منذ إعلان الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، بدأت أسعار الأسهم العالمية وأسواق النفط بالتحرك صعوداً، محلياً وفي الداخل العراقي، فبعد توجه مقاتلات أميركية لقصف مواقع تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال العراق، بدأت تثور المخاوف من ارتفاع أسعار النفط، بالإضافة إلى خوف العراقيين من تكرار سيناريو الحرب وما يستتبعه ذلك من تردٍّ في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وأوضح الخبير الاقتصادي العراقي، حسين نجم لـ"العربي الجديد"، أن الضربات الجوية لن تترك أثراً على الإنتاج النفطي العراقي، بل ستساهم هذه الضربات في تحجيم تنظيم "داعش".
ضربات جوية
ووجهت مقاتلات أميركية ضربات جوية محددة ضد مواقع لتنظيم داعش في المناطق الشمالية العراقية.
وجاء في بيان للمتحدث العسكري نفسه، أن طائرتين من طراز "إف/ أيه 18" قامتا بإسقاط قنابل موجهة بالليزر، تزن حوالى 500 رطل، على مواقع للمدفعية المتنقلة قرب إربيل، مشيراً إلى أن مسلحي داعش كانوا يستخدمون تلك المدفعية في قصف مواقع قوات البشمركة الكردية، بالقرب من المدينة.
وتابع كيربي أن قرار القصف صدر عن قائد القيادة المركزية، وبتفويض من القائد الأعلى، لافتاً إلى أن الرئيس باراك أوباما شدد على أن "الولايات المتحدة سوف تواصل اتخاذ إجراءات مباشرة ضد داعش، إذا ما أقدم مسلحوه على تهديد أفرادنا أو مصالحنا".
بعد توجيه الضربات الجوية إلى الداخل العراقي، تحركت أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي يطرح تساؤلاً هاماً حول مدى إمكانية ارتفاع أسعار النفط في المدى المنظور، وإلى أي حد يمكن أن تصل إليه أسعار النفط؟
وأوضح الخبير النفطي حسين نجم لـ"العربي الجديد"، أن الضربات الأميركية التي تمت يوم أمس الجمعة، ساهمت في ارتفاع أسعار النفط عالمياً بنسبة 2 في المئة تقريباً، إلا أن ذلك لا يعني حصول ارتفاعات كبيرة خلال الأيام المقبلة، وقال: "حتى أمس، كانت الضربات الجوية الأميركية محددة، وبنتيجة الأجواء الجيو سياسية، والأوضاع الأمنية، تشهد أسعار النفط تذبذبات واضحة وإن بنطاق ضيّق"، وأضاف:"إن الإنتاج العراقي لم يتأثر بهذه الضربات، لأسباب عديدة، أبرزها، أن أكثر من 90 في المئة من الإنتاج النفطي العراقي يتم في مناطق الجنوب، كما أن الحرب ضد "داعش" بدأت منذ شهرين تقريباً، ولم يتاثر الإنتاج النفطي العراقي بالحرب القائمة، مشيراً إلى أن الإنتاج قد انخفض خصوصاً من الحقول الشمالية ومن كركوك تحديداً التي تنتج ما يقارب 300 ألف برميل يومياً، إلا أن الانخفاض هذا، لم يؤثر في إنتاج العراق النفطي بشكل عام".
من جهة أخرى، أوضح الخبير نجم أن الضربات الجوية التي تمت أمس، لم تترك ارتدادات سلبية على الواقع الاقتصادي والمعيشي، نظراً لمحدوديتها من جهة، وإلى عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية لاستمرار الضربات، وقال: "أما بالنسبة الى الأوضاع الاقتصادية، وتحديداً المعيشية، ومنذ البدء بالمعارك ضد "داعش"، فإن النشاطات الاقتصادية بدأت بالتراجع، حيث تراجعت حركة نقل البضائع من وإلى العراق، وارتفعت أسعار المواد والسلع الغذائية في العديد من المناطق، لكن الحكومة العراقية بدأت بضبط الأسعار، وسمحت بدخول الشحنات من مناطق مختلفة لاسيما من إيران، وتركيا".
