاع الخاص الذي يبلغ عدد مستشفياته 64 مستشفى، مقابل 106 مستشفيات في جميع القطاعات الأخرى.
وبحسب وريكات فإن الميزة التنافسية للأردن كمقصد للسياحة العلاجية تتمثل بوجود فائض من أطباء الحاصلين على درجات الاختصاص من مختلف الجامعات العالمية، والتعليم المستمر للكوادر الطبية، إضافة إلى مواكبة التكنولوجيا العالمية على مستوى الأجهزة الطبية والتشخيصية، لكنه يرى أن القيمة الأكثر أهمية في اللحظة الراهنة تكمن في الاستقرار السياسي الذي يعيشه الأردن بعد الانتفاضات العربية.
وتعتبر كلفة العلاج المنخفضة، ميزة إضافية لجعل الأردن مقصداً للسياحة العلاجية، إذ تشير دراسة رسمية شارك جميع الجهات الطبية الأردنية في إعدادها إلى أن كلفة العلاج في المستشفيات الأردنية تمثل ما نسبته من 10 إلى 30 بالمائة من كلفة العلاج في أميركا، و50 بالمائة من كلفة العلاج في دول أوروبا.
ويتمثل دور مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة، والتي تعتبر مظلة رسمية ومرجعية للعاملين في القطاع، بالعمل على فتح أسواق جديدة وتوقيع اتفاقيات وبرتوكولات تعاون صحي مع الدول العربية والعالمية، إضافة إلى تعيين ملحقين صحيين في جميع السفارات الأردنية في الخارج للعمل على ترويج السياحة العلاجية في الأردن.
اقرأ أيضا: العاملات المنزليات في الأردن..اتهامات متبادلة بالإساءة مع المخدومين
قطاع ناجح واستراتيجية فاشلة
يقر وريكات بالفوضى التي تجتاح قطاع السياحة العلاجية، ويسلم بأن الجهد الأكبر في الترويج يقع على كاهل المستشفيات الخاصة التي تستفيد بأكثر من 90 بالمائة من عوائد السياحة العلاجية، خاصة في ظل تركيز المستشفيات الحكومية على علاج المرضى الأردنيين بشكل أساسي.
وريكات الذي يصف السياحة العلاجية بـ"نفط الأردن"، يخشى في ظل التخبط وعدم التنسيق بين القطاعات المتعددة المعنية بالقطاع من أن تتراجع معدلات السياحة العلاجية إلى الأردن، خاصة في ظل التنافسية الشديدة بين دول المنطقة والعالم على استقطاب المرضى، مؤكداً ضرورة الوصول سريعاً إلى استراتيجية وطنية لإدارة ملف السياحة العلاجية تتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة الأردنية.
رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري يحمل نفس المخاوف، ويقول الحموري الذي قدمت جمعيته الملف الذي كان سبباً بفوز الأردن بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية في عام 2014، "بعد الفوز المهم وجدنا أنفسنا أمام تحدٍّ يتمثل بالحفاظ على تميزنا وتطويره". ومن أجل ذلك تقدمت الجمعية في ذلك العام بملف للحكومة يقترح إنشاء جهة تدير ملف السياحة العلاجية في الأردن، ويتشارك فيه جميع الجهات المعنية بالقطاع من مستشفيات وفنادق وشقق فندقية وقطاع المواصلات والطيران ووزارات الصحة والداخلية والخارجية والأمن العام وغيرها.
وتضمن الملف استراتيجية للتعامل مع قطاع السياحة العلاجية بداية من الترويج وحتى وصول المرضى وتلقيهم العلاج وعودتهم إلى بلادهم ومتابعتهم بعد العودة، لكنه مقترح لم ير النور حتى الآن، بالرغم من التشجيع المستمر من قبل الحكومة للقطاع، والدعوة إلى تطويره"، كما يقول الحموري.
