وتضمّن مشروع القانون سبع مواد، نصّت على أن "يستدعى الضباط من كبار قادة القوات المسلحة، الذين يصدر بأسمائهم قرار من رئيس الجمهورية، لخدمة القوات المسلحة مدى حياتهم، ويكون الاستدعاء لمن يشغل منهم منصباً أو وظيفة خارج القوات المسلحة، فور انتهاء شغله لهذا المنصب أو تلك الوظيفة".
ونصّ القانون على أن "يُعامل المعاملة المقررة للوزير كل من لم يشغل من كبار قادة القوات المسلحة المشار إليهم منصب الوزير، أو منصباً أعلى، ويتمتّع بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة، على أن يُحدد بقرار من رئيس الجمهورية المزايا والمخصصات الأخرى التي يتمتع بها المخاطبون بأحكام القانون، مع جواز الجمع بين المزايا والمخصصات المقررة بناءً على أحكامه، وبين أي ميزة مقررة بموجب أي قانون آخر".
ونص القانون كذلك على "منح المخاطبين بالقانون الأوسمة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، مع عدم جواز مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو اتخاذ أي إجراء قضائي في مواجهة أي من المخاطبين بأحكام القانون عن أي فعل ارتكب خلال فترة تعطيل العمل بالدستور، وحتى تاريخ بداية ممارسة مجلس النواب (يناير/كانون الثاني 2016)، مهام مناصبهم أو بسببها، إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك بدلاً من الفترة من الثالث من يوليو 2013 وحتى الثامن من يونيو/حزيران 2014"، بحسب ما جاء في مشروع الحكومة، علماً بأن التاريخ الثاني هو تاريخ أداء السيسي اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية.
ويتمتع المخاطبون بأحكام هذا القانون أثناء سفرهم خارج البلاد بالحصانات الخاصة المقررة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية طوال مدة خدمتهم، وكذا مدة استدعائهم. وعلى وزارة الخارجية اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك، بحسب القانون.
ويسعى هذا القانون الجديد إلى منع تحريك أي بلاغات أو قرارات اتهام أو تحقيقات، في المستقبل، ضد جميع قادة الجيش الذين تورطوا في وقائع العنف الدامية التي أعقبت انقلاب الثالث من يوليو 2013 ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، وعلى رأسها مذبحة فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، علماً أنّ هذا القانون صالح للتطبيق أيضاً على رئيس الجمهورية الحالي عبد الفتاح السيسي.
كما يسعى هذا القانون إلى تضخيم الثروات الشخصية لقادة الجيش الذين شاركوا السيسي انقلابه، حيث يسمح لهم بالمزاوجة بين المعاشات الخاصة بهم والمستحقات المالية المترتبة على أوسمتهم العسكرية، وبين معاش جديد سيمنح لهم بصفة معاملتهم كالوزراء، وذلك للمرة الأولى في تاريخ العسكرية المصرية.
وإلى جانب هذين الهدفين، يعتبر القانون الجديد تطويراً للقانون الذي سبق وأصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة عام 2011، باعتبار جميع أعضاء المجلس آنذاك مستدعين للخدمة بالقوات المسلحة مدى حياتهم، بهدف إنقاذهم من أي مساءلة عن الوقائع الدامية كـ"أحداث محمد محمود وماسبيرو"، إلى جانب منع تحريك أي بلاغات فساد ضدهم أمام جهات التحقيق القضائية العادية.
وكان القانون السابق قد استخدم للتنكيل برئيس الأركان الأسبق للجيش سامي عنان، عندما أعلن نيته منافسة السيسي في الانتخابات، إذ اعتبر ترشّحه وخوضه العمل السياسي خرقاً لاستدعائه العسكري طوال حياته. لكنّ الصياغة الحالية للقانون الجديد تضفي مميزات إضافية على المستفيدين منه، لم تكن متاحة في القانون السابق، أبرزها وقوف الدولة المصرية لمنع توجيه اتهام دولي من أي هيئة قضائية أجنبية أو دولية ضد كبار قادة الجيش السابقين، والمتهمين بالضلوع في بعض الوقائع الدامية المذكورة، إذ سيتمتّع هؤلاء بحصانة دبلوماسية أثناء وجودهم خارج مصر، وبالتالي يمنع ضبطهم أو اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم.
ورجحت مصادر نيابية أن يصدر القرار الجمهوري المطبق لهذا القانون متضمّناً أسماء السيسي نفسه، ووزير دفاعه السابق صدقي صبحي، ورئيس أركان الجيش السابق محمود حجازي، فضلاً عن وزير الدفاع الجديد محمد زكي ورئيس الأركان الجديد محمد فريد حجازي، وغيرهم من قادة الأفرع الرئيسية في الجيش والقادة الذين شاركوا السيسي في الانقلاب، وجميع من تولّوا مناصب قيادية في عامي 2013 و2014.
وتسبّب عدم اكتمال نصاب الثلثين اللازم، بعدم إقرار القانون في إرجاء مجلس النواب المصري التصويت النهائي عليه، بعد الموافقة على مجموع مواده في جلسته التي عُقدت أخيراً، في الوقت الذي يواجه فيه القانون شبهة عدم الدستورية، كونه يمثل تمييزاً لمصلحة مجموعة بعينها، بهدف تحصينهم قضائياً، ومنحهم العديد من الامتيازات، من خلال معاملتهم معاملة الوزراء.
وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، اللواء كمال عامر، إن مشروع القانون "حظي بموافقة مجلس الدفاع الوطني، وهيئة القضاء العسكري، ومراجعة مجلس الدولة، وفق ما نص عليه الدستور"، مضيفاً أنّ "قادة الجيش في أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 فدوا الوطن ومصالحه العليا، خلال أيّام تاريخية مرّت بها مصر، والتي لن تبخل عليهم بأي تكريم يستحقّونه".
واللافت أن رئيس البرلمان، علي عبد العال، أحال مشروع القانون إلى لجان الدفاع والأمن القومي، والخطة والموازنة، والشؤون التشريعية، والعلاقات الخارجية، الإثنين، والتي لم تجتمع لمناقشة القانون منذ إحالته، بحسب ما تنص لائحة البرلمان، وهو ما يدحض رواية عامر بشأن موافقة اللجان على القانون، أو أخذ رأي الجهات التي أوجب الدستور أخذ رأيها، وأن تقرير القانون كان معدّاً سلفاً.
ومن جهته، ثمّن مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، اللواء ممدوح شاهين، إقرار البرلمان تشريعات "تحقّق طموحات الشعب المصري، وكان للقوات المسلحة منها نصيب كبير، من بينها تكريم أسر ومصابي العمليات الأمنية"، مدعياً أن القانون "لا يعدّ تمييزاً"، مستشهداً بالقانون رقم 35 لسنة 1976، الخاص بتكريم قادة القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973.
وقال شاهين إنّ "القانون لا يميّز بعض القادة في القوات المسلحة، وإنّما يكرمهم، وهو ما يمثّل تكريماً لكل أفرادها في إطار تطوير المؤسسة العسكرية ودعمها"، على حد قوله، مضيفاً: "صدر العديد من تشريعات التكريم في مناسبات متعددة، والمؤسسة العسكرية تقدّم الشكر والتقدير لمجلس النواب على ما يبذله أعضاؤه لدعم القوات المسلحة وتطويرها، حتى تظلّ درع الوطن وسيفه".
وجاء حديث شاهين تعقيباً على تساؤلات عضو البرلمان عن حزب "التجمّع"، عبد الحميد كمال، الذي قال: "هل نصوص مشروع القانون تعدّ نوعاً من التمييز، وتتعارض مع بعض القوانين الدولية، والروح العامة للمساواة؟".
وتدخّل رئيس البرلمان، علي عبد العال، بالقول إن مشروع القانون "كان يجب أن يناقشه البرلمان في أول دور انعقاد، وكان لزاماً على الحكومة المبادرة بتقديمه إلى السلطة التشريعية لإصداره، ولا يوجد تمييز على الإطلاق"، بذريعة أنّ القانون جاء على غرار قانون متعلّق بقادة حرب أكتوبر، والذي طُعن به أمام المحكمة الدستورية، ولم تستجب الأخيرة لهذا الطعن.
وزعم عبد العال أن القانون "لا يتضمّن تمييزاً أو تعارضاً مع القوانين الدولية، نظراً لأن ديباجة الدستور استعرضت التطورات التي مرّت بها مصر، وتأسيس الدولة الحديثة القائمة على الحرية والمساواة منذ قيام ثورة 30 يونيو، وتقديم الجيش الوطني التضحيات على مرّ العصور، وهو ما يعني أن هناك سنداً دستورياً للقانون، كون ديباجة الدستور ونصوصه تعدان وحدة واحدة".
واستدرك بالقول: "حتى لو كان هناك تمييز، فهو تمييز إيجابي، ولا علاقة لنا بالتشريعات الأجنبية، فلكل دولة تشريعاتها، والقانون جاء وفق مشروعية انحياز هؤلاء القادة العظام إلى الشعب في ثورته ضد جماعة الإخوان، ولولا شجاعة وجرأة قادة الجيش، وانحيازهم إلى مطالب الشعب، لما جنى الشعب ثمار هذه الثورة!"، من دون الإشارة إلى هذه الثمار التي تحدّث عنها. وختم عبد العال بقوله إنّ "ثورة 30 يونيو واجهتها بعض العثرات، ولم تصل إلى نتائجها الحالية، إلا بوجود هؤلاء القادة الذين كانت لديهم الإدارة والشجاعة والتضحية".
وفي إبريل/نيسان الماضي، وافق مجلس النواب على مشروع قانون برفع رواتب رئيس البرلمان ورئيس الحكومة والنواب والوزراء والمحافظين، إلى ما يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور (42 ألف جنيه شهرياً)، ونواب الوزراء والمحافظين راتباً شهرياً يعادل صافيه 90 في المائة من الحدّ الأقصى للأجور، مع تخصيص المعاش الشهري بقيمة 80 في المائة من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب، وهو ما سيحصل عليه المخاطبون بقانون قادة الجيش، علاوة على مخصصاتهم من القوات المسلحة.