بات يقيناً لدى الكتل السياسية أنّ رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، لا يعتزم تمرير الاتفاق السياسي، على الرغم من حاجة البلاد إلى إعادة الثقة بين مكوناته، خصوصاً مع الظرف العصيب الذي تمر به. ومرّة أخرى، كما مع قانون الحرس الوطني، يقر مجلس الوزراء قانون العفو العام، ليلقي الكرة في ملعب مجلس النواب ويخلي نفسه من المسؤولية.
وقال عضو المكتب السياسي لتحالف القوى العراقية، حيدر المُلا، في بيان صحافي، إنّ "مجلس الوزراء أقرّ مشروع قانون عفو عام شكلي فقط، ورمى الكرة في ملعب مجلس النواب".
وعدّ "إقرار مشروع القانون في مجلس الوزراء محاولة لذر الرماد في العيون، وترحيل المشكلة إلى مجلس النواب، ومحاولة إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأنّ رئيس مجلس الوزراء لديه الإرادة للإصلاح والإيفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه".
اقرأ أيضاً: العبادي أمام البرلمان العراقي غداً لبحث الملف الأمني
وأشار المُلا إلى أنّ "قانون العفو العام الذي نصبو إليه هو ذلك الذي يفتح صفحة جديدة أمام الذين ارتكبوا جرائم بحق المجتمع العراقي، ونستثني منهم من ألقي القبض عليه بالجرم المشهود، أو ثبت ارتباطه بتنظيم داعش، وأن تكون دائرة شموله كل ما أنتجه الواقع العراقي من العراقيين، سواء من مجاميع مسلحة أو مليشيات".
وأضاف: "حينها فقط نستطيع أن نقول إنّ الفريق السياسي الذي شكل الحكومة قد التزم بأحد أهم ملفات وثيقة الاتفاق السياسي، ألا وهو قانون العفو العام".
وأشار إلى أن كتلته "طالما دعت إلى بدء صفحة جديدة، من خلال إقرار قانون عفو عام يشمل المدانين والموقوفين، وتعويض ضحايا الاٍرهاب وأعمال العنف"، موضحاً أنّ "الأبرياء ليسوا بحاجة إلى قانون عفو، ومن المعيب في الفقه القانوني الحديث عن عفو للأبرياء، الذين بحاجة إلى اعتذار وتعويض من السلطة التي أساءت استخدام القانون بحقهم".
وأكّد عضو المكتب السياسي، أنّ "محل شمول قانون العفو العام هم المدانون والموقوفون من الذين تورطوا في جرائم بحق المجتمع العراقي، بسبب تداعيات الملف الأمني والعنف الطائفي الذي شهدناه في السنوات السابقة".
من جهتها، أكّدت النائبة عن تحالف القوى، انتصار الجبوري، أنّ "القوانين المهمة كقانون العفو العام والمساءلة والعدالة والحرس الوطني والمحكمة الاتحادية وقانون الأحزاب، بحاجة إلى توافق سياسي لتمريرها في البرلمان".
وقالت الجبوري لـ"العربي الجديد"، إنّ "غالبية النواب من كافة الكتل السياسية يرغبون في إقرار القوانين، لكن المشكلة تكمن في أنّ التوافق يجب أن يتم بين رؤساء الكتل السياسية".
ودعت الجبوري، رؤساء الكتل إلى "اغتنام فرصة العطلة التشريعية للبرلمان، والاتفاق على تمرير القوانين، لأنّ المواطنين بحاجة إليها".
في السياق ذاته، رأى الخبير السياسي محمود أحمد القيسي، أنّ "العبادي ما زال يتحايل على تنفيذ بنود الاتفاق السياسي مع الكتل السنية".
وقال القيسي لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي على علم بأنّ أيّ قانون يمرره مجلس الوزراء، سيعطّل في مجلس النواب إذا لم يتم التوافق عليه، وأنّ الكتل السياسية لم تتفق حتى الآن على تمرير هذه القوانين المثيرة للجدل، كما لا توجد بادرة للتوافق خلال الفترة القريبة، مع هذا الاختلاف الكبير بين قادة الكتل".
وأشار إلى أنّ "العبادي يسعى إلى تبييض صورته ظاهرياً، لكنّه في الحقيقة يعطّل تمرير بنود الاتفاق السياسي، بسبب الضغوط التي يتعرض لها من قبل التحالف الوطني الرافض لتلك البنود".
وأكّد أنّ "الأزمة الحالية التي تتجذّر بشكل يومي في العراق، هي أزمة فقدان الثقة بين الكتل، الأمر الذي يشي بصراعات سياسية، سيبقى العراق يدور في فلكها وتدخله في أزمات متتابعة".
وكان مجلس الوزراء قد أقرّ سابقاً قانون الحرس الوطني وأحاله إلى مجلس النواب، فيما عطّل القانون بسبب عدم التوافق، الأمر الذي دعا إلى إعادته إلى مجلس الوزراء لإعادة صياغته من جديد.
اقرأ أيضاً: الحكومة العراقية تقر قانون العفو العام وتحيله إلى "النواب"