قالت منظمة العفو الدولية إن حملة الملاحقة المصرية لحرية التعبير في ظل نظام عبد الفتاح السيسي وصلت إلى مستويات "مقلقة" و"غير مسبوقة"، داعية، يوم الثلاثاء، إلى الإفراج غير المشروط عن مصريين سجنوا لتعبيرهم سلمياً عن آرائهم.
وشنّت المنظمة الحقوقية، التي مقرها لندن، حملة تصف مصر بأنها "سجن مفتوح للمعارضين"، يوم الثلاثاء. وقالت في بيان إنها تريد من الداعمين حول العالم أن يعلنوا تضامنهم مع المصريين المعتقلين لتعبيرهم عن رأيهم بالكتابة إلى الحكومة في القاهرة لـ"وضع حد للاضطهاد".
وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، في بيان: "من الخطر في الوقت الحالي انتقاد الحكومة في مصر أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد الحديث... المصريون الذين يعيشون تحت حكم الرئيس السيسي يعاملون كمجرمين لمجرد التعبير السلمي عن آرائهم"، وفق ما نقلت "أسوشييتد برس".
وأوضحت أن الأجهزة الأمنية في مصر تعاملت بلا رحمة مع ما تبقى من المساحات السياسية والاجتماعية والثقافية، وذكرت أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة السيسي "كانت أكثر تطرفا مما شهده حكم حسني مبارك" الذي استمر 29 سنة، والذي أطيح من خلال ثورة شعبية في عام 2011.
وأضافت أن هذه الإجراءات "حوّلت مصر إلى سجن مفتوح للمعارضين".
ولم يصدر تعليق فوري من الحكومة المصرية على بيان منظمة العفو، لكن سلطات القاهرة لها سجل حافل من رفض انتقادات حادة لسجل حقوق الإنسان في البلاد، واصفة إياها بأنها "تلفيق".
وتتهم الحكومة بشكل دوري منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش، بأنها "غير مهنية" أو بأنها "أدوات في أيدي أعداء مصر".
وسحبت منظمات حقوق الإنسان موظفيها من مصر، بينما منع باحثوها من دخول البلاد. وتم حظر بعض مواقعها على شبكة الإنترنت.
مصر، وهي أكبر بلد عربي من حيث السكان، إذ تضم نحو 100 مليون نسمة، تشنّ أكبر حملة قمع على المعارضين في تاريخها الحديث خلال الخمس سنوات التي تلت إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
واعتقل نظام السيسي الآلاف من أنصار مرسي، فضلاً عن نشطاء علمانيين، كما شددت السيطرة على الإعلام وقمعت الحريات.
وفي الأسابيع الأخيرة فقط، تبنّت مصر قانوناً يخول الوكالة العليا التي تنظّم الإعلام في البلاد باستخدام تصنيف "الأخبار الكاذبة" لإغلاق حسابات وسائل الإعلام الاجتماعية التي تضم أكثر من 5000 متابع، بدون الحاجة إلى الحصول على أمر من المحكمة.
ويسمح قانون جديد آخر بحظر المواقع التي يعتبر محتواها تهديداً للأمن القومي.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "مئات المصريين المحتجزين بسبب تعبيرهم عن أفكارهم في السنوات الأخيرة يشملون أشخاصاً من مجموعة متنوعة من المهن، مثل الناشطين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأعضاء المعارضة، والفنانين ومشجعي كرة القدم".
ونجحت حملة القمع المخيفة في إسكات جميع الأصوات المنتقدة تقريباً في وسائل الإعلام، وأجبرت العديد من النقاد على اللجوء إلى الخارج أو التخلي عن النشاط والعيش بهدوء في المنزل.
وقالت بونعيم: "رغم هذه التحديات غير المسبوقة لحرية التعبير، ورغم الخوف الذي أصبح جزءا من الحياة اليومية، إلا أن العديد من المصريين لا يزالون يتحدون هذه القيود سلميا، ويخاطرون بحريتهم خلال الأمر".