أكثر من مليوني عراقي من المشمولين بالتصويت الخاص، من المقرّر أن يدلوا بأصواتهم، اليوم الخميس، في عموم المدن والمحافظات العراقية، فضلاً عن 21 دولة تعتبر مرتكز عراقيي المهجر، في عملية اعتبرها مسؤولون عراقيون أنها ستكون بمثابة مؤشر على كيفية سير عملية الاقتراع العام السبت المقبل، والكتل التي ستحصد أعلى عدد من أصوات الناخبين.
ويشمل التصويت الخاص في الانتخابات العراقية بنسختها الرابعة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، قوات الجيش والشرطة وقوى الأمن الداخلي، فضلاً عن نزلاء السجون والمرضى في المستشفيات، والمغتربين العراقيين الذين افتتحت لهم محطات انتخاب في 21 دولة اعتبرت أنها تحوي على أكبر عدد منهم، في حين تم استثناء الدول الأخرى التي تحوي على أقل من 30 ألف عراقي.
ويلاحظ في التصويت الخاص استثناء مليشيات "الحشد الشعبي"، ومنحهم الحق في التصويت مع باقي العراقيين يوم السبت المقبل، وهو ما أثار جملة من علامات الاستفهام حول سبب ذلك، رغم إقرار قانون يعتبر المليشيا التي تتألف من 69 فصيلاً مسلحاً جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية. وعزا مراقبون القرار إلى جملة الخلافات الحادة داخل البيت الشيعي في العراق، ومخاوف من أن يكون تصويتهم إلى جانب الجيش والشرطة فيه تأثير على خيارات قوات الأمن العراقية، من خلال ضغوط تمارسها زعامات في تلك المليشيات على القوات النظامية العراقية.
كذلك، تم استثناء نازحي الداخل والبالغ عددهم أكثر من 800 ألف شخص يحقّ لهم التصويت، من الاقتراع الخاص، ومنحهم الحق بالتصويت في الانتخابات العامة السبت المقبل أيضاً، ومن خلال مراكز اقتراع أقيمت في مخيمات ومعسكرات النزوح.
ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت اليوم داخل العراق نحو مليون و200 ألف عراقي، بواقع 943 ألف عنصر من الجيش والشرطة وقوات الأمن الداخلي، فيما النسبة المتبقية هي من السجناء والمرضى. كذلك، يوجد 850 ألف عراقي مغترب يحق لهم التصويت في 21 دولة أبرزها الأردن، لبنان، تركيا، إيران، ألمانيا، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الإمارات، مصر، السويد، الدنمارك، فنلندا وهولندا، حيث ستجري عملية التصويت على يومين (الخميس والجمعة)، مراعاةً لفروق التوقيت بين بعض الدول الغربية والعراق، وفق ما قال المتحدث باسم مفوضية الانتخابات، كريم التميمي، لـ"العربي الجديد"، مؤكداً اكتمال الاستعدادات اللازمة كافة لإنجاح يوم الاقتراع الخاص.
إلى ذلك، رأى مسؤول حكومي تحدّث إلى "العربي الجديد"، أن إقصاء "الحشد الشعبي" من المشاركة في يوم التصويت الخاص، أحد بوادر الصراع المبكر بين الكتل السياسية، فيما قال قيادي آخر في حزب "الدعوة الإسلامية في العراق"، إن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصرّ على أن يكون تصويت قرابة الـ 100 ألف عنصر في "الحشد" في يوم الاقتراع العام، وفي مناطق سكنهم، رغم مساعي فرقاء آخرين لأن يصوتوا مع الجيش والشرطة. وأوضح القيادي أنّ "العبادي اعتبر أن تصويتهم يوم الاقتراع الخاص سيؤدي إلى فوضى، ويفقد الجيش والشرطة الراحة في اختيار من يرونهم مناسبين لكلتا المؤسستين".
إلا أنّ مسؤولاً حكومياً أوضح في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنّ السبب الحقيقي هو "لمنعهم من التدخّل في يوم الاقتراع العام، وحصر مهمة تأمين المراكز الانتخابية بقوات الجيش والشرطة والاستخبارات فقط (القوات النظامية)"، مضيفاً أنّ "تصويت عناصر الحشد في يوم الاقتراع مع الجيش وقوات الأمن الأخرى، يعني أنهم سيكونون من ضمن خطة تأمين مراكز يوم الاقتراع العام، وهو ما لم يوافق عليه العبادي، معتبراً أنهم جزء من منظومة قائمة الفتح الانتخابية، ولا يمكنهم بالتالي المشاركة في عمليات التأمين، كونهم جهة غير مستقلة ويمكن أن يتسببوا بمشاكل خلال ساعات الاقتراع".
ويتوقّع أن يحظى العبادي بغالبية أصوات أفراد الجيش العراقي، إذ يقدّم نفسه على أنه أعاد للجيش هيبته واحترامه بعد انكساره عام 2014، في آخر أشهر حكم نوري المالكي للبلاد، بينما يراهن "الصدريون" المتحالفون مع التيار المدني ذي التوجّه الشيوعي، على نحو 100 ألف نزيل ومحتجز في السجون، غالبيتهم بلا أوراق قضائية أو محاكمات، بعد وعود قدّمت لهم من قبل هذا التحالف بمعالجة ملفاتهم وإعادة محاكمة من تمت إدانتهم استناداً إلى معلومات من مخبرين سريين أو من انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب.
ويتنافس كل من المالكي ووزير الداخلية العراقي الحالي، قاسم الأعرجي، على أصوات وزارة الداخلية. وينطلق المالكي في ذلك من كونه أشرف على تأسيس أجهزة الشرطة الاتحادية وقوات "سوات" والعشرات من أجهزة الشرطة المحلية على خلفيات وأسس طائفية، بينما يراهن الأعرجي على نجاح إدارته للوزارة وتصويب أوضاع الآلاف داخلها، من حيث التسلسل الوظيفي والرواتب.
في المقابل، فإنه من المتوقّع أن يحصل المدنيون أو اللادينيون على أصوات ناخبي الخارج في أوروبا والولايات المتحدة، بينما تراهن الأحزاب العربية السنية على أصوات ناخبي العراق في تركيا والأردن ولبنان ومصر، حيث يتواجد الثقل الأكبر من الذين تركوا العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وكذلك عقب اجتياح تنظيم "داعش" للعراق عام 2014.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، رياض البدران، أنه "تمّ استكمال كل الإجراءات اللوجستية الخاصة بالانتخابات"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "وصلت الأجهزة والمنظومة الإلكترونية إلى النقاط الانتخابية كلها، وتمّ إجراء أربعة اختبارات عليها وأثبتت نجاحها ومطابقتها للبيانات بنسبة مائة بالمائة. كما تمّ استكمال الخطة الأمنية الخاصة بيوم الاقتراع العام ونطمئن الجميع بأنّ المفوضية وضعت كل إمكانياتها لإنجاح الانتخابات".
وحول مشاركة فصائل الحشد، قال بدران "الحشد مواطنون عراقيون يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع العام، وسيتم التصويت من قبلهم من خلال بطاقة الناخب وفي مراكز تم تحديدها لهم، حيث أماكن تواجدهم".