يثير التفاوت الكبير بين بيانات الحكومة العراقية والتقارير العسكرية من أرض المعركة في الموصل، حول عدد قتلى عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال الأشهر السبعة الماضية من عمر معركة استعادة المدينة من قبضة التنظيم، مخاوف كبيرة لدى العراقيين، القلقين من مرحلة ما بعد "داعش".
ومن أصل أربعة آلاف مسلح تقول بغداد إنهم قتلوا على يد القوات المشتركة و"التحالف الدولي" منذ بدء المعركة، لا تتوفر لدى القوات العراقية من تلك الجثث سوى 439 جثة فقط من بينها نحو 70 جثة لمقاتلين عرب و"آخرين يحملون ملامح آسيوية"، كما كشف أحد ضباط ركن قيادة عمليات نينوى، العقيد أحمد عبد السلام الزهيري، لـ"العربي الجديد".
وتشارك قيادات أمنية عراقية وأخرى سياسية عراقية هذه المخاوف، وتعتبر أن السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه على الساحة العراقية اليوم يتمثل في معرفة أين ذهب باقي أفراد "داعش"؟ وترجح التقديرات الأميركية والعراقية التي أعلنت منتصف عام 2015، أن عدد أعضاء التنظيم يبلغ نحو 30 ألف مقاتل. لكن تقارير صدرت عن قيادات عسكرية عراقية ببغداد تؤكد أن عدد مقاتلي "داعش" لا يتجاوز اليوم عتبة الخمسة آلاف، مما يعني وجود 25 ألف عنصر من "داعش" قد تم قتلهم أو اعتقالهم.
غير أن الأرقام تشير إلى وجود 216 معتقلاً فقط من التنظيم لدى بغداد أسروا بعد إصابتهم في المعارك أو أجبروا على الاستسلام، مقابل 1800 جثة تقريباً لدى بغداد على مدى 16 شهراً من المعارك في عموم العراق. وهناك قرابة 3000 جثة دفنها "داعش"، ما يعني أن 20 ألف مسلح لا يزالون طليقين أحراراً، يتنقلون أو يختبئون ضمن مساحة تقدر بنحو 200 ألف كيلومتر مربع، في مناطق الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وبغداد وكركوك.
وما يعزز مخاوف الجانب العراقي هي الرسائل التي عثر عليها أخيراً في مركز لطب الأسنان حوّله التنظيم إلى مقر له في حي مشيرفة بالجانب الأيمن من مدينة الموصل. وهذه الرسائل موجهة لـ"ولاية" الموصل من زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، أو شخص آخر ينوب عنه، كونها اختتمت بعبارة "أخوكم في الله". وحملت صيغة أمر لـ"استنزاف العدو من قبل الأخوة المهاجرين وإيقاع أكبر الخسائر بهم قبل الانحياز من أي منطقة"، وفق ما ورد بإحدى الرسائل. وهذا ما يفسره ضابط بالجيش العراقي على أنه يحمل دلالة على قرار سابق للتنظيم بالاعتماد على الأجانب والحفاظ على العناصر المحليين، بحسب قول المصدر.