يشن نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حملة قمعية في مواجهة منافسيه المحتملين، مواصلاً هجمته الأمنية الشرسة ضد معارضيه، فكان السجن عقوبة اثنين من ضباط الجيش البارزين، لعزمهما على الترشح للانتخابات الرئاسية، واعتقال رئيس سابق لأهم جهاز رقابي، بوصفه معاوناً لأحدهما، كذلك اعتقال مرشح رئاسي سابق، يرأس حزب "مصر القوية".
أحمد قنصوة
في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ظهر العقيد بالجيش المصري، أحمد قنصوة، بلباس العسكري، في شريط مصور، معلناً نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، على غرار ما فعله السيسي على شاشة التلفزيون الرسمي في العام 2014، غير أن المدعي العام العسكري أصدر قراراً بحبسه خمسة عشر يوماً في اليوم التالي.
وأصدرت محكمة شمال القاهرة العسكرية حكماً بسجن قنصوة لمدة ست سنوات مع الشغل والنفاذ، بدعوى "نشر مقطع فيديو يتناول فيه بعض الآراء السياسية، بالمخالفة للتعليمات والأوامر العسكرية"، والذي أشار فيه إلى عدم انتمائه لأي تيار سياسي، موجهاً انتقادات حادة لسياسات الرئيس الحالي الأمنية والاقتصادية.
اتخذ قنصوة، الذي يعمل مدرساً للهندسة المعمارية في الكلية الفنية العسكرية، شعار "هناك أمل" لحملته الانتخابية، مقدماً خطاباً ديمقراطياً، باللغتين العربية والإنكليزية، تعرض فيه إلى تردي أوضاع حقوق الإنسان، وانتشار ظاهرة الإخفاء القسري، والاعتقالات، بعدما أظهر دراية واسعة بالأزمات التي تشهدها بلاده.
سامي عنان
اعتقل الجيش المصري رئيس أركانه الأسبق، الفريق سامي عنان، في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، عقب يومين من إعلان عزمه على الترشح لانتخابات رئاسة البلاد، متهماً إياه بـ"الترشح دون الحصول على موافقة القوات المسلحة، والتحريض ضدها في بيان ترشحه، بغرض إحداث الوقيعة مع الشعب، وارتكاب جريمة التزوير في المحررات الرسمية".
الاتهامات التي وجهت لعنان استندت إلى عدم حصوله على ورقة إنهاء استدعائه من الجيش، التي منحها الأخير عن طيب خاطر للسيسي، للترشح في الرئاسيات قبل أربع سنوات، وتعود إلى قرار صادر في العام 2011 من المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، باستدعاء جميع أعضاء المجلس الحاكم آنذاك.
وفي بيان ترشحه، دعا عنان مؤسسات الدولة إلى الوقوف بحياد بين المرشحين، محذراً من تداعيات "الانحياز غير الدستوري لرئيس قد يغادر منصبه خلال أشهر معدودة"، من دون الإشارة صراحة إلى الجيش، الذي رفض أن يحمله وحده مسؤولية المواجهة، نتيجة سياسات خاطئة، وعدم اتباع سياسة رشيدة "تمكن القطاع المدني للدولة من القيام بدوره متكاملاً".
هشام جنينة
صباح الثلاثاء 13 فبراير/شباط، اعتقل الجيش معاون عنان، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، وأحاله إلى المحاكمة العسكرية، عقب تصريحاته بشأن امتلاك رئيس أركان الجيش المعتقل "أدلة تُدين الكثير من قيادات الحكم الحالية، في الأحداث الجسيمة التي وقعت عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011".
كشف جنينة عن احتفاظ عنان بوثائق تبيّن تورط الاستخبارات العسكرية، بقيادة السيسي، في الأحداث التالية للثورة، أو ما عُرف حينها بـ"الطرف الثالث"، علاوة على فساد قيادات بارزة، حالية وسابقة، في القوات المسلحة، وإظهارها في حال المساس به، كونها مع شخصيات غير عسكرية خارج مصر.
وتعرض جنينة للاعتداء بأسلحة بيضاء من قبل ثلاثة "مسجلين" مدفوعين من الأجهزة الأمنية، بقصد ترويعه، أثناء ذهابه للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على قرار استبعاد عنان، في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، وعمدت الشرطة إلى تركه ينزف قرابة خمس ساعات من دون تضميد جراحه، رغم وجود سيارة إسعاف على مقربة من مكان احتجازه.
عبد المنعم أبو الفتوح
اعتقلت السلطات المصرية، ليل 14 فبراير/شباط، رئيس حزب مصر القوية، المرشح الرئاسي السابق، عبد المنعم أبو الفتوح، و6 قيادات في حزبه (أخلت سبيلهم لاحقاً)، من داخل منزله في منطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة، عقب عودته من العاصمة البريطانية لندن، وأقل من أسبوع على اعتقال نائبه في الحزب، محمد القصاص، بعد إخفائه قسرياً ليومين.
وأمرت النيابة المصرية بحبس أبو الفتوح، الخميس 15 فبراير/شباط، بعد أن مثل أمامها للتحقيق معه في ما نُسب إليه من الاتصال بجماعة الإخوان، والتحريض ضد مؤسسات الدولة، على خلفية الحوار الذي أجراه أخيراً مع شبكة "الجزيرة" الإعلامية، وقال فيه إن "السيسي لا يمتلك خبرة في إدارة الدولة، أو تاريخا سياسيا، ويحكم بطريقة يا أحكمكم يا أقتلكم، وأحبسكم"، وقال أيضاً إنه كان يمكنه الترشح لانتخابات الرئاسة، لو تحقق فيها حد أدنى من الضمانات.
وكان أبو الفتوح قد وقّع، إلى جانب جنينة وثلاثة من مرشحي الرئاسة المنسحبين، على بيان يطالب المصريين بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، وعدم الاعتراف بأي مما ينتج عنها، مع ضرورة وقفها، باعتبارها فقدت الحد الأدنى من شرعيتها، ووقف أعمال الهيئة الوطنية للانتخابات، وحل مجلسها، لتستره على التدخل الأمني والإداري من قبل نظام السيسي.