توجس الموظف الكويتي، خالد الولدعي، من أوراق الفحص الطبي الخاصة بعامل وافد من دولة نيبال إذ صارت لديه خبرة متراكمة في عمله الذي وصل فيه إلى منصب رئيس قسم بإدارة فحص العمالة الوافدة التابعة لقسم صحة الموانئ والحدود بـوزارة الصحة الكويتية، ما يمكنه من التمييز بين شهادات الفحص الطبي المزورة والسليمة، الأمر الذي دفعه إلى تحويل أوراق العامل إلى الإدارة العامة لمباحث شؤون الإقامة "إدارة البحث والتحري" بوزارة الداخلية، والتي تمكنت عقب التحقيق مع العامل في التوصل إلى عصابة مكونة من 5 موظفين كويتيين وعمال وافدين، متورطين في تزوير فحوص طبية لـ 60 عاملاً غير مؤهلين ومصابين بأمراض ممنوعة من دخول البلاد زوروا شهاداتهم الصحية من مسمى "غير لائق صحياً" لتصبح "لائق صحياً".
وتفرض دولة الكويت شرط الفحص الطبي على جميع العمال الوافدين، فيما حددت وزارة الصحة 32 جنسية يتم فحصها بصورة دورية في الكويت وعند كل تجديد للإقامة فيها بناء على دراسة وبائية وانتشار معدل الأمراض بهذه الدول طبقاً لتقارير وإحصائيات منظمة الصحة العالمية وإحصائيات وزارة الصحة الكويتية، وتمنع وزارة الصحة الكويتية المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والتدرن الرئوي، والالتهاب الكبدي الوبائي (ب وج)، والجذام، والفلاريا والملاريا، من دخول البلاد كما يقول الولدعي.
اقــرأ أيضاً
عصابات مشتركة
عملت عصابة التزوير التي ضبطتها إدارة البحث والتحري لثلاثة أعوام قبل أن يتم ضبطها في عام 2015 بينما تم ضبط أخرى في عام 2016 وعصابة ثالثة في فبراير/شباط 2017، غير أن الثالثة لم تقصر عملها على أوراق الفحص الطبي بل كانت تزور جميع المحررات الرسمية بما في ذلك فحوصات الأوراق الطبية للوافدين، بينما تم القبض على 50 حالة فردية من المزورين الذين يستغفلون الموظفين المتعبين بسبب ضغط العمل ويقومون بالتلاعب في المحررات الرسمية، وفق ما كشفه المقدم في إدارة البحث والتحري مطلق العتيبي والذي يشرف على عمليات التحقيق والقبض على مزوري أوراق الإقامة.
وتتكون عصابات التزوير من عمال بالمراكز الصحية المخصصة لفحص الوافدين طبياً، بالإضافة إلى موظفين كويتيين وفق ما رصدته إدارة البحث والتحري التي ضبطت عمال نظافة تورطوا ولعبوا دور حلقة الوصل بين العامل الوافد وبعض الموظفين من ضعاف النفوس ممن يتقاضون رشى مقابل التزوير في المحررات الرسمية، ومن بين هؤلاء حالة تم القبض عليها في شهر فبراير/شباط الماضي بحسب المقدم العتيبي.
و"تتم عملية القبض على المزورين من خلال اعتقال عامل وافد لديه أوراق فحص طبي مزورة، يؤدي إلى كشف عصابة كاملة، وإسقاط أكبر عدد من شبكات التزوير معقدة التكوين"، وفق ما أكده مصدر أمني (فضل عدم التصريح باسمه) في تصريح خاص لـ"العربي الجديد".
تسريع المعاملات عبر التزوير
في عام 2013 فحصت وزارة الصحة الكويتية، 92.947 حالة اكتشف منها 610 مصابين بأمراض ممنوعة من دخول الكويت، وفي عام 2014 تم فحص 175.121 حالة اكتشف إصابة 784 منها بالأمراض المعدية الممنوعة، وفي عام 2015 تم فحص 144.317 حالة اكتشف منها 308 حالات مصابة، وفق ما قاله وزير الصحة العامة الدكتور علي العبيدي في أغسطس/آب من العام الماضي في رده على سؤال للنائب في مجلس الأمة خليل عبدالله يتعلق بعمل قسم صحة الموانئ والحدود.
ويسمح للعمالة الوافدة بالبقاء لمدة شهرين من تاريخ دخول الكويت حتى الانتهاء من إجراءات الكشف الطبي والإقامة، وقد يتم تمديد هذه المدة من قبل وزارة الداخلية وفقاً للآلية المتبعة لديهم في هذا الشأن، بينما يتم إيقاف أوراق غير اللائقين طبياً، ريثما يتم إيداعهم الحجر الصحي تمهيداً لترحيلهم إلى بلدانهم، وفقاً للمقدم العتيبي.
