19 نوفمبر 2023
العام الجديد... والإبقاء على الإنسان والحجر
المرّة الأولى التي أقضي فيها أول أيام عيد رأس السنة الميلادية، في لويزيانا، التي تقع في أقصى الجنوب الغربي، على خليج المكسيك، في الولايات المتحدة الأميركية، كان ذلك في عام 2014.
صحيح أنه سبق لي أن زرت الولايات المتحدة في أكثر من مرّة، وكانت زيارات قصيرة جداً، وأطول فترة لم تتجاوز أربعة أشهر، وأعقبها زيارة مطولة تجاوزت فترتها العام.
الزيارة الأولى، في صيف 1999، وبالتحديد، في الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران من ذلك العام، حيث حطّت بي الطائرة الأميركية في ولاية كولورادو الجبلية، التي تحتضن جبال الروكي التي تعد واحدة من كنوز كولورادو الكبيرة.
وهي منطقة طبيعية تحتوي على سلسة جبليّة وبحيرات جميلة، إضافة إلى مجموعة متنوّعة وواسعة من الحياة البريّة، ناهيك عن توافر العديد من الممرّات الخاصّة للمشي، مرافق للتخييم، وبعض الأماكن المتاحة لتسلّق الجبال: التزلّج، ركوب الخيل والصيد، حديقة الآلهة، وهي منطقة طبيعيّة فريدة من نوعها من حيث التكوينات الصخرية المثيرة للاهتمام، حيث يمكن ممارسة بعض الرياضات، كالمشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات.
وبعد قضاء أكثر من 17 ساعة طيران، حيث أقمت فيها تسعة وعشرين يوماً، عدت إلى سورية، ثم بعد ذلك حملني قدري، وعدت أدراجي مرةً أخرى إلى مدينة دنفر العاصمة في ولاية كولورادو، وأقمت فيها نحو 28 يوماً، بالضبط، في أجواء ساحرة.
وتبعت تلك الزيارتين، زياراتٌ أخرى، متفرقة في الأعوام التالية، حيث زرت معظم الولايات الأميركية، بدءاً من نيويورك، نيوجرسي، المسيسبي، أيوا، كولورادو، كاليفورنيا، جورجيا.. وانتهاءً بلويزيانا، ناهيك عن زيارة العديد من المدن الأميركية، وأهمها: لوس أنجلوس، سان فرانسيسكو، وسان خوسيه.
وخلال زياراتي المتعاقبة، إلى الولايات المتحدة، والتي تجاوزت أكثر من 17 رحلة، لم يسبق لي أن قضيت عام رأس السنة في تلك الولاية أو غيرها، وإنما كنتُ أقضي هذه الليلة، وبدون أي ترتيبات، أو أي اهتمام مبالغ فيه، مع أسرتي، وعادةً ما تكون مجرد جلسة بسيطة، وكنا نكتفي بتناول الحلويات المنزلية، والتي تصرّ مدبرة المنزل على عمل ذلك بنفسها، إضافة إلى العصائر، وغيرها من المكسّرات.
وكنتُ أسمع، قبل أن أتحقق من ذلك بنفسي، أنَّ الاحتفال بهذا اليوم، الذي يسبقُ اليوم الأول من العام الجديد، له طعم آخر في الولايات المتحدة، وهذا الكلام، وبصراحة، فيه الكثير من المبالغة، فهو كأي يوم آخر من أيام السنة، ولم ألحظ فيه أي شيء يشيرُ إلى غير ذلك، بل على العكس تماماً، فالأميركان أكثر ما يهتمّون بأيام الجمعة والسبت، وفي هذين اليومين من كل أسبوع يحتفلون بهما احتفالاً ملحوظاً، ويسرفون في تناول المشروبات الروحية، والأطعمة، وغير ذلك لا أساس له من الصحة.
وفي العام الحالي تكرر المشهد ذاته، ولكن هذه المرّة بعيداً عن أجواء الولايات المتحدة الأميركية وعالمها المرعب المخيف. فقد شاء القدر أن نعايش بداية ثلاثة أعوام جديدة، هنا في أوروبا، وعلى وجه التحقيق، في النمسا، البلد الأوروبي الجميل، ولم نلحظ، صراحةً، أي شيء يمكن أن نراه جديداً في استقبال العام الجديد الذي درجت بعض أيامه.. وها نحن نستقبل عام 2018، بروح فيها الكثير من التفاؤل، وكل ما نتمناه، هو أن يكون عاماً يحدوه الأمل بالعيش في أمان، وتعود سورية قوية، ساحرة بجمالها، ويكفي طيبة أهلها، وبساطتهم.
وكل ما يهمّنا، هو أن تزول هذه الأزمة التي عزلت أهلها عن العالم الآخر، ولم يعرف المواطن السوري مصيره بعد، وإلى ماذا ستنتهي، وما هي الحلول التي يمكن معها أن تمكّنه من العيش باحترام، وثقة في النفس، بدلاً من الضياع، وحالة التشرد التي ذاق مرارتها الجميع بلا مبرّر، أضف إلى الحرمان والقهر الذي أجهض كل ما هو جميل وسارّ في حياة أهلها.
