وعارض الكريم توسع سيطرة الفصائل المسلحة على مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، ورفع دعوى قضائية ضد عمليات استيلاء وصفها بأنّها "غير قانونية"، على الأملاك المحيطة بالمراقد الدينية في المدينة تتورّط بها جهات دينية.
وأُقيل الكريم من منصبه، عقب زيارة مسؤولين إيرانيين بينهم السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، إلى محافظة صلاح الدين.
ووسط ترقّب لقرار القضاء العراقي الذي أُلقيت الكرة في ملعبه، للبت في مشروعية قرار إقالة الكريم من قبل عدد من أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين، أكدت مصادر عراقية في تكريت وسامراء، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ قرار الإقالة جاء بضغوط إيرانية على عدد من الأعضاء والسياسيين بالمحافظة.
وذكرت المصادر، أنّ من بين من مورست عليهم ضغوطات لإقالة الكريم، أحمد عبد الجبوري (أبو مازن) رئيس كتلة صلاح الدين البرلمانية، وأحد أبرز المقربّين من المعسكر الإيراني المتمثل بتحالف "البناء" والذي يضم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، وأجنحة سياسية تتبع مليشيات "الحشد الشعبي".
وصوّت مجلس محافظة صلاح الدين التي تشكّل نحو 6 في المائة من مجموع مساحة العراق، وعاصمتها تكريت، الإثنين الماضي، على إقالة أحمد الكريم، بمشاركة أعضاء المجلس البالغ عددهم 29 عضواً.
وبحسب المجلس الذي سمّى رئيساً مؤقتاً له، فإنّ سبب الإقالة هو "سوء الإدارة، والبطء في اتخاذ القرارات والفساد المالي"، وهو ما يستوجب منه تقديم ما يثبت ذلك، لمحكمة القضاء الإداري في بغداد التي ستبتّ بشرعية القرار أو عدمها.
في المقابل، أعلن الكريم، عقب جلسة إقالته، عن تحرّكه قضائياً للطعن بالقرار، وقال في تصريحات صحافية، إنّه سيقدّم طعناً لدى المحاكم المختصة بقرار الإقالة.
واعتبر أنّ "القرار ليس قانونياً، وله دوافع سياسية الهدف منها السيطرة على محافظة صلاح الدين من قبل جهة سياسية واحدة"، مضيفاً "أعمل حالياً على ترتيب أوراق إقامة الطعن لدى القضاء، فلديّ فترة 30 يوماً لتقديم الطعن".
وتابع "إقالتي تقف وراءها دوافع سياسية، وتحديداً من النائب أحمد الجبوري (حليف تحالف الفتح المقرّب من طهران)، فهو يريد السيطرة على حكومة صلاح الدين التنفيذية والتشريعية، حتى يسيّر المحافظة كما يشاء"، وفق قوله.
وكشف مسؤول محلي في تكريت، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، عن تلقّي عدد من أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين، رسائل على تطبيق "واتساب" من قبل شخصيات سياسية في بغداد، تطالبهم بحضور اجتماع المجلس، والتصويت على إقالة الكريم.
وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "إقالة الكريم كانت لأسباب سياسية فدخوله بالفترة الأخيرة بمواجهة أجندات إيرانية وأخرى دينية داخل سامراء، ومحاربته عمليات تغيير هوية المدينة كانت السبب وراء الإطاحة به".
وتابع أنّ "القرار سياسي وتمّ تغليفه بحجج تتعلّق بالإدارة والفساد، دون أن يسوق المجلس أي دليل أو مستند على تلك التهم كما جرت العادة قبل كل جلسة تصويت"، معتبراً أنّ "الضغط جاء من أطراف قريبة من إيران والمليشيات المسلحة، وهو ما بدا واضحاً من تصريحات رحبّت بقرار الإقالة".
من جانبه، قال كتاب الميزان الناشط السياسي في مدينة سامراء، إنّ إقالة الكريم، "جزء من الصراع السياسي الدائر في بغداد، والذي انتقلت عدواه إلى صلاح الدين، لا سيما أنّ بعض الشخصيات السياسية المتنفذة في بغداد تسعى إلى الاستحواذ والهيمنة على كل مقدرات المحافظة واحتكارها بيد شخص واحد".
وأضاف الميزان، في تصريحات لموقع إخباري محلي، أنّ "هناك خطة مدروسة لإقصاء كل صوت يعارض توجهات العتبة الحسينية التي تستحوذ على المنطقة القديمة لمدينة سامراء، لذا فإنّ قرار الإقالة هذه المرة كان خارجياً بامتياز، لا سيما أنّ الكريم أقام دعوى قضائية ضد العتبة وطالب بحقوق المدينة، ووقف ضد الفاسدين في المحافظة".
وفي السياق، رفض وجهاء سامراء، قرار إقالة الكريم، معتبرين أنّ هذه الخطوة تأتي للاستحواذ على صلاح الدين ومقدّراتها، وقالوا في بيان خلال مؤتمر صحافي، إنّ "نواب وممثلي ووجهاء مدينة سامراء يستنكرون ويرفضون قيام مجلس المحافظة بإقالة رئيس المجلس، من منصبه، ومحاولة جهة سياسية فاسدة الاستحواذ على الحكومة المحلية".
وتابع البيان أنّ "هذه الجهة تسعى للاستحواذ على الحكومة المحلية، وإقصاء ممثلي مدينة سامراء والمناطق الأخرى في المحافظة، من جميع المناصب والمواقع التنفيذية".
وأكدوا "سنلجأ إلى الطعن بجلسة الإقالة من خلال الطرق القانونية"، مشيرين إلى أنّ "الجلسة شابها الكثير من الخروقات لقوانين مجلس المحافظات والحكومات المحلية".
ودعا الموقّعون على البيان، أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين إلى "ألا يكونوا أسرى إرادة جهة سياسية فاسدة، وأن يغلّبوا مصالح المحافظة على المصالح الشخصية"، رافضين "محاولات الإقصاء والاستحواذ على صلاح الدين ومقدراتها وتحويلها لجيوب الفاسدين".