ويتعرض هؤلاء العمال للخداع من قبل سماسرة يتواجدون بالقرب من المراكز الصحية والذين يزينون لهم تزوير الفحص الطبي وإنجازه سريعاً مقابل مبالغ بخسة على حد زعمهم، ثم بعد مباشرة خطوات الجريمة الأولى يفاجؤون أن هذه المبالغ ضخمة، وأنهم يتعرضون للابتزاز، لكن بسبب حداثة عهدهم بالبلاد فإنهم لا يعلمون الإجراءات القانونية لإيقاف ابتزازهم، فيصبحون فريسة سهلة لعصابات التزوير، بحسب الصحافي والخبير في الشؤون الأمنية عبد العزيز العنزي.
وينصح العنزي، والذي عمل منذ عام 1995 محرراً للشؤون الأمنية، العمال الوافدين الجدد إلى الكويت بضرورة استخراج أوراقهم بشكل رسمي من خلال الإجراءات القانونية، والطرق المعتادة حتى وإن تأخرت بسبب الروتين، وضغط العمل بدلاً من التعرض للخداع، وهو ما لجأ إليه بالفعل الموظف الوافد، علي منصور، والذي رفض مساومات سمسار، حاول إقناعه بدفع 300 دينار (ما يوازي 993 دولاراً أميركياً)، بالإضافة إلى 130 دينار قيمة الفحص والتأمين الطبي مقابل إنجاز معاملة إقامة والدته في الكويت بشكل سريع، مفضلاً استخراجها بشكل رسمي حتى لا يتورط في قضية تزوير على الرغم من انتظاره شهراً كاملاً دون إنجاز المعاملة، إذ أخبره السمسار أن لديه معارف في مركز صحي سيقوم فيه بالفحص الطبي دون حضور والدته كما يقول.
ويراجع إدارة فحص العمالة الوافدة، قرابة ألف حالة يومياً، وهو ما شكل ضغطاً كبيراً على تلك المراكز، الأمر الذي أغرى عصابات التزوير باستغلال المراجعين وإقناعهم بتزوير شهادات الفحص الطبي وفق ما يقول الولدعي.
لكن مدير منطقة الفروانية الصحية التابعة لوزارة الصحة، حمود فهد الزعبي، يختلف مع ما قاله الولدعي، قائلا: "عدد موظفي الفحص الطبي وعدد موظفي استخراج المعاملات كاف، ومعدل الانتظار في المراكز الصحية بالكويت هو الأقل عالمياً، والإجراءات الروتينية التي يتذمر بشأنها الموظفون والمراجعون، طبيعية، تحدث في كل مراكز العالم الصحية". مؤكداً لـ"العربي الجديد" إن دفع الرشى لبعض الموظفين في وزارة الصحة هي السبب وراء تزوير الفحوصات الطبية والإقامات، وليس ضغط العمل على المراكز الصحية.
يوافقه في ذلك المقدم العتيبي قائلاً: "ضبطنا بعض العمال يقومون بدفع رشى للمسؤولين في شركاتهم، لوضعهم في المراكز الصحية، نظراً لسهولة الحصول على الرشوة فيها حيث يعمل هؤلاء العمال كحلقة وصل بين الوافدين الذين يطمحون إلى الحصول على ورقة فحص طبي مزورة وبين الموظفين الكويتيين المسؤولين عن الأختام وتمرير المعاملات". قائلا "تتقاضى العصابة مبالغ تبدأ من 300 دينار وتصل حتى ألف دينار كويتي (ما يعادل 3300 دولار أميركي) عن تزوير المعاملات، يتقاسمها الموظف الكويتي والعامل والوسيط والسمسار، ويتم دفع جزء من المبلغ قبل عملية التزوير، واستكمال الجزء الثاني في حال إنجازها.
ويقر المسؤول السابق في إحدى شركات النظافة المتعاقدة مع عدة جهات حكومية في الكويت، عبد العزيز نايف، أن عمالاً يحاولون رشوة مديرين للحصول على عمل في المراكز الصحية، وهذه الشركات لا تمارس أي رقابة عليهم خوفاً من إنهاء الحكومة عقودها في حال اكتشاف ذلك.
