يعيش المدرب ليونيل سكالوني، لحظاته الأخيرة مع المنتخب الأرجنتيني، وهناك إجماع كبير داخل الأرجنتين على أن نهاية مغامرة "راقصي التانغو" في "كوبا أميركا" ستكون هي آخر محطة له في تجربة لم يكتب لها أن تعمّر طويلاً، خصوصاً أن المأمورية أضحت صعبة وحتى الفوز على قطر لا يضمن للأرجنتين التأهل للدور المقبل، بما أنها ستكون مجبرة على انتظار باقي النتائج لمعرفة مصيرها.
ويعتبر تسيير سكالوني وتدبيره لرحلة المنتخب الأرجنتيني في "كوبا أميركا" سيئاً للغاية، بعدما استهلها بخسارة ضد كولومبيا بثنائية نظيفة، قبل أن ينجو بأعجوبة من هزيمة إضافية ضد باراغواي بعد التعادل بهدف في كلّ مرمى، والسمة المشتركة بين كلا اللقاءين هي أن الأرجنتين لم تقدم فيهما أي مردود يشفع لها بالتأهل، فيما تشير تقارير صحافية إلى أن سكالوني لم يعد محط ثقة اللاعبين بعدما منح التشكيل الأساسي الذي ينوي الدخول به في مباراة باراغواي لثلاثة صحافيين، وسيرجيو أغويرو على سبيل المثال علم عبر الإنترنت أنه لن يكون أساسياً.
وخلال نفس اللقاء، أخرج سكالوني المهاجم لاوتارو مارتينيز لاعب إنتر ميلان وأقحم مكانه دي ماريا، الأمر الذي أثار الكثير من الانتقادات ضد سكالوني، بعدما برر الأخير الأمر بكون مارتينيز يُعاني من مشكلة جسدية استوجبت تغييره، وهو ما نفاه اللاعب في تصريحات ما بعد اللقاء وأبرز أنه كان على ما يرام.
من جهة أخرى، أكدت الصحف الأرجنتينية أن سكالوني، سيلجأ إلى الاعتماد على لاوتارو مارتينيز وسيرجيو أغويرو كمهاجمين أمام ميسي الذي سيعود إلى مركزه المعتاد.
خطوة سكالوني تأتي كردّ فعل على الضغوطات التي يعيشها بما أن الفوز ضد قطر بات إجبارياً، من أجل الحفاظ على آخر الحظوظ المتبقية للتشكيلة بغية التأهل للدور المقبل.
الحقيقة الواضحة هي أن الجميع في الأرجنتين يعاني من مشكل ثقة تجاه المنتخب، إذ يعتقد جميع الصحافيين بأن زملاء ميسي بحاجة لمعجزة من أجل التأهل، وعلى سبيل المثال قالت راما بانتوروتو من قناة تيليفي التلفزيونية: "أعتقد أننا سنتأهل فقط لأننا نملك ميسي"، فيما قال أرتورو بوريان من "تي إن تي سبورتس": "إذا تأهلنا فذلك سيكون بفضل اللاعبين وإمكانياتهم، اللعب بأغويرو ومارتينيز معاً أمر إيجابي، تكلّمنا قبل الدورة بأن قطر خصم أسهل مقارنة بكولومبيا وباراغواي، إلا أن الواقع يقول بأنه يجب علينا التركيز أمام قطر والفوز".
وأكد فيكتور توجشينايدر من جوغو بونيتو: "أمام الأرجنتين فرص للفوز، لكن يتعين على سكالوني بناء الفريق بمزيد من الذكاء"، وقال مانويل أوليفاري من ديراك تيفي سبور: "أعتقد أن الأرجنتين ستتأهل لمجرد أنه لدينا ميسي، ولدينا إيمان بذلك، ليس هناك أمل في رؤية مستوى أحسن من قبل لاعبينا".
وقال غوستافو ياروش من إذاعة لا ريد: "لدي الكثير من الشكوك في أن منتخب الأرجنتين سيتأهل إلى الدور المقبل، لأنه يلعب بشكل سيئ، إذا لم يظهر الفريق بمستوى أفضل فيجب علينا أن نعتمد على ميسي وأغويرو في ذلك"، وقال ريناتو ديلا باوليرا من "فوكس سبور": "آمل أن تظهر روح اللاعبين، وإلا سيكون ذلك مستحيلًا".
وقال فيرونيكا بروناتي من "تيلي موندو": "أعتقد أن الأرجنتين ستتأهل، آمل أن يحدث شيء ضد قطر مثلما حدث ضد نيجيريا في كأس العالم بروسيا، في اللحظة الأخيرة سجلنا هدفاً بسبب إصرار وعزيمة اللاعبين".
ويتعرض سكالوني لبعض الضغوطات من قبل المدربين السابقين، حتى من قبل خورخي إيغوايين، والد غونزالو لاعب يوفنتوس.
خورخي لديه موقف متشدد للغاية ضد سكالوني بعدما قال: "لم يكن لدى سكالوني أي ميزة لقيادة الفريق، هناك الكثير من الفوضى في الاتحاد، ولهذا السبب يتجنّب المدربون الكبار قيادة المنتخب الوطني"، مشجعو الأرجنتين يشعرون بالحزن الشديد لم يعد لديهم ثقة في اللاعبين أو في المدرب، افترض المشجعون بالفعل أنهم لن يروا ميسي يلعب مع المنتخب بنفس أسلوبه مع برشلونة، رغم ذلك يعي ميسي أنه لن يكون أبداً عرضة لأي نوع من التوبيخ لأن الجميع يعرف مكمن الخلل في التشكيلة.
ولعب بعض اللاعبين بشكل سيئ للغاية في كوبا أميركا مثل سارافيا وأوتامندي لاعب مانشستر سيتي، ولو سيلسو متوسط ميدان ريال بيتيس الإسباني، ودي ماريا وباريديس لاعبي خط وسط باريس سان جيرمان، وبيريرا من واتفورد.
ولا يُعتبر سكالوني فقط ضمن قائمة المغضوب عليهم، إذ يرغب مشجعو الأرجنتين أيضاً في رحيل كلاوديو تابيا رئيس الإتحاد الأرجنتيني، لأنه السبب في جلب مدرب لا يملك أي خبرة مثل سكالوني، كذلك فإن المشجعين والاتحاد الأرجنتيني يشعرون بالضيق من مدير المنتخبات الوطنية سيزار لويس مينوتي، الذي كان مدربًا للمنتخب الأرجنتيني الحاصل على كأس العالم 1978.
ولم يسافر مينوتي البالغ من العمر 81 عامًا مع البعثة الأرجنتينية إلى البرازيل لأنه مريض حسب تصريحاته، التي قال فيها إنه مصاب بالتهاب في المسالك البولية، لكن هناك بعض المسؤولين في الاتحاد يعتقدون أنه لا يريد حقًا أن يعرض نفسه إلى موقف محرج، بسبب الوضعية التي يعاني منها المنتخب الوطني.
بالإضافة إلى ذلك غضب تابيا وزملاؤه لأن مينوتي كتب مقالة في صحيفة "سبورت" الكتالونية، ولم يُكلّف نفسه عناء الاتصال بالمدرب واللاعبين لتقديم المشورة لهم من أجل الخروج من هذا الموقف المحرج.
هناك أيضًا مشكلة أخرى تلوح في المستقبل، ففي شهر مارس/ آذار من العام المقبل تبدأ التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022 في قطر، وعن قارة أميركا الجنوبية هناك أربعة مقاعد فضلاً عن منتخب خامس سيخوض الملحق، ولكن الحقيقة هي أن البرازيل وأوروغواي وباراغواي وكولومبيا وتشيلي هي فرق على مستوى أعلى من الأرجنتين، لهذا السبب وعلى الرغم من استمرار ميسي في التواجد مع المنتخب، يعتقد الكثير من المشجعين أن الأرجنتين لن تكون قادرة على لعب كأس العالم في قطر.
ويرغب مشجعو المنتخب الأرجنتيني أن يكون المدرب القادم للمنتخب الوطني هو مارسيلو غاياردو، مدرب ريفر بلايت بطل كأس ليبرتادوريس، لكن غاياردو يرفض العمل مع المسؤولين الحاليين للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، وعلى هذا الأساس فإن المشجعين متشائمون للغاية بشأن مستقبل المنتخب الوطني.