ولم تتوقف المعارك في معظم مناطقها، بالرغم من تحرير غالبية مساحتها من سيطرة "داعش"، وهو ما تسبب في ارتفاع عدد المعاقين من أبنائها، ونتيجة هذه الإعاقات تعاني العديد من العوائل شظف العيش؛ إذ فقد معيلوها القدرة على العمل.
صلاح الزوبعي أحد هؤلاء المعاقين، فقد قدمه جراء سقوط قذيفة على بيته أثناء معارك تحرير المحافظة في ديسمبر/كانون الأول 2016.
يقول الزوبعي، وهو في العقد الثالث من العمر، إنه أصبح عاجزا عن مزاولة مهنته التي كانت توفر له مدخولاً جيداً قبل إصابته، مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يضطر أحياناً للاستدانة من أقاربه لتوفير بعض متطلبات أسرته.
ويتابع: "كنت أعمل كهربائياً، عملي متعلق بالكامل بيدي، فأنا أتولى ربط الكهرباء للبيوت حديثة البناء. منذ أن احتل داعش الأنبار توقف عملي؛ لم يعد هناك من يبني بيتاً، ومن يملك مالاً صار ينفقه على طعامه".
ويضيف: "بالرغم من إعاقتي لم أستسلم، أبيع على رصيف قرب السوق السجائر، لكن هذا العمل لا يفي بمتطلبات المعيشة".
رحيم عباس، 43 عاماً، هو الآخر فقد أحد أطرف جسده، وذلك بسبب انفجار قنبلة مؤقتة كان زرعها تنظيم "داعش".
ويقول عباس لـ"العربي الجديد"، إن "فرحتنا بعودتنا إلى مدينتنا بعد أن نزحنا منها بسبب احتلالها من قبل داعش كانت كبيرة، وهذه الفرحة منعتنا من أن نحذر من وجود مفخخات. أنا وغيري من سكان الأنبار تعرضنا لإعاقات جراء الألغام التي زرعها داعش في بيوتنا ومناطقنا، وهناك من قتل بسبب هذه الألغام".
وينتهج تنظيم "داعش" أسلوب تفخيخ البيوت والشوارع والأبنية والسيارات، لإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف القوات العراقية، بل اتخذ وسائل تفخيخ غير متوقعة، منها تفخيخ الحيوانات النافقة وأعمدة الكهرباء وصنابير المياه، والأجهزة الكهربائية وغيرها.
ويمضي عباس قائلا: "لم أكن أتوقع أن يكون بيتي مفخخاً، فأنا أملك خبرة في هذا المجال بحسب خدمتي في الجيش وتخصصي بالهندسة العسكرية، لكن حين قمت بترميم سطح المنزل كان هناك قنبلة موضوعة بين مجموعة من الأغراض الخشبية القديمة، انفجرت وأنا أرفع هذه الأخشاب".
ويكشف أنه لم يفقد ساقه من جراء هذه الحادثة فقط، فقد أصيب بشظايا في مناطق مختلفة من جسمه ومنها عموده الفقري، متابعا "منعني الأطباء من مزاولة أي مهنة بسبب العمود الفقري الذي يحتاج إلى عمليات في ثلاث فقرات منه".
ويتابع: "لا أملك ثمن تكلفة هذه العمليات فهي مكلفة، لكن أقاربي تعهدوا بأن يتكفلوا بجمع المبلغ المطلوب لإجرائها".
وأول أمس الثلاثاء، قال عذال عبيد، عضو مجلس محافظة الأنبار، إنّ "الحكومة المحلية بالأنبار قامت بجرد أعداد المعاقين من المدنيين والعسكريين نتيجة الحرب ضد داعش، منذ 2014، وحتى إعلان تحرير المحافظة نهاية 2017".
ويضيف عبيد، أنه "بعد إكمال كافة الإجراءات تبيّن أن هناك 3 آلاف مدني وعسكري (جيش وشرطة)، جميعهم معاقين، ونسبة العجز لديهم أكثر من 65 بالمائة، وعائلاتهم تعيش أوضاعا إنسانية قاسية جداً"، بحسب "الأناضول".