تنتهج شرطة الاحتلال الإسرائيلي، سياسة عنصرية واضحة تتمثل بتشجيع عناصر الجماعات اليهودية المتطرفة على التنكيل والمس بالفلسطينيين وممتلكاتهم، إلى جانب غضّ نظرها عن الممارسات الإجرامية والجنائية التي يذهب ضحيتها الفلسطينيون في مجمعاتهم السكنية. ومن أصل 1045 شكوى قدمها الفلسطينيون حول اعتداءات نفذها بحقهم يهود خلال السنوات العشر الماضية، لم تقدم الشرطة الإسرائيلية سوى لوائح اتهام في 72 شكوى منها، وقامت بإغلاق ملفات الشكاوى الأخرى، بحجة عدم وجود أدلة كافية.
وبحسب تقرير صدر أخيراً عن مركز "يوجد قانون" الإسرائيلي، واقتبسته صحيفة "هآرتس"، تتعامل الشرطة والسلطات القضائية مع هذا النوع من القضايا بثلاثة أشكال مختلفة: أولاً، إن ثلث لوائح الاتهام التي تقدمها الشرطة تنتهي بإصدار أحكام بحق اليهود المسؤولين عن تنفيذ الاعتداءات وعمليات التنكيل؛ ثانياً، تتوقف الإجراءات القانونية المتعلقة بربع لوائح الاتهام قبل وصولها للمحكمة؛ ثالثاً، تقرر المحكمة عدم إدانة أي متهم بعد مناقشتها ربع لوائح الاتهام الأخرى، على الرغم من اعترافها بأن الأشخاص الذين قررت عدم إدانتهم قد نفذوا الجرائم المذكورة في لوائح الاتهام.
في هذا الإطار، يستنتج التقرير أن فرصة أن تفضي شكوى يقدمها فلسطيني ضد مستوطن يهودي إلى إدانة الأخير لا تتجاوز 1.9 بالمائة فقط. ويوضح التقرير أن الشكاوى التي يقدمها الفلسطينيون تتعلق بعمليات تنكيل نفذها بشكل خاص يهود يقطنون في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث شملت الجرائم أيضاً عمليات إحراق وتعدٍّ على الممتلكات الفلسطينية الخاصة والعامة. ويشير إلى أنه يستشف من الكثير من الشكاوى أن اعتداءات المستوطنين أثّرت بشكل واضح على طابع نمط حياة الفلسطينيين. ويصنف التقرير الجرائم التي يرتكبها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين باعتبارها "جرائم ذات خلفية أيديولوجية".
في هذا الصدد، يعتبر الكاتب الإسرائيلي، عوزي بنزيمان، في مقال نشرته "هآرتس" قبل أيام، تعقيباً على تقرير مركز "يوجد قانون"، أن الاستخفاف الذي تتعامل به الشرطة الإسرائيلية مع الفلسطينيين "يحظى بدعم من المجتمع الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن تجاهل مؤسسات حفظ القانون الأخرى، لا سيما النيابة العامة والمحاكم، لمعاناة الفلسطينيين على أيدي اليهود يعبّر عن "توجه مجتمعي عام". ويرى بنزيمان أن المعطيات التي وردت في التقرير تضفي شرعية على اتهام إسرائيل بممارسات سبق لألمانيا النازية أن ارتكبتها ضد اليهود وغيرهم عشية وخلال الحرب العالمية الثانية.
ويلفت عجنون الأنظار إلى أن كلمة "الشرطة" تكتب فقط بالعبرية والإنجليزية على سيارات الشرطة الإسرائيلية ولا تظهر الكلمة بالعربية "وذلك لأن الشرطة الإسرائيلية غير معنية بتقديم خدمات الأمن المختلفة للفلسطينيين". ويضيف: "الشرطة الإسرائيلية التي تعمل في القدس لا تضع في حسابها حماية المواطنين الفلسطينيين بل فقط تحرص على فرض مظاهر السيادة الإسرائيلية عليهم".