تتوجه أنظار العالم، اليوم الثلاثاء، نحو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وخطابه الذي سيلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي قد يحمل مفاجآت عدة.
وبدأت الجمعية العامة نقاشاتها رفيعة المستوى، في دورتها الـ72 التي افتتحت في الـ12 من الشهر الحالي. وستستمرالنقاشات رفيعة المستوى لحوالي الأسبوع، يقدم خلالها رؤساء الدول، أو وزراء خارجيتها، رؤيات بلادهم لما يحدث على الساحة الدولية.
وترامب، الذي لا يفوت فرصة لانتقاد الأمم المتحدة وعملها، والذي قام بخفض مساهمات بلاده لمؤسسات الأمم المتحدة بأكثر من مجال، سيأتي بحاشية رفيعة المستوى إلى اللقاءات، إذ سيحضر نائبه مايك بنيس، ووزير خارجيته، ريكس تيلرسون، وغيرهم من الخبراء الأمنيين والاقتصاديين.
وستعقد الولايات المتحدة أكثر من جلسة نقاش رفيعة المستوى، حضر ترامب، أمس الإثنين، واحدة منها متعلقة بإجراء إصلاحات على منظومة الأمم المتحدة.
وندد ترامب، أمس، بالـ"بيروقراطية" التي تعرقل في رأيه عمل الأمم المتحدة، وذلك في اليوم الأول من أسبوع من الخطابات والنقاشات واللقاءات الثنائية، بين الدول الـ193، مشيراً خلال تبني إعلان سياسي من عشر نقاط يشجع المنظمة على إصلاح نفسها، إلى أنه "خلال الأعوام الأخيرة، لم تبلغ الأمم المتحدة قدرتها الكاملة بسبب البيروقراطية والإدارة السيئة".
وأضاف "على الأمم المتحدة أن تركز بشكل أكبر على الناس وبشكل أقل على البيروقراطية". وحظي هذا الإعلان بموافقة 126 دولة كانت ممثلة بمستويات مختلفة من رؤساء دول ووزراء وموظفين كبار استمعوا إلى الخطاب المقتضب للرئيس الأميركي.
وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة والمستمرة التي تكيلها الولايات المتحدة، خاصة الإدارة الأميركية الحالية، للأمم المتحدة إلا أنها تطرح أجنداتها وبقوة للعمل على تغيير العديد من السياسات لكي تتطابق، أكثر مما هي عليه، مع أجندات الولايات المتحدة. ولكن اللافت هنا أن وفد الولايات المتحدة من موظفين رفيعي المستوى، سيكون أقل عدداً عن سنوات سابقة.
وكان وفد الولايات المتحدة للقاءات الجمعية العامة يضمّ عادة ما يقارب ألف موظف ومسؤول، إلا أنه تم خفض العدد ببعض المئات بحسب مصادر رسمية أميركية. ومن غير الواضح كيف تريد الإدارة الأميركية التعويض عن ذلك وفرض أجنداتها المختلفة في الوقت نفسه.
ومن المتوقع أن تجد الولايات المتحدة، أكبر ممول للأمم المتحدة ومؤسساتها، حتى بعد خفض تلك المساهمات، معارضة من قبل بعض الدول الكبرى، فيما يخص العديد من السياسات بما فيها الإصلاحات التي تريد إجراءها على مؤسسات الأمم المتحدة.
ويفترض كذلك، أن يركز العديد من قادة العالم على مسألة المناخ والتهديدات المناخية، وانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس، في حين ترغب الولايات المتحدة بالتركيز على تغيير سياسات مجلس حقوق الإنسان لأنه "منحاز ضد إسرائيل والولايات المتحدة"، كما جاء في أكثر من تصريح لمسؤولين أميركيين.
غياب القضية الفلسطينية
في هذا السياق، تغيب القضية الفلسطينية وانتهاكات حقوق الإنسان عن جدول الأعمال الأميركي، وإن كان من المتوقع أن تحضر في أكثر من كلمة وفي بعض الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية، كالذي سيعقده مفوض "أونروا"، حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين عامة وغزة خاصة.
