سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" (داعش)، على حوالي 80 في المئة من مدينة الموصل، كما استولى عناصره على المجمع الحكومي، ومبنى قيادة الشرطة وقيادة الجيش ومطار الموصل الدولي ومبنى محطة "نينوى" الفضائية، في موازاة "اختفاء" القادة الأمنيين والمحافظ وأعضاء مجلس المحافظة، وانسحاب الجيش من المدينة في اتجاه قرى حدودية. وباتت الموصل، تحت سيطرة "داعش" وفصائل مسلّحة أخرى، كما سُجّل مقتل وجرح العشرات من عناصر الجيش والشرطة، إثر المعارك التي دارت ليلاً والاستيلاء على دبابات وأسلحة مختلفة.
وكان تنظيم "داعش" شنّ، فجر اليوم الثلاثاء، هجوماً خاطفاً على مطار الموصل، عاصمة محافظة نينوى، على وقع انسحاب القوات التابعة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، من المدينة. كما توقف البث التلفزيوني لمعظم القنوات المحلية هناك.
وتوقف بث "قناة سما الموصل" التي يقع مركزها قرب جسر الحرية وسط الموصل، والممولة من الحكومة المحلية في نينوى ومجلسها. وكذلك توقف بث قناة "نينوى الغد" والتي مقرها في منطقة الدواسة، وسط الموصل، والمملوكة لأسامة واثيل النجيفي، وناطقة باسم "كتلة متحدون" البرلمانية.
وحوصر المحافظ النجيفي، داخل مبنى المحافظة، لكنه تمكن من الهرب لاحقاً، بعدما دحرت الشرطة هجوماً شنّه مئات من المتشددين المسلحين، بقذائف صاروخية وبنادق قناصة ورشاشات ثقيلة مثبّتة على مركبات.
ووجّه النجيفي، نداءً عبر التلفزيون إلى سكان المدينة لمقاتلة المتشددين الذين اقتحموا الموصل، وناشد، وخلفه العلم العراقي، "رجال الموصل الثبات في مناطقهم والدفاع عنها ضد الغرباء، وتشكيل لجان شعبية من خلال مجلس المحافظة".
وقالت الشرطة ومسؤولون محليون إن "المتشددين يستخدمون روافع لإقامة أسوار للحماية، وإغلاق الطرق لمنع الجيش من استعادة السيطرة على الموصل".
وذكر بضعة ضباط من الجيش أن "الروح المعنوية للقوات العراقية ضعفت بعد فشلها في مجاراة داعش".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أمني كبير من مركز عمليات نينوى، لم تذكر اسمه، "من دون تدخل عاجل للمزيد من قوات الدعم الحكومية، فإن الموصل قد تسقط في أيديهم في غضون أيام". وأضاف "أن مسلحي التنظيم على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من معسكر الغزلاني العسكري".
وحسب بيانات حكومية فإن القتال أجبر بالفعل أكثر من 4800 عائلة على الفرار من الموصل والذهاب إلى مناطق أخرى في المحافظة أو خارجها.
وأوضح مصدر أمني، رفض نشر اسمه، أن "المسؤولين الحكوميين الذين كانوا يقطنون الجانب الأيمن من الموصل بدأوا في الفرار برفقة عائلاتهم، على الرغم من حظر التجوال إلى الأحياء الشمالية من المدينة".
وأضاف المصدر أن "مسلحي داعش نقلوا المعركة إلى الأحياء الشمالية، حيث تدور معارك عنيفة".
كما أفاد مصدر أمني، في وقت سابق، لوكالة "الأناضول" أن مسلحي "داعش" تمكنوا من السيطرة على نصف مدينة الموصل ومبنى محافظة نينوى ومركز للشرطة، ومطار مدينة الموصل".
واقتحمت عناصر مسلّحة سجن الموصل المركزي، وهرّبت مئات السجناء الخطرين منه.
وبدأ هجوم "داعش" على الأحياء الشمالية والغربية من مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد) منذ فجر الجمعة الماضي، وبسط سيطرته على بعض منها، فيما انسحبت القوات الامنية من تلك الاحياء انسحاباً لم يكن منظماً في بعض المناطق.
ويأتي هذا الهجوم الخاطف بعد اندحار "داعش" من مدينة سامراء قبل نحو أربعة أيام. بعد تدخل قوات خاصة عراقية، اتهمت بأنها ارتكبت مجازر "انتقامية" لتحرير المدينة، على حد وصف الحكومة العراقية عمليات القتال ضد "داعش".
وتتهم حكومة نوري المالكي، "داعش" بالوقوف وراء الفوضى الأمنية التي تضرب محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، في حين يقول ناشطون ومجالس عشائرية: إن الحكومة تستغل التنظيم المتشدد، المشكوك فيه، بالجهات التي تقف وراءه، للتنصل من مطالب العراقيين في تحقيق العدالة السياسية والافراج عن معتقلين "شرفاء"، واستخدام العنف ضد المحتجين المدنيين والحراك الشبابي المعارض لسياسات المالكي، وتوليه حكومة ثالثة.