ويبقى الرجاء، هو تجاوز هذه المحنة، ووقف آلة الدمار، وحقن دماء أهلنا هناك، والمحافظة أقلّها، على ما تبقى، وأهمها الإنسان، وانتهاء بالحجر.. وكل عام وأنتم بخير.
صحيح أنه سبق لي أن زرت الولايات المتحدة في أكثر من مرّة، وكانت زيارات قصيرة جداً، وأطول فترة لم تتجاوز أربعة أشهر، وأعقبها زيارة مطولة تجاوزت فترتها العام.
الزيارة الأولى، في صيف 1999، وبالتحديد، في الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران من ذلك العام، حيث حطّت بي الطائرة الأميركية في ولاية كولورادو الجبلية، التي تحتضن جبال الروكي التي تعد واحدة من كنوز كولورادو الكبيرة.
وهي منطقة طبيعية تحتوي على سلسة جبليّة وبحيرات جميلة، إضافة إلى مجموعة متنوّعة وواسعة من الحياة البريّة، ناهيك عن توافر العديد من الممرّات الخاصّة للمشي، مرافق للتخييم، وبعض الأماكن المتاحة لتسلّق الجبال: التزلّج، ركوب الخيل والصيد، حديقة الآلهة، وهي منطقة طبيعيّة فريدة من نوعها من حيث التكوينات الصخرية المثيرة للاهتمام، حيث يمكن ممارسة بعض الرياضات، كالمشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات.
وبعد قضاء أكثر من 17 ساعة طيران، حيث أقمت فيها تسعة وعشرين يوماً، عدت إلى سورية، ثم بعد ذلك حملني قدري، وعدت أدراجي مرةً أخرى إلى مدينة دنفر العاصمة في ولاية كولورادو، وأقمت فيها نحو 28 يوماً، بالضبط، في أجواء ساحرة.
وتبعت تلك الزيارتين، زياراتٌ أخرى، متفرقة في الأعوام التالية، حيث زرت معظم الولايات الأميركية، بدءاً من نيويورك، نيوجرسي، المسيسبي، أيوا، كولورادو، كاليفورنيا، جورجيا.. وانتهاءً بلويزيانا، ناهيك عن زيارة العديد من المدن الأميركية، وأهمها: لوس أنجلوس، سان فرانسيسكو، وسان خوسيه.
وخلال زياراتي المتعاقبة، إلى الولايات المتحدة، والتي تجاوزت أكثر من 17 رحلة، لم يسبق لي أن قضيت عام رأس السنة في تلك الولاية أو غيرها، وإنما كنتُ أقضي هذه الليلة، وبدون أي ترتيبات، أو أي اهتمام مبالغ فيه، مع أسرتي، وعادةً ما تكون مجرد جلسة بسيطة، وكنا نكتفي بتناول الحلويات المنزلية، والتي تصرّ مدبرة المنزل على عمل ذلك بنفسها، إضافة إلى العصائر، وغيرها من المكسّرات.
وكنتُ أسمع، قبل أن أتحقق من ذلك بنفسي، أنَّ الاحتفال بهذا اليوم، الذي يسبقُ اليوم الأول من العام الجديد، له طعم آخر في الولايات المتحدة، وهذا الكلام، وبصراحة، فيه الكثير من المبالغة، فهو كأي يوم آخر من أيام السنة، ولم ألحظ فيه أي شيء يشيرُ إلى غير ذلك، بل على العكس تماماً، فالأميركان أكثر ما يهتمّون بأيام الجمعة والسبت، وفي هذين اليومين من كل أسبوع يحتفلون بهما احتفالاً ملحوظاً، ويسرفون في تناول المشروبات الروحية، والأطعمة، وغير ذلك لا أساس له من الصحة.
وفي العام الحالي تكرر المشهد ذاته، ولكن هذه المرّة بعيداً عن أجواء الولايات المتحدة الأميركية وعالمها المرعب المخيف. فقد شاء القدر أن نعايش بداية ثلاثة أعوام جديدة، هنا في أوروبا، وعلى وجه التحقيق، في النمسا، البلد الأوروبي الجميل، ولم نلحظ، صراحةً، أي شيء يمكن أن نراه جديداً في استقبال العام الجديد الذي درجت بعض أيامه.. وها نحن نستقبل عام 2018، بروح فيها الكثير من التفاؤل، وكل ما نتمناه، هو أن يكون عاماً يحدوه الأمل بالعيش في أمان، وتعود سورية قوية، ساحرة بجمالها، ويكفي طيبة أهلها، وبساطتهم.
وكل ما يهمّنا، هو أن تزول هذه الأزمة التي عزلت أهلها عن العالم الآخر، ولم يعرف المواطن السوري مصيره بعد، وإلى ماذا ستنتهي، وما هي الحلول التي يمكن معها أن تمكّنه من العيش باحترام، وثقة في النفس، بدلاً من الضياع، وحالة التشرد التي ذاق مرارتها الجميع بلا مبرّر، أضف إلى الحرمان والقهر الذي أجهض كل ما هو جميل وسارّ في حياة أهلها.
ويبقى الرجاء، هو تجاوز هذه المحنة، ووقف آلة الدمار، وحقن دماء أهلنا هناك، والمحافظة أقلّها، على ما تبقى، وأهمها الإنسان، وانتهاء بالحجر.. وكل عام وأنتم بخير.