في هذا السياق، يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "قانون الحرس الوطني شهد خلافات بين الكتل والأحزاب السياسية التي لم تتمكن من حسمها طيلة الفترة الماضية"، مضيفاً أنهّ "بسبب ذلك، طرح عددٌ من الكتل بديلاً عن المشروع من خلال إعادة التجنيد الإلزامي للدولة العراقية". ويبيّن الزاملي أنّ "القانون الجديد يضمن وجود جميع طوائف وديانات وقوميات الشعب العراقي في الجيش، لكن يجب أن يتم الاتفاق بعد ذلك على مدّة الخدمة في الجيش".
وتعتبر كل من "الدعوة"، و"الفضيلة"، و"بدر" الحليفة لطهران، أبرز الكتل السياسية الرافضة للمشروع، والتي تمثّل مع مليشيات "الحشد الشعبي"، التي هدّدت باتخاذ خطوات على الأرض في حال إقرار القانون، الجناح الموالي لإيران في العراق.
ووفقاً لمراقبين وسياسيين عراقيين، فإن القانون الجديد، نظرياً، سيكون بديلاً، إلّا أنّه في وضع البلاد الحالي، لن يكون له أي جدوى. ويقول النائب عن "اتحاد القوى"، محمد عبد الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "المقترح، محاولة لإلغاء قانون الحرس الوطني الذي رُسم وأُعدّ لإنهاء التوترات الحالية، وأن تكون المناطق خاضعة أمنياً لسيطرة أهلها"، مبيّناً أن التجنيد ليس إلّا خداعاً وسيتم الالتفاف حوله كما حصل مع مقاتلي العشائر الذين يتم تجنيدهم إلزامياً حالياً، لرميهم في الهلاك. القتال يحتاج إلى الخبرة لا العدد".
في المقابل، يرى سياسيون عراقيون أنّ مشروع التجنيد الإلزامي قد يقضي على الطائفية والمذهبية في البلاد، إذ تشمل الخدمة الإلزامية كافة العراقيين من دون تمييز. ويقول النائب عز الدين الدولة، إنّه سيتم الشروع بكتابة مسودة قانون التجنيد الإلزامي لرفعه إلى رئاسة مجلس النواب، و"إذا تم إقراره بعد التعديل والمناقشة يمكن أن يقضي على الطائفية والمذهبية والقومية في العراق". فيما يعتبر النائب حامد المطلك، أن ما يريده العراقيون بناء جيش قوي عبر إعادة التجنيد الإلزامي، في الوقت الذي يراوح فيه قانون "الحرس الوطني" مكانه نتيجة الخلافات بين الكتل والأحزاب السياسية حول نسبة التمثيل لكل محافظة".
وكان مشروع قانون "الحرس الوطني"، قد طُرح سابقاً كحلّ لتردي الوضع الأمني في المحافظات الساخنة أمنياً والتي يحتلها تنظيم "داعش" أو المليشيات التي حلّت مكانه في محافظات ذات غالبية مذهبية مختلفة عن الانتماء الديني لهذه المليشيات، وإبعاد الاحتقان الطائفي المترتب على رفض تلك المحافظات دخول قوات يغلب عليها طابع طائفي شيعي، بحسب مراقبين. ويعترف برلمانيون عراقيون، بأن مشروع إعادة الخدمة الإلزامية يأتي كبديل لمشروع "الحرس الوطني" بعد الخلافات الكبيرة بين الكتل السياسية.
اقرأ أيضاً: مليشيات العراق تعرقل "الحرس الوطني"... لتحافظ على سبب وجودها
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، نايف الشمري، إنّ "معظم الكتل السياسية اتفقت على تشريع قانون الخدمة الإلزامية على أن يتضمن آليات جديدة لاستدعاء مواليد معيّنة للخدمة تختلف عن الآليات القديمة"، مشيراً إلى أنّ "هناك حوافز عدة وغير مشروطة في القانون، تختلف عن ذلك الموجود في النظام السابق، خصوصاً أنّ هناك شبه إجماع بين الكتل والأحزاب السياسية على عدم تمرير قانون الحرس الوطني". كما يشير المستشار القانوني لرئيس البرلمان، صباح الكربولي، إلى أن "البرلمان ليس لديه نيّة لإعادة قانون الحرس الوطني إلى الحكومة، لكن هناك مفاوضات جديدة ستحدّد تشريع القانون".
وتكمن أبرز نقاط الخلاف على قانون "الحرس الوطني"، في ربط القوة المشكّلة تحت هذا الاسم بالقائد العام للقوات المسلّحة أو وزير الدفاع، وعددهم ومهامهم القتالية. وقدّم رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي في سبتمبر/ أيلول 2014، هذا الاقتراح كضمانة لـ أبناء المحافظات التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وأصدر مجلس الوزراء موافقته على القانون في فبراير/شباط 2015، لكن القانون واجه عقبات كبيرة خلال التصويت عليه في البرلمان من قبل الكتل والأحزاب السياسية الموالية أو التي تتبنى الأجندة الإيرانية في العراق.
وكشف سياسيون في تصريحات سابقة، عدم قدرة الحكومة على دعوة أي مواليد معيّنة لأداء الخدمة العسكرية في الجيش العراقي من دون تشريع قانون خاص بذلك. وقال النائب العراقي، عباس البياتي في تصريح سابق، إنّه "لا يمكن دعوة أي مواليد لأداء الخدمة الإلزامية من دون قانون. والدعوة للخدمة لا تزال سياسية وإعلامية". ويعتمد الجيش العراقي المشكّل بقرار من الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر بعد عام 2003، على التطوع من دون وجود خدمة إلزامية. وبدوره، قد يواجه قانون إعادة التجنيد الإلزامي مشاكل بسبب تحفّظ الأكراد عليه، ومطالبة كتل أخرى بتحديد مكان خدمة أبناء كل مكوّن وضمان المساواة بينهم في توزيع المهام القتالية والواجبات والمكافآت على حد سواء.
ويقول القيادي في "التحالف الكردستاني"، حمة أمين لـ"العربي الجديد"، إن "الاقتراح خدعة جديدة للالتفاف على القانون الذي يخدم السنّة"، على حد وصفه، مستدركاً حديثه بالقول، "مع الأسف، السياسيون السنّة لا يتقنون فن التفاوض ولا حتى استحصال حقوق جمهورهم. ويجب عليهم ألّا يتخلوا عن قانون الحرس الوطني، لأن بديل التجنيد الإلزامي لن يلغي الجيش الحالي المشبّع بالطائفية. ولن يسرّح الجنود المتطوعين فيه وهم يعلمون جيداً أنّ المليشيات حالياً أقوى من الجيش والشرطة، وسيكون وجودهم صورياً وخداعاً للآخر"، وفقاً لقوله.
ويبيّن أمين، أنّ "الأكراد مبدئياً غير موافقين على المشروع. كما أنّ هناك كتلاً سياسية تمثّل الأقليات غير مرحِّبة به، فضلاً عن أنّ الكتل السنيّة لا يجب أن تُختزل بالحزب الإسلامي أو اتحاد القوى العراقي كونه قراراً مصيرياً".
اقرأ أيضاً: لقاءات عراقية متنقّلة من بغداد إلى لندن لإطاحة العبادي