أدرك تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" سريعاً، بعد سيطرته على مناطق عدة في سورية والعراق، خطورة الإعلام، فقرر التحكم في هذه الوسيلة، عبر احتكار تصاريح وسائل الإعلام ومراقبة ما يتم نشره أو إذاعته. وحظر نقد "الخلافة الإسلامية"، و"الدولة الإسلامية"، ومقاتليها وحتى خدماتها. ومن الممنوعات بالطبع، إصدار نشرات خاصة، إلا ما يصدر عن "داعش" نفسها بالطبع.
وقد بدأ التنظيم يدرك أهمية الإعلام أكثر، من خلال إصدار العدد الأول لمجلة تحت مسمى "دابق"، كانت موجهة بالدرجة الأولى إلى الدول الغربية، إذ صدرت باللغة الإنكليزية أولاً، وصمّمت بطريقة محترفة لافتة للانتباه.
وربما يفيد التذكير هنا، قبل الخوض في تجارب عديدة مع عدد من صحافيي وناشطي الثورة السورية في المناطق التي تسيطر عليها "الدولة الإسلامية"، برؤية زعيم النازية أدولف هتلر لنظرية السلطة، والذي قال يوماً: "إنّه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعضاء الحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول إنّ لكل فرد الحق في أن يقول ما يشاء". وبذلك يكون العمل في أيّ وسيلة إعلام امتياز يمنحه الزعيم الوطني، في ذلك الزمان أدولف هتلر، وفي هذا الوقت إبراهيم عواد إبراهيم، الملقب بالخليفة أبو بكر البغدادي. ولكي لا يكون الكلام عبثاً أو مجرد اتهامات، يشرح لنا الناشط الإعلامي، الذي يكني نفسه بأبي إسلام، وهو مراسل إحدى وكالات الأنباء السورية في دير الزور، طبيعة العمل في ظل سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على معظم المحافظة. ويقول: "كان هناك أكثر من 50 إعلامياً موجودين داخل مدينة دير الزور، بينهم مستقلون وتابعون لوسائل إعلام أو فصائل، ولم يعد هناك سوى 13 إعلامياً بعد دخول التنظيم المدينة، لأنّ الأخير يفرض المبايعة له، والاعتراف بـ"دولة الخلافة"، ومبايعة أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي".
رقابة وشروط
ويضيف أبو إسلام لـ "العربي الجديد" أنّ هناك شروطاً عدة للعمل الإعلامي، منها: وجوب ذكر اسم دولة الإسلام أو دولة الخلافة، ولا يجوز قول تنظيم أو "داعش". وجوب إرسال جميع مقاطع الفيديو المصوّرة، حتى لو كانت حالات إنسانية، أو قصف أو دمار، إلى المكتب الإعلامي لمدينة دير الزور ("ولاية الخير" كما يسميها التنظيم) قبل نشرها وتوزيعها. يمنع منعاً باتاً التعامل مع قنوات الغرب بشكل مباشر، والتعليق على الأحداث من خلال المداخلات التلفزيونية والإذاعية. ويلفت الناشط الإعلامي إلى أنّه في في حال عدم الموافقة، لا يجوز عرض المقطع، وفي حال عدم المبايعة، تسلم معدّاتك وتصبح مواطناً عادياً أو تسافر خارج البلاد. لكنّ على النقيض فإن بايع الصحافي "الدولة" يحصل على بطاقة شخصية لا يعترضه فيها أحد، مشيراً إلى أنّه سيبايع التنظيم، رغماً عنه لإكمال العمل الإعلامي الذي يحلم به، وتفادياً للتعرض لأي مضايقات.
