أما الملف الثالث فيخص مصر واليونان فقط، وهو التباحث حول اعتماد الترسيم النهائي للحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة بين الدولتين، حيث من المتوقع أن توقعا على الاتفاقية النهائية بهذا الشأن قبل نهاية العام الحالي، وذلك لتتمكن كل دولة من مباشرة نشاط التنقيب على الغاز والنفط في منطقتها الخاصة من خلال التعاقدات التي تبرمها مع الشركات الكبرى المتخصصة في هذا المجال. والملف الرابع هو بحث إنشاء منطقة صناعية حرة لليونان في مصر، للمساهمة في إنعاش الاستثمارات بمصر وتحسين النشاط الاقتصادي لرجال الأعمال اليونانيين. وفي هذا السياق، اتفقت الدولتان على طرح مشاريع لإنشاء مصانع لزيت الزيتون والمخللات لاستغلال الخبرة اليونانية في المنتج الصناعي المصري، وكذلك إنشاء مصانع لإنتاج بعض المواد اللوجستية التي تحتاجها الحكومة اليونانية بهدف الاستفادة من اليد العاملة المصرية الرخيصة بالمقارنة مع نظيرتها اليونانية. أما الملف الخامس، فهو محاولة تنشيط السياحة المشتركة بين الدول الثلاث في ظل الأزمة التي تشهدها مصر، وتعليق عدد من الدول الأوروبية رحلاتها إلى سيناء والقاهرة، وذلك من خلال تكثيف الرحلات الجوية، من قبرص تحديداً، إلى مصر لتمكين السائح الأوروبي والروسي من الوصول إلى مصر بسهولة، مقابل بذل جهود لتنشيط السياحة المصرية إلى البلدين.
وعلى الرغم من أن السيسي كان يؤكد في كل قمة ثلاثية سابقة أن "التنسيق المصري اليوناني القبرصي ليس موجهاً ضد أي دولة أخرى"، قاصداً بذلك تركيا التي ساءت علاقتها بالقاهرة بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 وعزل الرئيس محمد مرسي، إلا أن العلاقات مع أنقرة ستشغل حيزاً من مناقشات القمة الثلاثية، لا سيما في ظل تعثر المحادثات بين جمهورية قبرص، ومن خلفها اليونان، وبين قبرص التركية، ومن خلفها تركيا، لإقرار حل نهائي لأزمة تقسيم الجزيرة. وترى المصادر الدبلوماسية المصرية أن "البيانات المشتركة الصادرة عن القمم الثلاثية السابقة عبارة عن نداءات ضمنية إلى تركيا للتساهل في حل الأزمة، وهي رسائل سياسية تؤكد أن التفاهم الثلاثي لا يمكن فصله عن تدهور علاقة مصر تحديداً بتركيا، كما لا يمكن تجاوز العلاقة المتوترة دائماً بين أنقرة وأثينا، واستمرار النزاع على بعض جزر بحر إيجه والمناطق الاقتصادية البحرية".
وتؤكد المصادر أن التصريحات الدبلوماسية المتبادلة بين القاهرة وأنقرة في الآونة الأخيرة، وإدانة مصر للأحداث الإرهابية التي شهدتها تركيا، لا يمكن تفسيرها بأن العلاقات في سبيلها للتحسن، لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما زال يبدي نفس التحفظات على سياسات السيسي وإجراءات وصوله للسلطة، وما زالت هناك العديد من الملفات العالقة بين البلدين، أبرزها عدم استجابة تركيا للطلبات الرسمية التي أرسلتها مصر لتسليم قيادات جماعة الإخوان المسلمين الهاربة الى تركيا حالياً، وذلك كله بمعزل عن التبادل التجاري والاستثماري الذي يرى البلدان أنه ضروري لمصلحة كل منهما. وحول أثر تكرار إقامة القمة الثلاثية على علاقة مصر بإسرائيل، تشدد المصادر على أن "العلاقة المميزة للسيسي مع قبرص تحديداً هي من مفاتيح قوة علاقته بإسرائيل، خاصة في ما يتعلق بالتنسيق الأمني والعسكري، وكذلك التخطيط لمشروعات الطاقة وتسييل الغاز الطبيعي، خاصة بعدما تحولت مصر من مصدر إلى مستورد للغاز في العامين الأخيرين، وأصبحت في أمس الحاجة لتأمين مصادر منوعة للاستيراد لحين بدء الإنتاج في 6 حقول جديدة مكتشفة، على رأسها حقل ظهر البحري الذي تديره شركة إيني الإيطالية".