السيفُ والرمحُ وداعشُ

14 أكتوبر 2014
السّيف في اللغة والشعر العربي (Getty)
+ الخط -
كان الحكّام والخلفاء يقرّبون الشعراء منهم، في غياب وسائل الإعلام. فقد كانت أبياتهم هي النشرات الإخبارية، والأخبار العاجلة، التي يتناقلها العوامّ، كما لو أنّها مقاطع يوتيوب متنقّلة بين أقطار العرب وبلادهم.
وبالطبع بين "خبز" السلطان و"سيفه"، قصّة حبّ أزلية أبدية. فمن يأكل من خبز السلطان، يضرب بسيفه. وربّما يكون مولانا، المتنبّي، الشاعر الأكثر بروزاً في تاريخنا العربي، في علاقته بالحكّام والسلطات. هو الذي كان شاعر بلاط سيف الدولة، ثم كافور الإخشيدي، وبعدهما وقبلهما الكثير من الحكّام والولاة، من مصر وصولا إلى الشام والعراق وبلاد فارس وغيرها.
وربّما أشهر أبياته "الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ". وهنا يبدو واضحا أنّ السيف والرمح يسبقان القرطاس والقلم، أي أنّ أدوات القتل تأتي قبل أدوات "الثقافة"، وقبل هذا وذاك، هناك الخيل والليل والبيداء.
مثله أبو تمّام، الذي مات قبل أن يولد المتنبّي بسبعين عاماً تقريباً، إذ إنّ قصيدته الأشهر فيها سيفٌ عنيد: "السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتبِ، في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعبِ". وفيها يضيف: "بسُنّةِ السّيف والخطيَّ من دمه...". هكذا يحسم الشاعر، كإعلاميّ، وكمثقّف في تلك الأيّام، أنّ السيف يقول فيما الكتب "تلتُّ وتعجن" فقط.
ومثله خلّدت ذاكرات الناس، من قصائد كثيرة لعنترة بن شدّاد، بيتين فيهما سيف أيضاً: "ووددتُ تقبيل السيوف لأنّها، لمعت كبارق ثغركِ المتبسّمِ". وهنا يحضر السيف في تبيان مفاتن حبيبته وثغرها اللامع كما لو في واحدة من لقطات فيلم "Kill Bill".
وهؤلاء وغيرهم كان السيف بالنسبة إليهم، كما القتل وقطع الرقاب، من اليوميات العادية، مثل قول أبي تمّام: "كم كان في قطع أسباب الرقاب بها، إلى المخدّرة العذراء من سبب".
هو تاريخ – جبل من الجماجم. والشعر شاهد من دون أن يعترض. وكان ديك الجنّ الأكثر اقترابا من ثلاثية الشعر والحبّ والسيف، حين قتل زوجته بسيفه، ظنّا منه أنّها خانته، واكتشف، لاحقاً، أنّها كانت بريئة، فراح ينظم لها قصائد الندم.
المساهمون