وخرج المئات من الفلسطينيين، بعد عصر اليوم، في مسيرة غاضبة بمشاركة قيادات من الفصائل ونشطاء وأهالي الأسرى، جابت شوارع مدينة رام الله انطلاقًا من ميدان المنارة، على وقع الهتافات المنددة بما يتعرض له الأسرى والدعوة لمساندتهم.
وهتف المشاركون بهتافات "وحدة وحدة وطنية وع أسس كفاحية"، و"فشرت عينك يا أردان والأسرى هم العنوان"، و"هي يلا هي يلا أسرانا مش حيا الله"، و"يا متسادا ويا يمام جوا النقب عنا زلام"، و"اصرخ اصرخ علي الصوت واللي بيصرخ ما بيموت"، و "بالروح بالدم نفديك يا أسير"، و"يا محلا خطف الجنود ضباط وحرس حدود"، و"يلي بتسألني شو صار سجن النقب ولع نار".
وعاش أهالي الأسرى توتراً طيلة الليلة الماضية واليوم، نتيجة قمع الاحتلال للأسرى في سجن النقب، إثر احتجاج الأسرى على أجهزة التشويش التي تقوم إدارة سجون الاحتلال بتركيبها، خشية على حياتهم من الأمراض وخاصة مرض السرطان.
والدة الأسيرين مراد البرغوثي، المحكوم بالسجن المؤبد، وأصيل، الذي يقبع رهن الاعتقال الإداري، قالت لـ"العربي الجديد"، على هامش مسيرة رام الله، "الليلة لم ننم ونحن نتابع الأخبار. أولادنا يموتون وطيلة الليلة ونحن ندعو لهم ونصلي لأجلهم، أولادنا في خطر، وأي شيء قد يحدث ربما نخسرهم بسببه، في ظل تركيب أجهزة التشويش التي تؤثر عليهم، ثم يقوم الاحتلال باقتحام غرفهم بالأسلحة وباستخدام الكلاب البوليسية ويتم قمعهم بالعصي ويرشونهم بالغاز المسيل للدموع، ألا يكفي أنهم مسجونون ثم تأتي هذه العقوبات؟".
أما محمد القروي، شقيق الأسير رأفت، فقال على هامش المسيرة، لـ"العربي الجديد": إن "أهالي الأسرى مغلوب على أمرهم لا يمتلكون فعل شيء، في ظل ما يعانيه أبناؤهم، ويجب على الجميع مساندة الأسرى، وليس المطلوب أن يساند الأسيرَ أهله فقط". مشيراً إلى أن "الكثير من الدول اعترفت بفلسطين دولة عضو غير مراقب في الأمم المتحدة، والمطلوب أن تتخذ موقفاً لما يجري بحق الأسرى وكذلك أن تتحمل المؤسسات الرسمية في السلطة مسؤولياتها تجاه ما يجري بحق الأسرى".
من جانبه، قال أمين سر حركة فتح في محافظة رام الله والبيرة، موفق سحويل، لـ"العربي الجديد": إن "قضية الأسرى قضية مجمع عليها، والاعتداءات الإسرائيلية بحق الأسرى هدفها تركيعهم وتنفيذ مخططات لبعض الساسة الإسرائيليين في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، ولكن قضية الأسرى يجب أن لا تكون موضوعاً انتخابياً، فقضيتهم قضية مركزية للشعب الفلسطيني ولن يقف الشعب مكتوف الأيدي، وسيخرج الموضوع عن السيطرة".
ونوه سحويل إلى أن "تضييق الخناق على الأسرى دفع بهم للدفاع عن أنفسهم، وذلك من حقهم، علاوة على الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال من خلال إجراءات عدة تتعلق بحياة الأسرى اليومية، وكذلك تركيب أجهزة تشويش قد تفتك بهم الأمراض بسببها، فهذه أمور مركزية للأسرى، ومن حقهم أن يعيشوا وفق القوانين الدولية".
في حين، قال القيادي في حركة "حماس" حسن يوسف، لـ"العربي الجديد": إن "المطلوب من الشعب الفلسطيني التحرك لمساندة الأسرى، ولا يمكن أن نقف صامتين لما يجري بحق الأسرى وندير ظهورنا لهم، ومطلوب من السلطة أن تفضح سياسات الاحتلال عبر المؤسسات الدولية". مشدداً على أن "ما يجري في السجون والتصعيد الحاصل سببه الاحتلال ومن يريدون كسب الأصوات الانتخابية في الانتخابات الإسرائيلية القادمة على حساب الأسرى".
من جانبه، قال رئيس الهيئة القيادية العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، أمين شومان، في حديث لـ"العربي الجديد": إن "هذه الفعاليات ستتواصل بكافة المحافظات الفلسطينية، إسناداً للأسرى أمام الهجمة غير المسبوقة بحقهم، ولإسقاط توصية أرادان بشأن التضييق على الأسرى، ومن أجل القيام بفعاليات مساندة خلال الفترة المقبلة وصولاً إلى فعاليات يوم الأسير الفلسطيني الشهر القادم".
بدوره، قال الناشط عمر عساف لـ"العربي الجديد": إن "المطلوب أن تتفاعل الجماهير لمواجهة الهجمة ضد الأسرى، والمطلوب المواجهة مع الاحتلال على الحواجز ونقاط التماس، والتحرك على الصعيد الدولي لأجل الأسرى، لأن ما تقوم به إسرائيل مخالف للقوانين الدولية، فلا بد من العمل لأجل معاقبة إسرائيل وفرض العزلة عليها".
بينما رأى الناشط منذر عميرة لـ"العربي الجديد"، أن "المطلوب من أبناء الشعب الفلسطيني الالتفاف حول قضية الأسرى، الذين يعيشون هذه الأيام في خطر حقيقي يهدد حياتهم، وإن لم تكن هناك حركة شعبية للضغط على الاحتلال، فلن يوقف هذه الاعتداءات".
من جهة أخرى، اندلعت مواجهات على المدخل الشمالي لمدينة البيرة بين الشبان وقوات الاحتلال عقب مسيرة مساندة للأسرى، ما أوقع عددًا من الإصابات بحالات اختناق، فيما اندلعت مواجهات أخرى بين الشبان وقوات الاحتلال على مدخل مخيم الجلزون شمال رام الله ولم يبلغ عن وقوع إصابات، بينما أغلقت قوات الاحتلال طريق رام الله الجلزون ببوابة حديدية، وفق ما ذكرت مصادر صحافية.
وإلى الجنوب من الضفة الغربية، شارك عشرات الفلسطينيين بوقفة تضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال أمام مقر الصليب الأحمر الدولي في مدينة بيت لحم بمشاركة شخصيات وقيادات فلسطينية وأهالي الأسرى.
وفي مدينة الخليل نظمت القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات الأسرى في المحافظة وقفة تضامنية في المدينة دعماً وإسناداً للأسرى بمشاركة أهالي الأسرى والأسيرات وأسرى محررين، محملين الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، ودعوة مؤسسات المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل للإفراج عنهم.
كما شارك العشرات من الفلسطينيين بوقفة تضامنية مع الأسرى وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بدعوة من القوى الوطنية والمؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى، في ظل ما يتعرضون له من هجمة شرسة من قبل إدارة سجون الاحتلال، مطالبين بضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته بوقف الهجمة الشرسة على الأسرى، وضرورة التحرك محلياً ودولياً للدفاع عن الأسرى، وحمايتهم.