يُسجل لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إضافتها بُعداً جديداً لتصدّيها للعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 17 يوماً، وذلك من خلال ردّها على الحرب النفسية، التي يشنها الاحتلال للتفريق بين أهالي غزة ومقاومتهم التي يتمسكون بها.
وكانت الحرب النفسية أحد أسلحة الاحتلال في عدوانه على القطاع، غير أن المقاومة ردتّ عليه بالمثل، فاخترقت القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، رداً على اختراق القنوات التلفزيونية الفلسطينية، وأرسلت تهديدات للإسرائيليين عبر هواتفهم، كما هدد الاحتلال المدنيين الفلسطينيين برسائل ومكالمات مسجلة.
وأعلنت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، و"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، أكثر من مرة منذ بدء العدوان، إرسالها ملايين التهديدات الى الإسرائيليين عبر هواتفهم النقالة. ومن المهدّدين مسؤولون وضباط في جيش الاحتلال.
وفي إحدى رسائلها، قالت "القسام": إن غباء حكومتكم التي دخلت معنا المعركة من دون أهداف، جعل كل إسرائيل تحت النار وكل الإسرائيليين إلى الملاجئ. سنواصل قصف كل مكان في إسرائيل، حتى تُلبّى جميع شروطنا المشروعة.
وكثّف الاحتلال من إرسال الرسائل الصوتية الى هواتف منازل المواطنين في القطاع، خصوصاً سكان المناطق الحدودية التي تطالبهم بإخلاء منازلهم، لكن وزارة الداخلية في غزة أكدت أن "الرسائل عشوائية وتسعى الى بث الذعر".
وفي هذا الإطار، أشار أستاذ العلوم السياسية، في جامعة "الأمة" في غزة، المختص في الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، لـ"العربي الجديد"، الى أن "الاحتلال كثّف حربه النفسية ضد أهالي غزة، بعد إخفاقه في تحقيق إنجازات عسكرية، من خلال المكالمات الهاتفية التي تحمل التهديد والوعيد أو إلقاء المنشورات من الجو.
ولفت الى أن "المقاومة أظهرت في المقابل، استعداداً مسبقاً لخوض غمار الحرب النفسية، كاختراق بث الإذاعات والفضائيات الإسرائيلية وإرسال الرسائل التهديدية".
وذكّر أن "الحرب النفسية لا تقل أهمية وخطورة عن العمليات العسكرية، وإسرائيل تسعى الى النيل من عزيمة المقاومة وخلق البلبلة في الصفوف الداخلية، الى جانب محاولة فصل جسم المقاومة عن جماهيرها والاستفراد بها بعيداً عن حاضنتها الشعبية".
وأوضح أن "المقاومة تسعى في حربها النفسية الى ضرب الروح المعنوية لجنود الاحتلال، من خلال بث مقاطع فيديو لاستهداف آليات عسكرية ومقاطع للصواريخ، الى جانب تأجيج الجبهة الداخلية الإسرائيلية ضد الحكومة".
من جانبه، رأى رئيس قسم الصحافة والاعلام في الجامعة الإسلامية، أمين وافي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحرب النفسية التي تشنّها المقاومة ضد الاحتلال تسير وفق خطط مدروسة مسبقاً". ولفت الى أن "المجتمع الإسرائيلي لا يحتمل انعكاسات أية حرب نفسية".
وأضاف وافي، أن "المجتمع الإسرائيلي قائم على الرفاهية والحياة المدنية المستقرة، الأمر الذي يتنافى مع أساليب الحرب النفسية القائمة على التخويف والتهديد". وأكد أن "المجتمع الإسرائيلي لا يحتمل ما تتحمله الجبهة الداخلية في قطاع غزة في ظل الحرب النفسية القائمة".
وأشار الى أن "المقاومة كثّفت من أساليب الحرب النفسية التي تستهدف الإسرائيليين، وبرز تأثيرها السلبي في الجبهة الداخلية للاحتلال، الأمر الذي سيشكل عاملاً مساعداً للمقاومة للضغط على الاحتلال من أجل تلبية شروطها للتهدئة".
واعتبر أن "الالتفاف الشعبي حول المقاومة وتوفير الحاضنة لها، وتماسك الجبهة الداخلية، كلها أمور شجّعت فصائل المقاومة على مواصلة طريقها وعملها، والتمسك بشروطها من أجل انجاز التهدئة التي يجري بحثها في عواصم مختلفة".