16 يناير 2019
العرب والفلسفة الإسلامية
سفيان البراق (المغرب)
تعتبرُ الفلسفة الإسلامية تركيبة من المجالات المَعرفية، وتضمُّ عدة أشكال، كالتصوف والفقه وعلم الكلام. إلاَّ أنَّ الفلسفة الإسلامية عرفت انتقادات ولا تستحقُّ أي اهتمام من بعض المُستشرقين، حيث اعتبروا الفلسفة الإسلامية ليست سوى فلسفة مَكتوبة بحروفٍ عربية، لكن أصلها إغريقيٌّ بكلِّ التفاصيل. دفعت هذه الانتقادات المصري مصطفى عبد الرازق إلى كتابة كتاب، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، لكي يرُدَّ على انتقادات المستشرقين، ويتبث أصالة الفلسفة الإسلامية. إذن، هل يمكنُ الحديث عن فلسفة إسلامية تقومُ على نسقٍ فلسفي خاص؟ أم أنَّها إعادة لإنتاج ما قاله أفلاطون وأرسطو؟
اختلفَ الباحثون في تعريفِ الفلسفة الإسلامية، بين من نفى وجودها واعتبرها إعادة إنتاج للفلسفة اليونانية، وأنَّ ما كتبهَ الكندي، الفارابي، ابن رشد، تكرارٌ لما قاله أفلاطون وأرسطو، هذه نظرةُ المُستشرقين، ودليلهم أنَّ الفرد العربي قاصرٌ على إبداع صيّغٍ فلسفية مُتكامِلة. ونجد أيضاً إسلاميين مُعاصرين لم يعترفوا بالفلسفة الإسلامية بدافعٍ ديني تعصبي، مُعتبرين أنَّ فلسفة الإسلام مستمدَّةٌ من أصولهِ العقائدية والثقافية.
نَهَلت الفلسفة الإسلامية من عدة مَنابع، منها: التصوف الإسلامي الذي يشملُ الأفلاطونية المُحدثة، وينحدرُ من الأمشاج المسيحية واليهودية، ثم الفِقه وعلم الكلام. ظهرت الفلسفة الإسلامية مع الكندي، الفارابي، ابن رشد الذي استطاعَ أنْ يؤسسَ نسقاً فلسفياً بين الفقه وعلم الكلام. والفلسفة الإسلامية في حدِّ ذاتها هي الفقه وعلم الكلام، خصوصا مع المُعتزلة، لأنَّهم ناقشوا القضايا الكُبرى بالاعتمادِ على العقل. يتجلى إسهام الفلسفة الإسلامية في إدخال مؤلَفَين في المنطق هما الشعر والخطابة لتصبح ثمانية مؤلفات عِوضَ ستة.
نظرة المُستشرقين تجاه الفلسفة الإسلامية استعلائية بكلِّ ما تحملُ الكلمة من معنى ودلالة، لأنَّهم قد نسوا أنَّها من قامت بقراءة واستشكال القضايا التي طُرِحت في الفلسفة اليونانية، إضافة إلى طَمر التراث الفلسفي الإسلامي الذي أغنى أوروبا بشكل كبير، فمن منَّا لا يعرفُ مدى تأثير ابن خلدون في فكر فيكو، مونتسكيو، أوكست كونت، ناهيك عن سبق الإمام الغزالي مفهوم السببية وهنا كان التمهيد النظري الذي جعلَ دافيد هيوم يُنتجُ أفكاراً أخرى في تطويرِ مفهوم السببية. ومن هذا المُنطلق يجبُ الاعتراف بالفِكر الإسلامي من الناحية الابستمولوجية.
إشكالية الفلسفة الإسلامية عميقة، إلى أنْ جاء مصطفى عبد الرازق، في كتابه تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، وقد ردَّ، في الكِتاب على انتقادات المُستشرقين، وكان المنهج الذي تميَّزَ به هو الدقة والموضوعية، والكتاب مجموعة من الاقتباسات وقليلا ما يقول الكاتب رأيه، وهذا خيرُ دليل على موضوعيته ونجاعتهِ الفلسفية. درسَ عبد الرازق على يد دور كايهم، إيميل برييه، سان سيمون، وعندما عاد إلى مصر كان أول من درَّسَ الفلسفة في مصر التي كانت تُعاني من التفكير الأصولي. ويمكنُ القول إنَّه، من خلال كتابهِ، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، حاولَ أنْ يُؤكد أصالة المدرسة الإسلامية المشائية، كما حاولَ أنْ يتبث خصوصية الفلسفة الإسلامية عن الفلسفة اليونانية عن طريق إرساء ثوابت أصيلة.
