العصيان المدني يشلّ الحياة في السودان... وغضب شعبي واسع لفضّ اعتصام الخرطوم

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
03 يونيو 2019
AF443615-45DA-42EA-86ED-379820B0338D
+ الخط -
أصيبت الحياة في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان بالشلل التام منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، الإثنين، بعد تدخل قوات الدعم السريع بعنف لفضّ الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش

وكانت قوات الدعم السريع قد استخدمت، فجر اليوم، الذخيرة الحية والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع في فض اعتصام قيادة الجيش، الذي مضى عليه 60 يوماً تقريباً. 

وقد أحرقت قوات الدعم السريع أيضاً، الخيام المنصوبة في محيط الاعتصام، وطاردت المعتصمين حتى الأحياء القريبة من منطقة وسط الخرطوم.

وأغلق شباب غاضبون بعد ذلك أغلبية الطرق الرئيسة في الخرطوم، وأحرقوا إطارات السيارات، استجابة لدعوة من قوى إعلان الحرية والتغيير، التي أعلنت العصيان العام والشامل، وطالبت المواطنين بالخروج في مسيرات احتجاج وإغلاق الطرق، معلنة لأول مرة رغبتها في إسقاط المجلس العسكري الانتقالي.

إلى ذلك، أغلقت كل المحالّ التجارية أبوابها، وانعدمت تماماً وسائل النقل العمومي، واضطر المئات للسير على أقدامهم لمسافات طويلة للوصول لغاياتهم.

ومبكراً، بدأت مدينة أم درمان في غرب الخرطوم عصيانها، وخرجت أغلب أحيائها رغم الصوم في تظاهرات واحتجاجات، وتم إغلاق كل الشوارع، حسب شهود عيان تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فيما لم يتمكن الكثير من سكان المدينة من التحرك إلى مواقع أخرى.

وشهد وسط الخرطوم انتشاراً كثيفاً لقوات الدعم السريع والشرطة، التي أغلقت الطرق إلى ميدان الاعتصام.

وفي شرق الخرطوم، أغلق المحتجون شارع الستين، أكبر الشوارع في المنطقة، ومعه شارع عبيد ختم، بينما تدخلت قوات الدعم السريع، التي أطلقت الرصاص الحيّ في الهواء خلال مطاردة الشباب الذين لجأوا إلى الأحياء المجاورة، مع ملاحظة غياب كامل لقوات الشرطة والجيش، فيما أكد شهود عيان سماعهم إطلاق الرصاص أثناء بعض المطاردات.

وفي جنوب الخرطوم، وتحديداً في أحياء الأزهري وسوبا والسلمة، أغلق المحتجون طريقاً رئيساً يربط الخرطوم بمدينة ودمدني، وسط السودان، حيث لم يتمكن كثير من المسافرين الراغبين في قضاء عطلة الفطر مع ذويهم من المغادرة، وخاصة مع إغلاق الميناء البرّي الذي يسيّر الرحلات إلى خارج الخرطوم. 


من جهة أخرى، أفادت أنباء من مدينة النهود بأن السلطات الأمنية تمكنت هي الأخرى من فضّ اعتصام بالقرب من إحدى المناطق العسكرية، دون ورود تقارير عن خسائر بشرية، بينما شهدت مدينة عطبرة، مهد الثورة، تظاهرات يتوقع اتساع رقعتها بقية اليوم، كما شملت التظاهرات كلاً من مدن مدني والحصاحيصا والكاملين بوسط السودان، بالإضافة إلى عشرات القرى.

عصيان الطيارين
بدوره، أعلن تجمّع الطيارين السودانيين (عضو تجمّع المهنيين) العصيان المدني الشامل، عقب فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني.

وجاء في البيان "تابعتم من دون شك تطورات وتداعيات العنف المفرط والمجزرة التي تمت لفض اعتصام القيادة العامة، كما تعلمون أن تجمع المهنيين السودانيين قد أعلن التصعيد إلى العصيان المدني الشامل".

وأضاف "تجمّع الطيارين السودانيين كأحد أعمدة تجمّع المهنيين يعلن من دون أي ريبة أو مواربة العصيان المدني الشامل، من دون أي استثناء لأي رحلات كائنةً ما كانت".

وقال بيان لقوى إعلان الحرية والتغيير إن حصيلة القتلى وصلت حتى الآن إلى 13 قتيلاً، نتيجة لتدخل قوات الأمن، فضلاً عن إصابة المئات، بعضهم إصاباتهم خطيرة، وسط توقعات بارتفاع حصيلة الضحايا نتيجة العنف المفرط الذي استعملته القوات التي تدخلت لفض الاعتصام.


وذكرت لجنة الأطباء المركزية، المعنية بمتابعة الموقف الطبي، أنها تجد صعوبة في تقدير عدد القتلى والمصابين، وطالبت المنظمات الدولية العاملة في السودان بالتدخل لاحتواء الموقف وعلاج المصابين.

من جهة أخرى، أكد القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير صديق يوسف، لـ"العربي الجديد"، تنفيذ سلطات المجلس العسكري حملة اعتقالات واسعة استهدفت المعتصمين، مشيراً إلى أن هناك أنباءً لم يتم تأكيدها عن اعتقالات طاولت قيادات في قوى الحرية والتغيير.

وأكد القيادي بالمعارضة السودانية أن قوى الحرية والتغيير أعلنت وقف كافة الاتصالات السياسية مع المجلس العسكري، وأنه لم يعد هناك من خيار غير الإضراب العام والعصيان المدني الشامل، الأمر الذي أكده بيان صدر في وقت لاحق شدد على أن المجلس "لم يعد أهلاً للتفاوض مع الشعب السوداني".

ذات صلة

الصورة

سياسة

اقتحم عناصر من قوات الدعم السريع عدداً من منازل المدنيين في ولاية الجزيرة بشرق السودان أواخر الشهر الماضي، ونفذوا انتهاكات كبيرة بحق السكان.
الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
الصورة
توزيع مساعدات غذائية لنازحات من الفاشر إلى القضارف (فرانس برس)

مجتمع

ترسم الأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع في مدينة الفاشر السودانية، وتؤكد أن الخناق يضيق على السكان الذين يتعرّضون لهجوم من كل الجهات.
الصورة
متطوعون في مبادرة لإعداد وجبات طعام بود مدني (فرانس برس)

مجتمع

زادت الحرب في السودان عدد المحتاجين الذين وقعوا ضحايا للظروف السيئة وواقع خسارتهم ممتلكاتهم وأعمالهم واضطرارهم إلى النزوح.