الصحافة البرلمانية التونسية: تطور مطّرد منذ الثورة

15 مايو 2016
لم تكن هناك أصوات مخالفة قبل الثورة (Getty)
+ الخط -
عرفت الصحافة البرلمانية في تونس بعد الثورة تحولاً كبيراً، حيث أرسى مجموعة من الصحافيين البرلمانيين قواعد جديدة تنظّم العمل الصحافي داخل أروقة مجلس نواب الشعب، بعد عقود من تقييد هذا النوع من الصحافة وتغييب لدوره الهام في التأسيس والتشريع. ومنذ أيام، تم تدشين قاعة خاصة بالصحافيين داخل مقر البرلمان بتجهيزات متطورة، إضافةً إلى قاعة للندوات الصحافية وقاعة استراحة من اجل تسهيل عمل الصحافيين ومنحهم مزيدا من الخصوصية والهدوء والراحة في القيام بمهامهم.

حول تطور الصحافة البرلمانية بعد الثورة، يؤكد مراسل جريدة "الشروق" التونسية بالبرلمان سرحان الشيخاوي، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "من البديهي عدم إمكانية الحديث عن صحافة برلمانية قبل 2011، حيث كان البرلمان مجرد ذراع تشريعي للسلطة التنفيذية وكانت التغطية الصحافية تقتصر على السياق الرسمي وما يتماشى مع موقف السلطة دون نقل للنقاش والجزئيات الجانبية والكواليس، وهي معطيات جوهرية تشكّل العمق السياسي للنص القانوني الذي تتم مناقشته".
ويضيف: "يمكن الحديث عن نشأة للصحافة البرلمانية منذ بداية أشغال المجلس الوطني التأسيسي الذي كان اختصارًا للنظام البرلماني المحض حيث كان يؤسس ويشرّع ويمنح الثقة للحكومة ويسحب الثقة منها ويعيّن رئيس الجمهورية. فقد نشأت الصحافة البرلمانية الجادة في تونس مع بداية أشغال المجلس الوطني التأسيسي بعد الثورة وتطورت من النقل الحرفي لأشغاله إلى نقل كواليس عمله والخلفيات السياسية، والتحليلات ومقالات الرأي. وساهم هذا التطور في تغيير العديد من النصوص القانونية حيث كانت الصحافة البرلمانية لاعبًا أساسيًا في معادلة صياغة النصوص بالرغم من أنها لم تكن طرفًا في ذلك".

وحول تجربته الشخصية كصحافي برلماني منذ الثورة، يضيف الشيخاوي "تطورت في مستوى الكتابة والفهم مع كل نص تشريعي يُضاف إلى قائمة النصوص التي يناقشها البرلمان فلكل نص خصوصيته وخاصة أن شبكة القوانين التي يتعاطى معها البرلمان تتعلق بكل القطاعات. أعتقد أن الصحافة البرلمانية من أهم الاختصاصات الصحافية بعد تغير النظام السياسي في تونس من نظام رئاسي إلى نظام برلماني معدّل، وبالتالي يجب تكوين عدد هام من الصحافيين في هذا السياق للتمكّن من نقل مبسّط للنص القانوني المركّب وحتى تكون الصحافة البرلمانية مرآة تعكس كل ما يحدث تحت قبة البرلمان للرأي العام التونسي بصيغة مبسّطة وقابلة للفهم".




الصحافية البرلمانية في راديو "كلمة"، أمل الهذيلي، تتحدث عن تجربتها، فتقول: "عام 2011 دخلنا تلاميذ إلى أروقة المجلس التأسيسي، بصدد اكتشاف عالم من القوانين والتشريعات واللجان والكواليس. وكلنا كنا صحافيين شبابا يافعا نفور حماسة كما هو حال البلاد. تجربتنا في الصحافة التشريعية فترة المجلس التأسيسي لم تكن سهلة وسط زوبعة من الأحداث السياسية، التي وصلت حد الاغتيال. أصبنا بالهلع في فترات كثيرة، كما عشنا تتويج أشغال المجلس التأسيسي بدستور جديد بفرحة شديدة مرفوقة بشيء من النضج". وتضيف: "قبل الثورة، كانت أروقة البرلمان حكرا على قلة من الصحافيين الذين تمرّسوا بالبرلمان وخبروا قواعده الصارمة، ولا مجال حينها لتمرير أي صوت معارض أو مخالف لتوجيهات "سيادة الرئيس".

وحول تأسيس جمعية تعنى بمشاغل الصحافيين البرلمانيين تضيف الهذيلي "مصفاة الأحداث والحنكة فعلت فعلها فيما بعد، ليصبح لنا بعد انتهاء التجربة التأسيسية، عدد لا بأس به من الصحافيين الذين خبروا البرلمان وحفظوا قاعاته وأروقته عن ظهر قلب، وخبروا أسراره وشعابه. ومن هنا جاءت فكرة "الجمعية التونسية للصحافيين البرلمانيين". كنا أصدقاء وزملاء، تعودنا الالتقاء بشكل شبه يومي داخل المجلس، وصرنا نتعاون في مناسبات عدة في إيصال المعلومة الموثوقة، ووجدنا لحمة تلقائية بيننا حال يمارس ضغط أو تجاوز ضد أي صحافي. لاحظنا أننا صرنا "ذاتا" وجزءا من المشهد البرلماني، من دوننا لم تكن حملات ونقاشات وحتى مظاهرات لتكون، لأننا نحن الرابط بين الرأي العام وكواليس البرلمان. اتفقنا على تكوين الجمعية، وكانت الفكرة أن يكون لها دور نقابي لا غنى عنه، ودور تكويني للصحافيين المتوافدين على قبة المجلس، وكيفية التعامل مع المعلومة. الآن بدأت هذه الجمعية تبحث عن موطئ قدم ترتكز عليه لتمارس مهامها وأهدافها، وتعمل بالإمكانيات المتاحة، وتطمح أن تكون هيكلا جديدا لا تجارب مقارنة كثيرة له، لضمان صحافة برلمانية محترفة ومستقلة وقوية".