لقد ميَّزَ عبد الرازق بين ثلاثة مراحِل عرفها الفِكر الإسلامي وهي: مرحلة النشأة: هذه المرحلة تُفسِّرُ خصوصية الفِكر الإسلامي، ومرحلة التفاعل مع المؤثرات الخارجية ومرحلة الإنتاج والإبداع. ويخلصُ من هذا التقسيم إلى أنَّه علينا أنْ ننظرُ إلى الفكر الإسلامي نظرةً تطورية مع الحِفاظ على أصله، ويؤكد أيضاً على أن للفكر الإسلامي وعيٌّ مُتميز استمدَّهُ من ذاتهِ وليس من الخارج.
يعتبرُ محمد عابد الجابري أكثر المُفكرين العرب دفاعاً عن التراث، لكنه وجها نقداً خطيراً لمصطفى عبد الرازق، فالجابري كتبَ كتاب الخِطاب العربي المُعاصر، سنة 1982، وفيه اعتبرَ أنَّ مصطفى عبد الرازق هو أول من دشَّنَ الخِطاب الفلسفي النهضوي في الفِكر العربي. أما في كِتاب التراث والحَداثة، هنا الجابري أقرَّ كثيراً أنَّ محاولة مصطفى عبد الرازق منَ المحاولات الرائدة في الرؤية الاستشراقية للفِكر الإسلامي.
حاول مصطفى عبد الرازق جاهداً الدفاع عن أصالة الفلسفة الإسلامية، ليؤكد أنَّ المفكرين العرب، كالكندي والفارابي وابن رشد، قد أنتجوا فلسفة نسقية، ولكن للدفاع عن الفلسفة الإسلامية عليه أولا أنْ يكون موضوعيا، لأنَّ مصطفى عبد الرازق غلبت عليه النَّزعة العربية، فلو تحدثنا بكلِّ موضوعية، سنقطعُ الشكَّ باليقين إنَّ العرب لم يستطيعوا إنتاج فلسفة خاصة بهم، بل إنَّ ما قاموا به هو شرحهم المتن الإغريقي، وتطوير بعض الأفكار فقط.
اختلفَ الباحثون في تعريفِ الفلسفة الإسلامية، بين من نفى وجودها واعتبرها إعادة إنتاج للفلسفة اليونانية، وأنَّ ما كتبهَ الكندي، الفارابي، ابن رشد، تكرارٌ لما قاله أفلاطون وأرسطو، هذه نظرةُ المُستشرقين، ودليلهم أنَّ الفرد العربي قاصرٌ على إبداع صيّغٍ فلسفية مُتكامِلة. ونجد أيضاً إسلاميين مُعاصرين لم يعترفوا بالفلسفة الإسلامية بدافعٍ ديني تعصبي، مُعتبرين أنَّ فلسفة الإسلام مستمدَّةٌ من أصولهِ العقائدية والثقافية.
نَهَلت الفلسفة الإسلامية من عدة مَنابع، منها: التصوف الإسلامي الذي يشملُ الأفلاطونية المُحدثة، وينحدرُ من الأمشاج المسيحية واليهودية، ثم الفِقه وعلم الكلام. ظهرت الفلسفة الإسلامية مع الكندي، الفارابي، ابن رشد الذي استطاعَ أنْ يؤسسَ نسقاً فلسفياً بين الفقه وعلم الكلام. والفلسفة الإسلامية في حدِّ ذاتها هي الفقه وعلم الكلام، خصوصا مع المُعتزلة، لأنَّهم ناقشوا القضايا الكُبرى بالاعتمادِ على العقل. يتجلى إسهام الفلسفة الإسلامية في إدخال مؤلَفَين في المنطق هما الشعر والخطابة لتصبح ثمانية مؤلفات عِوضَ ستة.