ويتابع "حلمنا أن نجاري التجربة التايلاندية بحيث يأتي المريض ضمن خطة واضحة تتضمن ترتيب وصوله وعلاجه ومكان إقامته وتنقله ورحلاته السياحة وإعادته إلى بلاده"، وهو حلم يصعب تحقيقه حالياً كما يعتقد، مع استمرار عدم التنسيق.
وينتقد الحموري، والذي يترأس جمعية تضم 64 مستشفى خاص، أن تستمر المستشفيات الخاصة في الحمل على عاتقها وحيدة ترويج السياحة العلاجية الأردنية، في وقت يستفيد فيه جميع القطاعات في البلد من قدوم السائح العلاجي، ويقول إن "من يأتي للعلاج في مستشفياتنا ينفق على الإقامة في الفنادق أو الشقق الفندقية، وينفق على الطيران والمواصلات والطعام والتسوق، وبالتالي فإن الجميع يستفيد وليس المستشفى فقط".
ووفقاً لدراسة أعدتها جميع المستشفيات الخاصة فإن متوسط عدد المرافقين الذين يأتون مع المريض الذي يقصد الأردن للعلاج يبلغ اثنين، ما يعني أن 500 ألف مرافق جاءوا مع 250 ألف مريض خلال العام الماضي.
أما رئيس جميع المستشفيات الأردنية، نقيب الأطباء السابق، الدكتور زهير أبو فارس، فيشير إلى أن غياب استراتيجية وطنية للترويج للسياحة العلاجية أدى إلى التعامل مع الأمر "بطريقة الدكان"، كذلك يقول متابعاً "كل مستشفى أكان كبيراً أم صغيراً يذهب لتسويق نفسه بشكل منفرد، وبذلك اخترنا المنافسة البينية على الأسواق من خلال تسويق مستشفياتنا من دون تسويق الطب الأردني".
ويرى في استمرار التسويق العشوائي، سبباً في خسارة الأردن العديد من الميزات التنافسية، ويؤكد أن "القطاع الطبي الأردني يكمل بعضه البعض، إذ يوجد عمليات معقدة تختص فيها مستشفيات الخدمات الطبية وأخرى تتميز فيها المستشفيات الجامعية، وخدمات طبية ينفرد فيها القطاع الخاص"، مشيراً إلى أن التسويق الفردي يجعل الأردن يخسر مرضى يمكن علاجهم في مستشفيات لا تستطيع تسويق نفسها.
ويعتقد أبو فارس أن قصة النجاح الأردنية، يمكن أن تتحوّل إلى قصة فشل في حال استمر واقع صناعة الساحة العلاجية على نفس الوتيرة، مشيراً إلى أن الخطر يكمن في منافسين كثر في المنطقة تتقدمهم تركيا ولبنان بالإضافة إلى الهند وتايلاند وسنغافورة، ويصبح الخطر، بحسب اعتقاد، في تبنى عدد من تلك الدول استراتيجيات متكاملة لجذب المرضى، وهو ما ينقص الأردن حالياً.
اقرأ أيضا: الاتصالات في فلسطين.. خدمات سيئة للمستخدمين وأرباح طائلة للشركات
تضارب الأرقام وغيابها
يتضح حجم تخبط قطاع السياحة العلاجية الأردنية، بغياب الأرقام التي تعبر عنه أو تضاربها، وفيما تفتقر سجلات مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة إلى أية أرقام حول حجم الدخل المتأتي من السياحة العلاجية، تقدره دراسة أجرتها جمعية المستشفيات الخاصة بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً، فيما قدرته دراسة أولية أعدتها جمعية المستشفيات الأردنية بنحو 500 مليون دولار فقط.
ووسط الاختلاف يتفق الجميع على احتلال السعوديين المرتبة الأولى في السياحة العلاجية في البلاد يليهم الفلسطينيون فالليبيون والعراقيون ويتشارك السودانيون واليمينيون المرتبة الخامسة.