وأوضح الخبير نجم أن الاقتصاد العراقي يدفع ثمن الحرب ضد داعش، نظراً لارتفاع النفقات العسكرية من جهة، وفتح موازنات خاصة لمنح الطوارئ من جهة أخرى، بالإضافة الى تقديم المساعدات المادية للنازحين، وبطبيعة الحال فإن هذه النفقات تثقل كاهل الموازنة العامة العراقية".
نفط الشمال
بعد الأنباء عن توجيه ضربات عسكرية أميركية ضد داعش، أوقفت بعض شركات النفط في الشمال اعمالها، حيث علقت شركة أفرين للنفط المدرجة في بورصة لندن الإنتاج في حقل بردرش بإقليم كردستان العراق، ليكون أول حقل يجري إغلاقه في الإقليم مع تقدم المسلحين الإسلاميين واقترابهم من كردستان، وهو ما أدى إلى تراجع سهم الشركة.
وقالت الشركة في بيان "اتخذت أفرين خطوة احترازية بتعليق عملياتها مؤقتاً في حقل بردرش" مضيفة أنها قررت سحب جميع موظفيها غير الأساسيين من الحقل.
وهبط سهم أفرين سبعة في المئة أمس الجمعة، بينما هبط سهم جلف كيستون 2.6 في المئة وجينل إنرجي خمسة في المئة.
وخالف سهم شركة "دي.إن.أو" المنتجة للنفط والمدرجة في أوسلو الاتجاه العام، مرتفعاً نحو ثلاثة في المئة مع تأثره إيجاباً بتعهد الولايات المتحدة بالدفاع عن إربيل عاصمة إقليم كردستان.
وواصلت أفرين عملياتها الأخرى في إقليم كردستان بشكل طبيعي، لكنها قالت إنها تراقب الأحداث عن كثب، وحقل بردرش هو مشروع أفرين الوحيد المنتج للنفط في إقليم كردستان. وذكرت الشركة أنها لا تتوقع أن يكون لتعليق الإنتاج في حقل بردرش تأثير كبير على إيرادات الشركة.
بدورها، أعلنت شركة "جينل إنرجي" لإنتاج النفط أنها بدأت إجلاء عامليها غير الأساسيين من مواقعها غير المنتجة للخام في إقليم كردستان العراق، لكن حقليها "طق طق" و"طاوكي" مستمران في الإنتاج.
وقالت الشركة في بيان "نتخذ خطوة احترازية بسحب موظفينا غير الأساسيين من أصولنا غير المنتجة للنفط في الإقليم". وأضافت أن إجمالي إنتاج حقلي "طق طق" و"طاوكي" بلغ 230 ألف برميل نفط يومياً في المتوسط هذا الأسبوع.
إلى ذلك، هبطت أسهم شركات الطاقة العاملة في إقليم كردستان العراق، أمس الجمعة، بعد تقدم مقاتلي "داعش" مقتربين من حقول نفطية في الإقليم.
وهبطت أسهم الشركات المنتجة للنفط ومن بينها "دي.ان.أو" المدرجة في "بورصة أوسلو" و"غلف كيستون" المدرجة في لندن بنسب في خانة العشرات مع سيطرة "داعش" على ثلاث بلدات أخرى على الأقل بالقرب من أراضي الإقليم الكردي، وانخفض سهم "دي.ان.أو" 24 في المئة وسهم "غلف كيستون" 13 في المئة يوم الخميس قبل أن يقلّصا الخسائر.
ومن بين شركات النفط الأخرى العاملة في كردستان "أفرين" المدرجة في لندن و"أوريكس بتروليوم" المدرجة في تورونتو وتديران حقولًا هي الأقرب إلى خط تقدم المسلحين وقد أحجمتا عن التعليق، وتراجعت أسهم "أوريكس" 11 في المئة في معاملات يوم الخميس.