وكشف مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، عن "مقتل عشرات المتطوعين، الذين زُجّ بهم في صفوف الجيش، وهم لا يزالون دون سن الرشد، في معارك تكريت والفلوجة".
وقال المصدر، وهو عميد في مديرية شؤون الاستخبارات في وزارة الداخلية، إن "عملية التطوع في صفوف الجيش، بناءً على فتوى الجهاد الكفائي، التي أطلقها المرجع، علي السيستاني، اتّسمت بالعبثية والفوضى، بعد تسلّل أكثر من 300 متطوع، تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً، وانضمامهم الى صفوف الجيش".
وأوضح أن "طريقة اعتماد وقبول المتطوعين، تمّت من خلال رجال دين وأحزاب سياسية، مشاركة في السلطة، وبات المتطوّعون، يُشكّلون صيد سهل للجماعات الارهابية في البلاد".
واعتبر أن "الوزارة طلبت من مكتب المالكي، الغاء اعتماد قبول هؤلاء وإعادتهم الى ذويهم، فالاندفاع المفرط منهم والمغريات المادية، التي منحتها الحكومة لهم دفعتهم الى التطوّع، وتزوير أوراق رسمية، جرى تغيير أعمارهم فيها لقبول زجّهم في قوات الجيش أو الشرطة الاتحادية".
وتابع الضابط "أنهم أطفال ومراهقون، لا يمكن لهم إحراز نصر على جماعات إرهابية محترفة في القتال، والمناورة وخبيرة".
من جهته، أكد رئيس منظمة "السلام العراقية لحقوق الانسان"، محمد علي، لـ"العربي الجديد"، أن "22 متطوعاً دون سن الثامنة عشر، قُتلوا في معارك مع الجيش على يد الجماعات المسلّحة، من بينهم 8 متطوعين أُعدموا بعد أسرهم، وظهروا في لقطات فيديو، بثّتها جماعة متطرفة، مرتبطة بتنظيم داعش، وهم يبكون ويتوسلون للمسلحين بعبارة: الله يخلي أمك اتركني".
وأضاف علي أن "رئيس الوزراء الحالي وحده، يتحمّل مسؤولية تجنيد الأطفال، وزجّهم في هذه المعركة، يدلّ على مأزق المالكي، وتخبطه، عوضاً عن كونه مستهتراً في حياتهم، إذ من غير المعقول أن يهرب جنرالاته وضباطه من ساحة المعركة، ويرسل بدلا منهم متطوعين غير مدرّبين، دفعهم العامل المادي والديني الى ذلك، والكارثة أن بينهم مئات الأطفال".
ميدانياً، أفاد شهود عيان وسكان محليين في تكريت، أن "الجيش والمسلّحين، تبادلا جثث قتلاهم، صباح اليوم الأربعاء، بوساطة من شخصيات عشائرية بارزة". وذكر مواطنون من سكان تكريت، أن "المسلّحين أرسلوا عبر نهر دجلة، تسعة جثث، بينهم ضابط برتبة عميد، قُتلوا في معارك مطلع هذا الأسبوع، جنوبي المدينة".
وأشار أحد شهود العيان، سالم العجيلي (53 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، الى أن "المسلّحون ألقوا تسعة جثث وسط دجلة، وثبّتوها بطوّافات من الفلين، لتصل عبر تيار المياه الى مكان تواجد الجيش، في منطقة العوجة، على بعد 20 كيلومتراً من تكريت".
وسلّم الجيش، جثث ثلاثة أشخاص من مسلّحي العشائر، قُتلوا في مناطق تواجدهم، الى عشيرة الجبور، لتقوم بدورها بتسليمهم الى ذويهم. وذكّر أحد المسلّحين، المكنّى بـ"أبو حسين"، أن "الصليب الاحمر رفض التدخل في عملية تبادل الجثث، فوجدنا في ارسال الجثث عبر النهر، وسيلة تواصل جيدة". وأضاف "قوات الجيش والمليشيات التي ترافقها، مثّلت بجثث قتلانا الذين تسلمناهم، عكس ما فعلنا نحن باكرامها، وهذا يؤكد لنا أنهم عبارة عن عصابات لا يمكنها أن تحكم البلاد".