وبعد أسابيع من تراجع الهجمات الحوثية الصاروخية، كانت الرياض اليوم، على موعد مع انفجارات جديدة، حيث اعترضت القوات السعودية صاروخين باليستيين، سقطت شظايا ناتجة عن انفجارهما في شوارع بمدينة الرياض، وأكد سكان سماع انفجارين على الأقل، في العاصمة السعودية.
وقال الحوثيون إنهم أطلقوا "دفعة صواريخ باليستية" من نوع بركان تو إتش، الذي يعد الأشهر في ترسانة الجماعة الصاروخية، مشيرين إلى أن الصواريخ قصفت "الميناء الجاف وأهدافاً اقتصادية أخرى" في الرياض، بالتزامن مع إطلاق صاروخ آخر على الأقل، باتجاه منطقة جازان الحدودية مع اليمن.
وعلى الرغم من أن إطلاق الصواريخ من قبل الحوثيين، لم يعد أمراً جديداً، بعد تطورات الشهور الأخيرة، إلا أنه يحمل في العادة رسائل سياسية وعسكرية، مرتبطة بالتوقيت ونوعية الأهداف، وقد دفعت التطورات الإقليمية والدولية، المتعلقة بملف النووي الإيراني، وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق مع طهران، وما تبع ذلك من تأييد سعودي لاعتبار أن صواريخ الأربعاء، رسالة إيرانية بحتة.
وتعد صواريخ "بركان تو إتش" الباليستية، المنظومة الأشهر في ترسانة الحوثيين الصاروخية التي تستهدف السعودية، وأبعدها من حيث المدى، الذي يزيد عن 800 كليومتر، وبدأت الجماعة إطلاق أول صاروخ من هذا النوع، في يوليو/تموز 2017، باتجاه "ينبع" غرب السعودية، وتبع ذلك، استهداف الرياض أكثر من مرة، مع تركيز لافت من قبل الجماعة في الشهور الأخيرة على استهداف المنشآت الاقتصادية والحيوية، إذ أعلنت الجماعة، استهداف مقرات أرامكو السعودية في جازان ونجران مرات متكررة خلال الشهرين الماضيين كما استهدفت المدينة الاقتصادية في منطقة جازان، وهذه المرة الأولى تعلن عن أهداف اقتصادية داخل الرياض.
من زاوية أخرى، لا يمكن فصل التصعيد الصاروخي للحوثيين باتجاه السعودية بمعزل عن التطورات المحلية، حيث أكدت مصادر في قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية لـ"العربي الجديد"، أن التصعيد العسكري بالعمليات الميدانية ضد الحوثيين ساد خلال الـ72 ساعة الماضية، أغلب الجبهات ابتداءً من الساحل الغربي، حيث خسر الحوثيون مواقع مهمة في منطقة البرح غرب تعز، لصالح القوات الموالية للشرعية وأخرى مدعومة من الإمارات (بقيادة طارق صالح)، بعد معارك عنيفة قتل فيها العشرات من الجانبين، كما عادت وتيرة المواجهات بالتصاعد مجدداً في البيضاء وعلى المناطق الحدودية بين صعدة والسعودية.
وجاء التصعيد بعد أن تراجعت إلى حد كبيرٍ، وتيرة المواجهات الميدانية ومعها الهجمات الصاروخية للحوثيين باتجاه السعودية منذ ما يقرب من أسبوعين، مع الأخذ بالاعتبار استهداف التحالف منذ أيام مكتب رئاسة الجمهورية في صنعاء، وإعلانه أنه استهدف قيادات من الصف الأول للجماعة متواجدة في المبنى، ولم يكشف الحوثيون في المقابل، عن هوية أغلب الضحايا والمصابين، الذين كان من بينهم العشرات من الجرحى وبعض القتلى المدنيين ممن كانوا في محيط المكان.
وخطفت التطورات العسكرية نسبياً جانباً من الاهتمام اليمني الموجه نحو محافظة أرخبيل سقطرى شرقي البلاد، التي تواصل الحكومة التواجد فيها ورفض الانتشار العسكري للقوات الإماراتية، وكان من المقرر أن تشهد الرياض اليوم اجتماعاً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بمستشاريه لمناقشة التطورات في سقطرى، إلا أن مصير الاجتماع كان ما يزال غامضاً (حتى عصر اليوم).