ارمِ معدّاتك تسلمْ
وإن كان أبو إسلام قد رضخ للأمر الواقع، فإن هناك من قرر ترك العمل الصحافي، والجلوس في البيت، هذا ما حصل مع أحد مراسلي "شبكة سورية" في دير الزور. الناشط الذي أضحى يشترط عدم ذكر اسمه، وقد ترك العمل الإعلامي بعد سيطرة التنظيم على ريف دير الزور بعد أنّ شن الأخير حملة اعتقالات وتفتيش على الإعلاميين، وكان من بين الأسماء المطلوبة. ويمضي الناشط الإعلامي بالقول "حاولوا اعتقالي مرّتين، لكنّني تمكنت من الهرب، وظل عناصر التنظيم يلاحقونني، إلى أن أرسلوا لي خبراً للمبايعة أو كتابة تعهد بترك العمل الإعلامي وتسليم المعدات، لشطب اسمي من لائحة المطلوبين، ولذا اضطررت لتسليم كامل معداتي الإعلامية من لابتوب وكاميرا، وقلت لهم إنني قررت أنّ أجلس في البيت، وتركت الثورة لكم".
انفذ بجلدك
أبو إسلام قرر المبايعة، والناشط الآخر قرر ترك العمل، لكن أبو بكر قرر السفر إلى تركيا، بعد ملاحقته في الرقة بسبب عدم مبايعة "الدولة الإسلامية". يقول لـ"العربي الجديد": اضطررت إلى الخروج مع أسرتي قبل شهرين من مدينة الرقة، لأنّ عناصر الدولة حاولوا اعتقالي، والجميع يعلم أنّ من يعتقل من قبل التنظيم، فهو في عداد الموتى. ويوضح أبو بكر الذي عمل مراسلاً لعدد من الشبكات الإعلامية، إضافة إلى عمله كمستقل، إلى أنّ التنظيم منع العمل في الرقة بدون مبايعة، وحتى إن بايعه أحد الإعلاميين، فإن للعمل الصحافي شروطاً وموافقات، لافتاً إلى أنّ عناصر التنظيم عرضوا عليه البيعة أكثر من مرّة، وكان يرفض باستمرار ويخبرهم أنّه مع كل من يعمل بصدق ضد قوات النظام ومرتزقته. ولا يبدو أن الوضع أحسن حالاً في ريف حلب الشمالي، حيث يصف لنا الناشط الإعلامي كامل حمودلوي (اسم مستعار)، في مدينة جرابلس، أنّه يتعامل مع الإعلام بكامل السرية حتى الآن، "لدرجة تفوق سرية العالم كلها"، هكذا يصفها حمودلوي الذي يعمل بشكل مستقل ويزود وكالة الأنباء الدولية "رويترز" بالمعلومات، مشيراً إلى أنّه يتلقى تهديدات مباشرة من قبل التنظيم، وفي حال اعتقاله سيكون في عداد الموتى، لدرجة أضحى يشك فيها بأقرب الناس إليه.
وربما يفيد التذكير هنا، قبل الخوض في تجارب عديدة مع عدد من صحافيي وناشطي الثورة السورية في المناطق التي تسيطر عليها "الدولة الإسلامية"، برؤية زعيم النازية أدولف هتلر لنظرية السلطة، والذي قال يوماً: "إنّه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعضاء الحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول إنّ لكل فرد الحق في أن يقول ما يشاء". وبذلك يكون العمل في أيّ وسيلة إعلام امتياز يمنحه الزعيم الوطني، في ذلك الزمان أدولف هتلر، وفي هذا الوقت إبراهيم عواد إبراهيم، الملقب بالخليفة أبو بكر البغدادي. ولكي لا يكون الكلام عبثاً أو مجرد اتهامات، يشرح لنا الناشط الإعلامي، الذي يكني نفسه بأبي إسلام، وهو مراسل إحدى وكالات الأنباء السورية في دير الزور، طبيعة العمل في ظل سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على معظم المحافظة. ويقول: "كان هناك أكثر من 50 إعلامياً موجودين داخل مدينة دير الزور، بينهم مستقلون وتابعون لوسائل إعلام أو فصائل، ولم يعد هناك سوى 13 إعلامياً بعد دخول التنظيم المدينة، لأنّ الأخير يفرض المبايعة له، والاعتراف بـ"دولة الخلافة"، ومبايعة أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي".