نظرة المُستشرقين تجاه الفلسفة الإسلامية استعلائية بكلِّ ما تحملُ الكلمة من معنى ودلالة، لأنَّهم قد نسوا أنَّها من قامت بقراءة واستشكال القضايا التي طُرِحت في الفلسفة اليونانية، إضافة إلى طَمر التراث الفلسفي الإسلامي الذي أغنى أوروبا بشكل كبير، فمن منَّا لا يعرفُ مدى تأثير ابن خلدون في فكر فيكو، مونتسكيو، أوكست كونت، ناهيك عن سبق الإمام الغزالي مفهوم السببية وهنا كان التمهيد النظري الذي جعلَ دافيد هيوم يُنتجُ أفكاراً أخرى في تطويرِ مفهوم السببية. ومن هذا المُنطلق يجبُ الاعتراف بالفِكر الإسلامي من الناحية الابستمولوجية.
إشكالية الفلسفة الإسلامية عميقة، إلى أنْ جاء مصطفى عبد الرازق، في كتابه تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، وقد ردَّ، في الكِتاب على انتقادات المُستشرقين، وكان المنهج الذي تميَّزَ به هو الدقة والموضوعية، والكتاب مجموعة من الاقتباسات وقليلا ما يقول الكاتب رأيه، وهذا خيرُ دليل على موضوعيته ونجاعتهِ الفلسفية. درسَ عبد الرازق على يد دور كايهم، إيميل برييه، سان سيمون، وعندما عاد إلى مصر كان أول من درَّسَ الفلسفة في مصر التي كانت تُعاني من التفكير الأصولي. ويمكنُ القول إنَّه، من خلال كتابهِ، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، حاولَ أنْ يُؤكد أصالة المدرسة الإسلامية المشائية، كما حاولَ أنْ يتبث خصوصية الفلسفة الإسلامية عن الفلسفة اليونانية عن طريق إرساء ثوابت أصيلة.
لقد ميَّزَ عبد الرازق بين ثلاثة مراحِل عرفها الفِكر الإسلامي وهي: مرحلة النشأة: هذه المرحلة تُفسِّرُ خصوصية الفِكر الإسلامي، ومرحلة التفاعل مع المؤثرات الخارجية ومرحلة الإنتاج والإبداع. ويخلصُ من هذا التقسيم إلى أنَّه علينا أنْ ننظرُ إلى الفكر الإسلامي نظرةً تطورية مع الحِفاظ على أصله، ويؤكد أيضاً على أن للفكر الإسلامي وعيٌّ مُتميز استمدَّهُ من ذاتهِ وليس من الخارج.
يعتبرُ محمد عابد الجابري أكثر المُفكرين العرب دفاعاً عن التراث، لكنه وجها نقداً خطيراً لمصطفى عبد الرازق، فالجابري كتبَ كتاب الخِطاب العربي المُعاصر، سنة 1982، وفيه اعتبرَ أنَّ مصطفى عبد الرازق هو أول من دشَّنَ الخِطاب الفلسفي النهضوي في الفِكر العربي. أما في كِتاب التراث والحَداثة، هنا الجابري أقرَّ كثيراً أنَّ محاولة مصطفى عبد الرازق منَ المحاولات الرائدة في الرؤية الاستشراقية للفِكر الإسلامي.
حاول مصطفى عبد الرازق جاهداً الدفاع عن أصالة الفلسفة الإسلامية، ليؤكد أنَّ المفكرين العرب، كالكندي والفارابي وابن رشد، قد أنتجوا فلسفة نسقية، ولكن للدفاع عن الفلسفة الإسلامية عليه أولا أنْ يكون موضوعيا، لأنَّ مصطفى عبد الرازق غلبت عليه النَّزعة العربية، فلو تحدثنا بكلِّ موضوعية، سنقطعُ الشكَّ باليقين إنَّ العرب لم يستطيعوا إنتاج فلسفة خاصة بهم، بل إنَّ ما قاموا به هو شرحهم المتن الإغريقي، وتطوير بعض الأفكار فقط.