ولم يتوصل الفرقاء السياسيون في العراق حتى الآن إلى أي تفاهمات واضحة حيال شكل الحكومة المقبلة، حيث ما زالت الخلافات تعصف بالكتل السياسية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة التي أجريت في الثاني عشر من الشهر الماضي.
وينص الدستور على أن تشكيل الحكومة يقع على عاتق الكتلة الأكبر داخل البرلمان. وتتفاوض منذ نحو أربعة أسابيع كتل سياسية عدة للتحالف في ما بينها للحصول على لقب الكتلة الأكبر الذي يسمح لها بتشكيل الحكومة.
والاثنين، كشف مسؤول عراقي رفيع في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن تسبب المفاوضات الحالية في إيقاف أكثر من 40 ملف فساد كان من المقرر أن يتم البت بها، بسبب أن غالبية تلك الملفات متعلقة بكتل سياسية أو بشخصيات بارزة تدخل اليوم في صلب الحراك السياسي الجاري بالعراق لتشكيل الحكومة.
وبين أن آخر ملف تم تفعيله كان قبل بدء الحملة الانتخابية بأسبوع عندما تم تفعيل اتفاق مع لبنان لجلب وزير التجارة السابق، عبد الفلاح السوداني، المتهم بسرقة نحو 900 مليون دولار من المال العام، ومن بعده الأمين العام لوزارة الدفاع، زياد القطان، المتهم هو الآخر بسرقة نحو مليار دولار ضمن صفقات أسلحة مع دول أوروبية وآسيوية مختلفة.
ولفت إلى أن "الحملة على الفساد تقريبا توقفت والحكومة تحاول التغطية على ذلك من خلال بيانات اعتقال متهمين بتلقي رشى أو التلاعب بأوراق رسمية أو التحايل على العقارات والقانون الضريبي، وهي تخص مواطنين وموظفين صغار لا علاقة لهم بالسياسيين أو بالأحزاب ومجموع فسادهم لا يعادل 1% من أي ملف فساد يتعلق بالمسؤولين وبالشخصيات المهمة بالبلاد وأحزابهم"، وفقا لقوله.
من جهته، قال علي الجوراني، عضو "تحالف سائرون" الذي يرعاه رجل الدين مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف الانتخابات وما بعده مع الأسف أصاب المطلب الأول للعراقيين بالشلل"، في إشارة إلى ملف محاسبة المتورطين بجرائم إرهابية.
وأضاف الجوراني أن "إيقاف الحكومة متابعة ملفات الفساد كما وعدت، يجعل من العملية السياسية كلها بخانة الاتهام بالفساد، كون ذلك يتزامن مع مشاورات الكتل والأحزاب لتشكيل الحكومة"، مؤكدا أن "الملفات الموجودة لا تحتاج سوى إلى تفعيل أمر الاعتقال، لكن القضاء والشرطة يخضعان لإرادة الأحزاب"، على حد وصفه.
في الأثناء، قال عضو نقابة المحامين العراقية، سلام فياض الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إنه "من حق أي مواطن عراقي رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة والسلطة القضائية نفسها والشرطة لعدم تفعيل مذكرات القبض بحق المتهمين بالفساد".
وأضاف الموسوي أن "تعطيل هذا الملف أو تجميده بحد ذاته مخالفة قانونية وجرم يحاسب عليه القانون"، معتبرًا أنّ "الحكومة عطلت الملف لعدم تضارب مصالح رئيسها حيدر العبادي مع كتل أخرى يرغب بالحصول منها على صك ولاية ثانية"، وفقًا لقوله.