إجراءات قانونية مشددة
يفرض قانون الجزاء الكويتي عقوبات مشددة على التزوير في المحررات الرسمية وفق ما جاء في مادتيه 35 و36، إذ قرر المشرع الجزائي عقوبة السجن مدة لا تجاوز عشر سنوات لمن يتورط في ارتكاب جريمة التزوير، كما أن جناية التزوير في التقارير الطبية، تقع تحت طائلة المواد 48 فقرة ثانياً وثالثاً و259 و260 من قانون الجزاء والتي تنص على "أنه إذا ارتكب التزوير في المحرر الرسمي من الموظف المكلف إثباتَ البيانات التي غيرت الحقيقة فيها، كانت العقوبة الحبس مدة لا تُجاوز عشر سنوات، ويجوز أن تضاف إليها غرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار (33129 دولاراً أميركياً)"، بحسب المحامي والخبير القانوني عبد العزيز عطاالله، والذي وقف على كثير من حالات التزوير في المحررات الرسمية مثل تزوير شهادات "لائق صحي" وأوراق إقامة ورخص قيادة وبطاقات مدنية حكمت فيها المحكمة بالسجن على المتهمين مع فرض غرامات مالية ضخمة، وآخرها كانت قضية مواطن كويتي زور رخصة قيادة لصالح وافد من جنسية عربية غير مطابق للشروط إذ صدر بحقه حكم السجن لمدة ست سنوات، كما أصدرت المحكمة حكماً بسجن مواطنة ثلاث سنوات بسبب تزويرها ورقة إجازة طبية لمدة يومين"، قائلاً لـ"العربي الجديد": "العقوبات مشددة وقاسية ضد المزورين لكن الجهل بالقانون الكويتي، والطمع بالأموال من قبل المرتشين يجعل قضايا التزوير كثيرة في البلاد مع الأسف".
ويعتبر التزوير جريمة مخلة بالشرف بحسب القانون الكويتي، إذ نصت المادة 70 من قانون الجزاء على العقوبة التبعية التي تلحق بالعقوبة الأصلية وهي عزل الموظف عن وظيفته وذلك لارتكابه جناية الرشوة والتزوير في عمل من أعمال وظيفته، ويمنع المدانون من تولي أي منصب قيادي طوال الحياة كما يمنعون من ممارسة الأعمال السياسية والترشح للانتخابات البرلمانية وفقاً لقانون الجزاء الكويتي.
وقضت المحكمة الابتدائية في عام 2016 بالسجن خمس سنوات لموظف كويتي ساهم في تزوير ورقة إقامة لأحد الوافدين، كما أن عشرات القضايا منظورة في المحكمة حتى الآن بحسب المقدم العتيبي، والذي لفت إلى أن بعض العمال الوافدين جاءوا من بيئات تنتشر فيها الأمراض المعدية ولا يعلمون ما إذا كانوا مصابين بالمرض أم لا، وتحاشياً للمخاطرة يقومون بتزوير أوراق الفحص الطبي، وبعد القبض عليهم يتبين أنهم غير مصابين بأي مرض أصلاً كما يقول.
وتفرض دولة الكويت شرط الفحص الطبي على جميع العمال الوافدين، فيما حددت وزارة الصحة 32 جنسية يتم فحصها بصورة دورية في الكويت وعند كل تجديد للإقامة فيها بناء على دراسة وبائية وانتشار معدل الأمراض بهذه الدول طبقاً لتقارير وإحصائيات منظمة الصحة العالمية وإحصائيات وزارة الصحة الكويتية، وتمنع وزارة الصحة الكويتية المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والتدرن الرئوي، والالتهاب الكبدي الوبائي (ب وج)، والجذام، والفلاريا والملاريا، من دخول البلاد كما يقول الولدعي.
عصابات مشتركة
عملت عصابة التزوير التي ضبطتها إدارة البحث والتحري لثلاثة أعوام قبل أن يتم ضبطها في عام 2015 بينما تم ضبط أخرى في عام 2016 وعصابة ثالثة في فبراير/شباط 2017، غير أن الثالثة لم تقصر عملها على أوراق الفحص الطبي بل كانت تزور جميع المحررات الرسمية بما في ذلك فحوصات الأوراق الطبية للوافدين، بينما تم القبض على 50 حالة فردية من المزورين الذين يستغفلون الموظفين المتعبين بسبب ضغط العمل ويقومون بالتلاعب في المحررات الرسمية، وفق ما كشفه المقدم في إدارة البحث والتحري مطلق العتيبي والذي يشرف على عمليات التحقيق والقبض على مزوري أوراق الإقامة.
وتتكون عصابات التزوير من عمال بالمراكز الصحية المخصصة لفحص الوافدين طبياً، بالإضافة إلى موظفين كويتيين وفق ما رصدته إدارة البحث والتحري التي ضبطت عمال نظافة تورطوا ولعبوا دور حلقة الوصل بين العامل الوافد وبعض الموظفين من ضعاف النفوس ممن يتقاضون رشى مقابل التزوير في المحررات الرسمية، ومن بين هؤلاء حالة تم القبض عليها في شهر فبراير/شباط الماضي بحسب المقدم العتيبي.
و"تتم عملية القبض على المزورين من خلال اعتقال عامل وافد لديه أوراق فحص طبي مزورة، يؤدي إلى كشف عصابة كاملة، وإسقاط أكبر عدد من شبكات التزوير معقدة التكوين"، وفق ما أكده مصدر أمني (فضل عدم التصريح باسمه) في تصريح خاص لـ"العربي الجديد".
تسريع المعاملات عبر التزوير
في عام 2013 فحصت وزارة الصحة الكويتية، 92.947 حالة اكتشف منها 610 مصابين بأمراض ممنوعة من دخول الكويت، وفي عام 2014 تم فحص 175.121 حالة اكتشف إصابة 784 منها بالأمراض المعدية الممنوعة، وفي عام 2015 تم فحص 144.317 حالة اكتشف منها 308 حالات مصابة، وفق ما قاله وزير الصحة العامة الدكتور علي العبيدي في أغسطس/آب من العام الماضي في رده على سؤال للنائب في مجلس الأمة خليل عبدالله يتعلق بعمل قسم صحة الموانئ والحدود.
ويسمح للعمالة الوافدة بالبقاء لمدة شهرين من تاريخ دخول الكويت حتى الانتهاء من إجراءات الكشف الطبي والإقامة، وقد يتم تمديد هذه المدة من قبل وزارة الداخلية وفقاً للآلية المتبعة لديهم في هذا الشأن، بينما يتم إيقاف أوراق غير اللائقين طبياً، ريثما يتم إيداعهم الحجر الصحي تمهيداً لترحيلهم إلى بلدانهم، وفقاً للمقدم العتيبي.
ويتعرض هؤلاء العمال للخداع من قبل سماسرة يتواجدون بالقرب من المراكز الصحية والذين يزينون لهم تزوير الفحص الطبي وإنجازه سريعاً مقابل مبالغ بخسة على حد زعمهم، ثم بعد مباشرة خطوات الجريمة الأولى يفاجؤون أن هذه المبالغ ضخمة، وأنهم يتعرضون للابتزاز، لكن بسبب حداثة عهدهم بالبلاد فإنهم لا يعلمون الإجراءات القانونية لإيقاف ابتزازهم، فيصبحون فريسة سهلة لعصابات التزوير، بحسب الصحافي والخبير في الشؤون الأمنية عبد العزيز العنزي.
وينصح العنزي، والذي عمل منذ عام 1995 محرراً للشؤون الأمنية، العمال الوافدين الجدد إلى الكويت بضرورة استخراج أوراقهم بشكل رسمي من خلال الإجراءات القانونية، والطرق المعتادة حتى وإن تأخرت بسبب الروتين، وضغط العمل بدلاً من التعرض للخداع، وهو ما لجأ إليه بالفعل الموظف الوافد، علي منصور، والذي رفض مساومات سمسار، حاول إقناعه بدفع 300 دينار (ما يوازي 993 دولاراً أميركياً)، بالإضافة إلى 130 دينار قيمة الفحص والتأمين الطبي مقابل إنجاز معاملة إقامة والدته في الكويت بشكل سريع، مفضلاً استخراجها بشكل رسمي حتى لا يتورط في قضية تزوير على الرغم من انتظاره شهراً كاملاً دون إنجاز المعاملة، إذ أخبره السمسار أن لديه معارف في مركز صحي سيقوم فيه بالفحص الطبي دون حضور والدته كما يقول.
ويراجع إدارة فحص العمالة الوافدة، قرابة ألف حالة يومياً، وهو ما شكل ضغطاً كبيراً على تلك المراكز، الأمر الذي أغرى عصابات التزوير باستغلال المراجعين وإقناعهم بتزوير شهادات الفحص الطبي وفق ما يقول الولدعي.
لكن مدير منطقة الفروانية الصحية التابعة لوزارة الصحة، حمود فهد الزعبي، يختلف مع ما قاله الولدعي، قائلا: "عدد موظفي الفحص الطبي وعدد موظفي استخراج المعاملات كاف، ومعدل الانتظار في المراكز الصحية بالكويت هو الأقل عالمياً، والإجراءات الروتينية التي يتذمر بشأنها الموظفون والمراجعون، طبيعية، تحدث في كل مراكز العالم الصحية". مؤكداً لـ"العربي الجديد" إن دفع الرشى لبعض الموظفين في وزارة الصحة هي السبب وراء تزوير الفحوصات الطبية والإقامات، وليس ضغط العمل على المراكز الصحية.