وبحسب مصادر رسمية أميركية، فإن الولايات المتحدة ستركز خلال اجتماعات الجمعية العامة على خمسة محاور أبرزها: التهديدات الأمنية التي تشكلها تجارب كوريا الشمالية النووية وقرارات مجلس الأمن الصادرة، أخيراً، بهذا الشأن، وتنسيق المجهودات الدولية لتنفيذ تلك القرارات بما فيها وقف أو الحد من التصدير لكوريا الشمالية في الغاز والنفط.
كما وضعت الإدارة الأميركية، الملف السوري والصراع الدائر هناك، من ضمن المحاور التي ترغب بالتركيز عليها، إضافة إلى محاربة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.
وعقد ترامب أكثر من لقاء ثنائي رفيع المستوى، أمس الإثنين، إذ التقى مع كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حين من المقرر أن يلتقي اليوم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، وتستمر لقاءات ترامب الثنائية حتى الخميس القادم، إذ من المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والعاهل الأردني عبدالله الثاني، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، والرئيس الأفغاني، محمد أشرف عبد الغني، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وجنوب كوريا، مون جاي-إن. كما ستشمل أجندة ترامب لقاءات متعددة الأطراف منها لقاء مع رؤساء دول أميركا اللاتنية ورؤساء الدول الأفريقية.
وعلى صعيدٍ متّصل، سيلتقي، يوم الأربعاء المقبل، وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مع نظرائه من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي للتشاور حول الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه عام 2015.
وسيكون هذا اللقاء الرسمي الأول الذي يجمع ظريف بنظيره الأميركي ريكس تليرسون. ويعد هذا الاتفاق من أبرز إنجازات السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لكن الإدارة الأميركية الحالية لا تفوّت مناسبة دون انتقاده حيث وصفه ترامب في أكثر من مناسبة بأنه واحد "من أسوأ الاتفاقيات التي أبرمت".
في غضون ذلك، يخشى بعض المراقبين في الأمم المتحدة أن تغطي "أخبار" الرئيس الأميركي على الأخبار الحقيقية والمواضيع التي تحتاج إلى تغطية مكثفة وتشكل اجتماعات الجمعية العامة فرصة لإلقاء الضوء عليها، حيث يبحث أكثر من 170 قضية ومسألة في اجتماعات وندوات مختلفة تنظمها مؤسسات الأمم المتحدة العديدة من بينها "اليونيسف" و"اليونيسكو" و"مجلس حقوق الإنسان" ومكتب الأمين العام للأمم المتحدة وغيرها. ناهيك عن اللقاءات والاجتماعات التي تنظمها الدول ومؤسسات غير حكومية على هامش فعاليات الجمعية العامة والتي تصل بالمئات.
ولخص رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ميروسلاف لايتشاك، والذي تولى منصبه رسمياً، الثلاثاء الماضي، بافتتاح دورتها الـ72، أكثر القضايا الملحة التي سيتم التركيز عليها بكلمتين: الصراع والهجرة.
وفي هذا السياق، تشكل عمليات حفظ السلام واحدة من القضايا الملحة التي ستناقش في أكثر من محور، ليس فقط فيما يخص الإصلاحات في عملها وتمويلها وخلق شفافية أكبر فيما يخص الفضائح التي عصفت بها كالاعتداءات الجنسية، بل كذلك التركيز على خلق طرق أكثر نجاعة لمنع نشوب النزاعات.
ومن القضايا المهمة على أجندة الاجتماعات الهجرة واللجوء بسبب الصراعات والمناخ والتي تنهك كاهل العديد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا. كما ستعقد لقاءات عديدة متعلقة بسورية واليمن والعراق وليبيا. ومن المتوقع أن تبدأ العديد من الدول بتوقيع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.