اقرأ أيضا: مخيم الزعتري ..قسوة الحياة بلونها الأصفر
هيئة تنشيط السياحة تغرّد لوحدها
نظرياً تناط بهيئة تنشيط السياحة الأردنية مهمة ترويج الأردن سياحياً، بما في ذلك السياحة العلاجية، لكن الهيئة التي تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، تحصر جهودها في ترويج السياحة الاستشفائية، والتي لا تشكل وفقاً لتقديرات مديرية السياحة العلاجية سوى 10 بالمائة من السياحة العلاجية.
ويقول مدير التسويق الإقليمي في الهيئة أحمد كريشان، نقوم بترويج المواقع السياحية ذات الخصائص الاستشفائية كالبحر الميت المعروف بملوحة مياهه وارتفاع نسبة المعادن الطبية فيها، وحمامات ماعين وعفرا والحمية الأردنية التي تتميّز بالمياه المعدنية التي تستخدم لأغراض علاجية، لكن أن يمتد الترويج الذي تقوم به الهيئة ليشمل السياحة العلاجية في المستشفيات الأردنية فإن هذا لا يقع ضمن اختصاصات الهيئة، كما يقول كريشان.
ويعتبر البحر الميت المقصد الأشهر للسياحة الاستشفائية في الأردن، لكنه يواجه اليوم منافسة من قبل جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي يتشاطر مع الأردن مياه البحر، لكنها منافسة يقلل كريشان من أهميتها لمصلحة الأردن قائلاً: "البحر الميت ينقسم إلى جزأين، الجزء الأردني ملوحته أقل، الإسرائيلي ترتفع فيه الملوحة بنسب كبيرة تلحق الضرر"، وهذه ميزة تفضيلية للسياحة الاستشفائية في الأردن، والتي لا يوجد لديه أرقام عن حجمها ومقدار الدخل الناتج عنها.
-------
اقرأ أيضا:
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد
قصة نجاح
اختيار العائلة السودانية الأردن لتلقي العلاج، دعمه فوز المملكة في مارس/آذار من العام الماضي بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية لعام 2014، والتي نظمتها صحيفة السفر العلاجي الدولية ومقرها لندن، بعد منافسة قوية مع دول مثل تركيا وسنغافورة وتايلاند وألمانيا، وهو العام الذي سجل وصول 250 ألف سائح إلى الأردن بقصد العلاج، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الأردنية.
الإنجاز الذي تحقق حديثاً، يرجعه مدير مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة، الدكتور متعب وريكات، إلى اهتمام الدولة منذ نشأتها بالقطاع الطبي، ويقول وريكات "يكفي أن يعرف العالم أن أول عملية قلب مفتوح أجريت في الأردن في عام 1970، وبعدها بعامين أجريت أول عملية زراعة كلى، وتوالت بعدها، وبوقت مبكر، عمليات زراعة القلب وأطفال الأنابيب وزراعة النخاع العظمي والكبد". ويؤكد "ما حدث مفخرة في تاريخ الطب الأردني على مستوى المنطقة العربية، وسبب كافٍ لجعل الأردن مقصداً للأشقاء العرب لتلقي العلاج في مستشفياتنا".
ووفقاً لإحصاءات وزارة الصحة، يوجد في الأردن 12 ألف سرير، تتوزع على المستشفيات الحكومية والجامعية والخدمات الطبية الملكية والقطاع الخاص الذي يبلغ عدد مستشفياته 64 مستشفى، مقابل 106 مستشفيات في جميع القطاعات الأخرى.
وتعتبر كلفة العلاج المنخفضة، ميزة إضافية لجعل الأردن مقصداً للسياحة العلاجية، إذ تشير دراسة رسمية شارك جميع الجهات الطبية الأردنية في إعدادها إلى أن كلفة العلاج في المستشفيات الأردنية تمثل ما نسبته من 10 إلى 30 بالمائة من كلفة العلاج في أميركا، و50 بالمائة من كلفة العلاج في دول أوروبا.
ويتمثل دور مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة، والتي تعتبر مظلة رسمية ومرجعية للعاملين في القطاع، بالعمل على فتح أسواق جديدة وتوقيع اتفاقيات وبرتوكولات تعاون صحي مع الدول العربية والعالمية، إضافة إلى تعيين ملحقين صحيين في جميع السفارات الأردنية في الخارج للعمل على ترويج السياحة العلاجية في الأردن.
