تسلّم مجلس النواب الأردني اليوم الأربعاء مشروع قانون العفو العام من الحكومة، الذي شغل خلال الشهور الماضية الرأي العام الأردني، بعدما وقّع العديد من النواب مذكرات تطالب بالعفو العام.
وتجاوب أصحاب القرار من السلطة التنفيذية مع هذه المطالب، بهدف الحدّ من الاحتجاجات والاعتصامات الأسبوعية، التي ينظمها نشطاء ضد سياسة حكومة عمر الرزاز الاقتصادية والنهج السياسي للدولة بشكل عام، وكذلك مقايضة مجلس النواب بهذا القرار الشعبوي، لتمرير قانون الموازنة المالية العامة الذي تضمن الإجراءات المالية للحكومة للعام المقبل.
ومن المنتظر أن يجري مجلس النواب تعديلات على القانون، ليشمل فئات واسعة من المواطنين وخاصة المخالفات المتعلقة بالسير، وبعض الجرائم التي تم فيها إسقاط الحق الشخصي، إلا أنه من الصعب استرضاء جميع الفئات.
ووسط هذا الربط، نفى رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، وجود صفقة بين الحكومة والنواب لتمرير قانون الموازنة مقابل العفو العام، قائلاً إن البرلمان مؤسسة دستورية ولديها الصلاحية ومن حقها أن "تغير هذا القانون وذاك".
وأضاف في تصريحات صحافية سابقة، أن العفو العام مطلب شعبي و"المتتبع له يجد أنه كان هناك مذكرات نيابية التي ذهبت للحكومة والتي توّجت بطلب ملكي من الحكومة بتقديم مشروع قانون عفو عام"، موضحاً أن هناك أموراً يجب أن تدرس قانونياً، فلا يمكن شمول جميع الجرائم بالعفو العام ولا يمكن "الإفتاء بها"، دون الرجوع إلى قانونيتها وأثرها المالي والمعنوي أو على حقوق الآخرين.
بدوره، قال وزير العدل الأردني بسّام التلهوني، إن عدد الأفعال الجرميّة المشمولة بمشروع قانون العفو العام، قد يصل إلى زهاء 500 ألف فعل جرمي، مشيراً إلى أنّ عدد الأفعال الجرميّة المستثناة من مشروع القانون هي 187 فعلاً جرميّاً، لافتاً إلى أنّ عدد المستفيدين من العفو العام قد يبلغ زهاء 8 آلاف شخص.
ويشمل القانون إعفاء جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية، التي وقعت قبل 12/12/2018، بحيث تزول حالة الإجرام من أساسها وتمحو كل أثر من الآثار المترتبة عليها، بمقتضى التشريعات النافذة، وتسقط كل دعوى جزائية وعقوبة أصلية كانت أو تبعية أو تكميلية تتعلق بأي من تلك الجرائم. كما تعفى القضايا المشمولة بأحكام هذا القانون من الغرامات والرسوم المفروضة، أو التي ستفرض في الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات أو في أي إجراءات جزائية.
ووفق القانون، يفرج عن الموقوفين والمحكومين ممن تشملهم أحكام هذا القانون بأمر تصدره النيابة العامة إلى الجهات المختصة، أما في القضايا التي ما زالت قيد النظر سواء أمام المحاكم أو النيابة العامة أو أي جهة أخرى، فتصدر المحكمة أو تلك الجهة، حسب مقتضى الحال، القرارات اللازمة بشأنها تطبيقاً لأحكام هذا القانون، ولا يؤثر هذا القانون على صحة الأحكام والقرارات التي تم تنفيذها قبل نفاذ أحكامه.
ولا يشمل الإعفاء الجرائم التالية، سواء بالنسبة للفاعل الأصلي أو الشريك أو المتدخل أو المحرض، كما لا يشمل الإعفاء الشروع في أي منها: الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي والداخلي المنصوص، وجرائم جمعيات الأشرار والجمعيات غير المشروعة والجرائم المخلّة بالواجبات والجرائم الواقعة على السلطة العامة، جرائم حرق وإتلاف سجلات السلطة العامة وجرائم الحريق، وجرائم الاعتداء على طرق النقل والمواصلات، جرائم تزوير البنكنوت والجرائم المتصلة، جـرائم التزوير (الجنائي)، جرائم الاعتداء على العرض وتشمل الاغتصاب وهتك العرض والخطف الجنائي، جرائم التجسس، جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، جرائم الاتجار، وجرائم غسل الأموال.
كما يشمل الإعفاء الجرائم التالية؛ سواء بالنسبة للفاعل الأصلي أو الشريك أو المتدخل أو المحرض، كما يشمل الإعفاء الشروع في أي منها إذا اقترنت بإسقاط الحق الشخصي أو دفع أصل المبلغ المطالب به، ولو اكتسب الحكم الدرجة القطعية: جرائم القتل، جرائم التسبب بالوفاة، جرائم الضرب المفضي إلى الموت، جرائم إيذاء المشاجرة، وجرائم الاحتيال وجـرائم الشيك المقترنة بالادعاء بالحق الشخصي وجرائم إساءة الائتمان، جرائم الإفلاس الاحتيالي، جرائم التهديد، جرائم الذم والقدح والتحقير، جرائم الافتراء وشهادة الزور واليمين الكاذبة.
وليس في هذا القانون ما يمنع من الحكم للمدعي الشخصي بالإلزاميات المدنية ولا من إنفاذ الحكم الصادر بها، ومصادرة البضائع أو إتلافها أو التصرف بها في غير الأغراض التجارية وفقاً لأحكام القوانين ذات العلاقة.
وثارت بداية الأسبوع الحالي الجمعيات الحقوقية والعديد من النشطاء والمواطنين، ضد النائب خليل عطية، بعدما طالب بشمول الجرائم المخلّة بواجبات الوظيفة والرشوة وجرائم الرأي العام أمام أمن الدولة، وجرائم الاغتصاب وهتك العرض والسرقة الجنائية، والجرائم المرتكبة خلافاً لقانون الإقامة وشؤون الأجانب بقانون العفو العام.
واضطر عطية للاعتذار وأصدر بياناً قال فيه، إن "اجتهاده بطلب شمول العفو قضايا هتك العرض والاغتصاب التي يتم التنازل فيها عن الحق الشخصي، يأتي من باب إعطاء المذنب فرصة للتوبة ولحياة صالحة، ومن باب أنّ هناك بعض القضايا لا ترقى إلى فعل الفاحشة، كما ظننت، لكون بعض هذه القضايا كانت من باب الابتزاز والتدليس، والافتراء، ولم تكن قد وقعت فعلاً، لضعف دليل المتهم البريء".
وتابع عطية: "لكن تبين لي بعد استشارة أهل العلم وأهل الاختصاص، بأني أخطأت وتسرعت في اجتهادي، وخصوصاً لحساسية هذا الموضوع في مجتمعنا المسلم وبأن هذه القضايا يجب أن يطبق فيها الحكم الشرعي، لذلك أطالب بتحكيم الشرع فيها وأن يكون للشرع الحكم الفصل في هذه القضايا".
وكان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد وجه منتصف الشهر الماضي، الحكومة الأردنية بإصدار قانون العفو العام والسير بمراحله الدستورية، وبما يسهم في التخفيف من التحديات والضغوط التي تواجه المواطنين، مشدداً على أهمية أن يحافظ العفو العام على احترام سيادة القانون، بحيث لا يكون هناك إضرار بالأمن الوطني والمجتمعي وحقوق المواطنين، مشدداً على ضرورة إعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم.