لم تكتمل فرحة والدي الشهيد أحمد الخروبي (20 سنة) من سكان حي "سطح مرحبا" في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، والقريب من منطقة مخيم قلنديا شمالي القدس المحتلة، بعدما سعيا أن يكمل فلذة كبديهما دراسته في الخارج، في تخصص الفندقة.
استشهد أحمد فجر اليوم الخميس، في مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وترك حلمه في ذاكرة والديه. وعلى صوت أزير الرصاص ورائحة البارود الذي أطلقه مسلحون ملثمون، شيع نحو ألفي فلسطيني جثمانه ملفوفا بالعلم الفلسطيني، عقب صلاة الجنازة عليه في مسجد البيرة الكبير وسط المدينة، على وقع هتافات تمجد الشهيد وتدعو للثأر.
ورفرفت في الجنازة أعلام فلسطين ورايات الفصائل الوطنية، قبل أن تجوب مسيرة شوارع البيرة، متجهة إلى مثواه الأخير في مقبرة المدينة القريبة من منزل أحمد، وسبق ذلك إلقاء نظرة الوداع عليه من قبل عائلته ومحبيه.
في منطقة كفر عقب شمالي القدس، استشهد أحمد حينما ذهب برفقة أصدقائه للدفاع عن منزل الشهيد مصباح أبو صبيح، الذي نفذ عملية إطلاق نار قبل نحو شهرين في القدس وقتل فيها عدد من الإسرائيليين، في محاولة لمنع هدم منزل الشهيد، لكن أحمد استشهد وأصيب 5 شبان آخرين، وهدمت الجدران الداخلية لمنزل الشهيد أبو صبيح.
يقول خالد الخروبي، ابن عم الشهيد، لـ"العربي الجديد"، إن "أحمد كان ضمن مجموعة كبيرة من الشبان تجمعت بالقرب من منزل الشهيد مصباح أبو صبيح، للحيلولة دون هدمه حين اقتحمت قوات الاحتلال كفر عقب. وتقدمت باتجاه المنزل ممطرة الشبان بالرصاص الحي والمعدني والغاز. أصيب أحمد برصاصتين في العنق والبطن، ما أدى إلى استشهاده بعد وقت قصير متأثرا بجراحه، فيما أصيب 5 شبان على الأقل بالعيارات المعدنية".
وسط مقبرة البيرة كانت الجماهير تقف في وداع الشهيد لمواراته في الثرى، بينما أصدقاؤه يتجمعون حول القبر، وقال أحد أصدقائه مفضلا عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، ودماء أحمد لا زالت على يديه: "كان بمثابة الأخ، هو إنسان جدع، كان يطلب الشهادة منذ زمن، شاب من الشباب اللي كان دمهم حامي".
وفيما الدموع تذرف من عينيه، يقول إن "اللحظات الأخيرة كانت صعبة على الجميع، أصيب أحمد برصاصة في العنق. سنعاني جميعا من فقده، لقد كان معتقلا لدى الاحتلال، ثم جريحا برصاص الاحتلال، وها هو اليوم شهيد".
واعتقل الشهيد أحمد قبل 8 شهور بينما كان عائدا مع والدته من الأردن، وأمضى نحو أسبوعين في الاعتقال، وهو طالب فندقية في سنته الأولى، كان يطمح أن يكمل دراسته في الخارج، وسعت عائلته لاستصدار موافقة لعدم منعه من السفر من قبل الاحتلال، وحصلت على الموافقة أمس الأربعاء، لكن أحمد استشهد.
ويقول نشأت الخروبي والد أحمد، في حديث للصحافيين أثناء التشييع: "كان بصدد السفر لإكمال دراسته، استفسرنا له إن كان ممنوعا من السفر أم لا، من أجل دراسة الفندقة، الحمد لله سافر لرب العالمين، والشهادة أخذها رغما عن الكل".
أما المحاضر في جامعة القدس، أكرم الخروبي، وهو ابن عم والد الشهيد، فيشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن أحمد من عائلة مناضلة "تعرض والده وأقرباؤه للاعتقال، وتربى على حب الوطن، علاوة على أن أحمد معروف في العائلة أنه شجاع، ومن الناس الذين يرمون أنفسهم على الموت. ودائما يكون في الصف الأول بالمواجهات مع الاحتلال، وكان الجميع يتوقع له نهاية مشرفة. ربنا أكرمه بالشهادة وهي منزلة لا يصلها أي إنسان".