اقرأ أيضا: العاملات المنزليات في الأردن..اتهامات متبادلة بالإساءة مع المخدومين
قطاع ناجح واستراتيجية فاشلة
يقر وريكات بالفوضى التي تجتاح قطاع السياحة العلاجية، ويسلم بأن الجهد الأكبر في الترويج يقع على كاهل المستشفيات الخاصة التي تستفيد بأكثر من 90 بالمائة من عوائد السياحة العلاجية، خاصة في ظل تركيز المستشفيات الحكومية على علاج المرضى الأردنيين بشكل أساسي.
وريكات الذي يصف السياحة العلاجية بـ"نفط الأردن"، يخشى في ظل التخبط وعدم التنسيق بين القطاعات المتعددة المعنية بالقطاع من أن تتراجع معدلات السياحة العلاجية إلى الأردن، خاصة في ظل التنافسية الشديدة بين دول المنطقة والعالم على استقطاب المرضى، مؤكداً ضرورة الوصول سريعاً إلى استراتيجية وطنية لإدارة ملف السياحة العلاجية تتشارك فيها جميع مؤسسات الدولة الأردنية.
رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري يحمل نفس المخاوف، ويقول الحموري الذي قدمت جمعيته الملف الذي كان سبباً بفوز الأردن بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية في عام 2014، "بعد الفوز المهم وجدنا أنفسنا أمام تحدٍّ يتمثل بالحفاظ على تميزنا وتطويره". ومن أجل ذلك تقدمت الجمعية في ذلك العام بملف للحكومة يقترح إنشاء جهة تدير ملف السياحة العلاجية في الأردن، ويتشارك فيه جميع الجهات المعنية بالقطاع من مستشفيات وفنادق وشقق فندقية وقطاع المواصلات والطيران ووزارات الصحة والداخلية والخارجية والأمن العام وغيرها.
وتضمن الملف استراتيجية للتعامل مع قطاع السياحة العلاجية بداية من الترويج وحتى وصول المرضى وتلقيهم العلاج وعودتهم إلى بلادهم ومتابعتهم بعد العودة، لكنه مقترح لم ير النور حتى الآن، بالرغم من التشجيع المستمر من قبل الحكومة للقطاع، والدعوة إلى تطويره"، كما يقول الحموري.
ويتابع "حلمنا أن نجاري التجربة التايلاندية بحيث يأتي المريض ضمن خطة واضحة تتضمن ترتيب وصوله وعلاجه ومكان إقامته وتنقله ورحلاته السياحة وإعادته إلى بلاده"، وهو حلم يصعب تحقيقه حالياً كما يعتقد، مع استمرار عدم التنسيق.
وينتقد الحموري، والذي يترأس جمعية تضم 64 مستشفى خاص، أن تستمر المستشفيات الخاصة في الحمل على عاتقها وحيدة ترويج السياحة العلاجية الأردنية، في وقت يستفيد فيه جميع القطاعات في البلد من قدوم السائح العلاجي، ويقول إن "من يأتي للعلاج في مستشفياتنا ينفق على الإقامة في الفنادق أو الشقق الفندقية، وينفق على الطيران والمواصلات والطعام والتسوق، وبالتالي فإن الجميع يستفيد وليس المستشفى فقط".
أما رئيس جميع المستشفيات الأردنية، نقيب الأطباء السابق، الدكتور زهير أبو فارس، فيشير إلى أن غياب استراتيجية وطنية للترويج للسياحة العلاجية أدى إلى التعامل مع الأمر "بطريقة الدكان"، كذلك يقول متابعاً "كل مستشفى أكان كبيراً أم صغيراً يذهب لتسويق نفسه بشكل منفرد، وبذلك اخترنا المنافسة البينية على الأسواق من خلال تسويق مستشفياتنا من دون تسويق الطب الأردني".
ويرى في استمرار التسويق العشوائي، سبباً في خسارة الأردن العديد من الميزات التنافسية، ويؤكد أن "القطاع الطبي الأردني يكمل بعضه البعض، إذ يوجد عمليات معقدة تختص فيها مستشفيات الخدمات الطبية وأخرى تتميز فيها المستشفيات الجامعية، وخدمات طبية ينفرد فيها القطاع الخاص"، مشيراً إلى أن التسويق الفردي يجعل الأردن يخسر مرضى يمكن علاجهم في مستشفيات لا تستطيع تسويق نفسها.
ويعتقد أبو فارس أن قصة النجاح الأردنية، يمكن أن تتحوّل إلى قصة فشل في حال استمر واقع صناعة الساحة العلاجية على نفس الوتيرة، مشيراً إلى أن الخطر يكمن في منافسين كثر في المنطقة تتقدمهم تركيا ولبنان بالإضافة إلى الهند وتايلاند وسنغافورة، ويصبح الخطر، بحسب اعتقاد، في تبنى عدد من تلك الدول استراتيجيات متكاملة لجذب المرضى، وهو ما ينقص الأردن حالياً.
اقرأ أيضا: الاتصالات في فلسطين.. خدمات سيئة للمستخدمين وأرباح طائلة للشركات
تضارب الأرقام وغيابها
يتضح حجم تخبط قطاع السياحة العلاجية الأردنية، بغياب الأرقام التي تعبر عنه أو تضاربها، وفيما تفتقر سجلات مديرية السياحة العلاجية في وزارة الصحة إلى أية أرقام حول حجم الدخل المتأتي من السياحة العلاجية، تقدره دراسة أجرتها جمعية المستشفيات الخاصة بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً، فيما قدرته دراسة أولية أعدتها جمعية المستشفيات الأردنية بنحو 500 مليون دولار فقط.
ووسط الاختلاف يتفق الجميع على احتلال السعوديين المرتبة الأولى في السياحة العلاجية في البلاد يليهم الفلسطينيون فالليبيون والعراقيون ويتشارك السودانيون واليمينيون المرتبة الخامسة.
اقرأ أيضا: مخيم الزعتري ..قسوة الحياة بلونها الأصفر
هيئة تنشيط السياحة تغرّد لوحدها
نظرياً تناط بهيئة تنشيط السياحة الأردنية مهمة ترويج الأردن سياحياً، بما في ذلك السياحة العلاجية، لكن الهيئة التي تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، تحصر جهودها في ترويج السياحة الاستشفائية، والتي لا تشكل وفقاً لتقديرات مديرية السياحة العلاجية سوى 10 بالمائة من السياحة العلاجية.
ويقول مدير التسويق الإقليمي في الهيئة أحمد كريشان، نقوم بترويج المواقع السياحية ذات الخصائص الاستشفائية كالبحر الميت المعروف بملوحة مياهه وارتفاع نسبة المعادن الطبية فيها، وحمامات ماعين وعفرا والحمية الأردنية التي تتميّز بالمياه المعدنية التي تستخدم لأغراض علاجية، لكن أن يمتد الترويج الذي تقوم به الهيئة ليشمل السياحة العلاجية في المستشفيات الأردنية فإن هذا لا يقع ضمن اختصاصات الهيئة، كما يقول كريشان.
ويعتبر البحر الميت المقصد الأشهر للسياحة الاستشفائية في الأردن، لكنه يواجه اليوم منافسة من قبل جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي يتشاطر مع الأردن مياه البحر، لكنها منافسة يقلل كريشان من أهميتها لمصلحة الأردن قائلاً: "البحر الميت ينقسم إلى جزأين، الجزء الأردني ملوحته أقل، الإسرائيلي ترتفع فيه الملوحة بنسب كبيرة تلحق الضرر"، وهذه ميزة تفضيلية للسياحة الاستشفائية في الأردن، والتي لا يوجد لديه أرقام عن حجمها ومقدار الدخل الناتج عنها.
-------
اقرأ أيضا:
الأفغان في سورية.. جنود "آيات الله" في خدمة الأسد