رقابة وشروط
ويضيف أبو إسلام لـ "العربي الجديد" أنّ هناك شروطاً عدة للعمل الإعلامي، منها: وجوب ذكر اسم دولة الإسلام أو دولة الخلافة، ولا يجوز قول تنظيم أو "داعش". وجوب إرسال جميع مقاطع الفيديو المصوّرة، حتى لو كانت حالات إنسانية، أو قصف أو دمار، إلى المكتب الإعلامي لمدينة دير الزور ("ولاية الخير" كما يسميها التنظيم) قبل نشرها وتوزيعها. يمنع منعاً باتاً التعامل مع قنوات الغرب بشكل مباشر، والتعليق على الأحداث من خلال المداخلات التلفزيونية والإذاعية. ويلفت الناشط الإعلامي إلى أنّه في في حال عدم الموافقة، لا يجوز عرض المقطع، وفي حال عدم المبايعة، تسلم معدّاتك وتصبح مواطناً عادياً أو تسافر خارج البلاد. لكنّ على النقيض فإن بايع الصحافي "الدولة" يحصل على بطاقة شخصية لا يعترضه فيها أحد، مشيراً إلى أنّه سيبايع التنظيم، رغماً عنه لإكمال العمل الإعلامي الذي يحلم به، وتفادياً للتعرض لأي مضايقات.
ارمِ معدّاتك تسلمْ
وإن كان أبو إسلام قد رضخ للأمر الواقع، فإن هناك من قرر ترك العمل الصحافي، والجلوس في البيت، هذا ما حصل مع أحد مراسلي "شبكة سورية" في دير الزور. الناشط الذي أضحى يشترط عدم ذكر اسمه، وقد ترك العمل الإعلامي بعد سيطرة التنظيم على ريف دير الزور بعد أنّ شن الأخير حملة اعتقالات وتفتيش على الإعلاميين، وكان من بين الأسماء المطلوبة. ويمضي الناشط الإعلامي بالقول "حاولوا اعتقالي مرّتين، لكنّني تمكنت من الهرب، وظل عناصر التنظيم يلاحقونني، إلى أن أرسلوا لي خبراً للمبايعة أو كتابة تعهد بترك العمل الإعلامي وتسليم المعدات، لشطب اسمي من لائحة المطلوبين، ولذا اضطررت لتسليم كامل معداتي الإعلامية من لابتوب وكاميرا، وقلت لهم إنني قررت أنّ أجلس في البيت، وتركت الثورة لكم".
انفذ بجلدك
أبو إسلام قرر المبايعة، والناشط الآخر قرر ترك العمل، لكن أبو بكر قرر السفر إلى تركيا، بعد ملاحقته في الرقة بسبب عدم مبايعة "الدولة الإسلامية". يقول لـ"العربي الجديد": اضطررت إلى الخروج مع أسرتي قبل شهرين من مدينة الرقة، لأنّ عناصر الدولة حاولوا اعتقالي، والجميع يعلم أنّ من يعتقل من قبل التنظيم، فهو في عداد الموتى. ويوضح أبو بكر الذي عمل مراسلاً لعدد من الشبكات الإعلامية، إضافة إلى عمله كمستقل، إلى أنّ التنظيم منع العمل في الرقة بدون مبايعة، وحتى إن بايعه أحد الإعلاميين، فإن للعمل الصحافي شروطاً وموافقات، لافتاً إلى أنّ عناصر التنظيم عرضوا عليه البيعة أكثر من مرّة، وكان يرفض باستمرار ويخبرهم أنّه مع كل من يعمل بصدق ضد قوات النظام ومرتزقته. ولا يبدو أن الوضع أحسن حالاً في ريف حلب الشمالي، حيث يصف لنا الناشط الإعلامي كامل حمودلوي (اسم مستعار)، في مدينة جرابلس، أنّه يتعامل مع الإعلام بكامل السرية حتى الآن، "لدرجة تفوق سرية العالم كلها"، هكذا يصفها حمودلوي الذي يعمل بشكل مستقل ويزود وكالة الأنباء الدولية "رويترز" بالمعلومات، مشيراً إلى أنّه يتلقى تهديدات مباشرة من قبل التنظيم، وفي حال اعتقاله سيكون في عداد الموتى، لدرجة أضحى يشك فيها بأقرب الناس إليه.