يوافقه في ذلك المقدم العتيبي قائلاً: "ضبطنا بعض العمال يقومون بدفع رشى للمسؤولين في شركاتهم، لوضعهم في المراكز الصحية، نظراً لسهولة الحصول على الرشوة فيها حيث يعمل هؤلاء العمال كحلقة وصل بين الوافدين الذين يطمحون إلى الحصول على ورقة فحص طبي مزورة وبين الموظفين الكويتيين المسؤولين عن الأختام وتمرير المعاملات". قائلا "تتقاضى العصابة مبالغ تبدأ من 300 دينار وتصل حتى ألف دينار كويتي (ما يعادل 3300 دولار أميركي) عن تزوير المعاملات، يتقاسمها الموظف الكويتي والعامل والوسيط والسمسار، ويتم دفع جزء من المبلغ قبل عملية التزوير، واستكمال الجزء الثاني في حال إنجازها.
ويقر المسؤول السابق في إحدى شركات النظافة المتعاقدة مع عدة جهات حكومية في الكويت، عبد العزيز نايف، أن عمالاً يحاولون رشوة مديرين للحصول على عمل في المراكز الصحية، وهذه الشركات لا تمارس أي رقابة عليهم خوفاً من إنهاء الحكومة عقودها في حال اكتشاف ذلك.
إجراءات قانونية مشددة
يفرض قانون الجزاء الكويتي عقوبات مشددة على التزوير في المحررات الرسمية وفق ما جاء في مادتيه 35 و36، إذ قرر المشرع الجزائي عقوبة السجن مدة لا تجاوز عشر سنوات لمن يتورط في ارتكاب جريمة التزوير، كما أن جناية التزوير في التقارير الطبية، تقع تحت طائلة المواد 48 فقرة ثانياً وثالثاً و259 و260 من قانون الجزاء والتي تنص على "أنه إذا ارتكب التزوير في المحرر الرسمي من الموظف المكلف إثباتَ البيانات التي غيرت الحقيقة فيها، كانت العقوبة الحبس مدة لا تُجاوز عشر سنوات، ويجوز أن تضاف إليها غرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار (33129 دولاراً أميركياً)"، بحسب المحامي والخبير القانوني عبد العزيز عطاالله، والذي وقف على كثير من حالات التزوير في المحررات الرسمية مثل تزوير شهادات "لائق صحي" وأوراق إقامة ورخص قيادة وبطاقات مدنية حكمت فيها المحكمة بالسجن على المتهمين مع فرض غرامات مالية ضخمة، وآخرها كانت قضية مواطن كويتي زور رخصة قيادة لصالح وافد من جنسية عربية غير مطابق للشروط إذ صدر بحقه حكم السجن لمدة ست سنوات، كما أصدرت المحكمة حكماً بسجن مواطنة ثلاث سنوات بسبب تزويرها ورقة إجازة طبية لمدة يومين"، قائلاً لـ"العربي الجديد": "العقوبات مشددة وقاسية ضد المزورين لكن الجهل بالقانون الكويتي، والطمع بالأموال من قبل المرتشين يجعل قضايا التزوير كثيرة في البلاد مع الأسف".
ويعتبر التزوير جريمة مخلة بالشرف بحسب القانون الكويتي، إذ نصت المادة 70 من قانون الجزاء على العقوبة التبعية التي تلحق بالعقوبة الأصلية وهي عزل الموظف عن وظيفته وذلك لارتكابه جناية الرشوة والتزوير في عمل من أعمال وظيفته، ويمنع المدانون من تولي أي منصب قيادي طوال الحياة كما يمنعون من ممارسة الأعمال السياسية والترشح للانتخابات البرلمانية وفقاً لقانون الجزاء الكويتي.
وقضت المحكمة الابتدائية في عام 2016 بالسجن خمس سنوات لموظف كويتي ساهم في تزوير ورقة إقامة لأحد الوافدين، كما أن عشرات القضايا منظورة في المحكمة حتى الآن بحسب المقدم العتيبي، والذي لفت إلى أن بعض العمال الوافدين جاءوا من بيئات تنتشر فيها الأمراض المعدية ولا يعلمون ما إذا كانوا مصابين بالمرض أم لا، وتحاشياً للمخاطرة يقومون بتزوير أوراق الفحص الطبي، وبعد القبض عليهم يتبين أنهم غير مصابين بأي مرض أصلاً كما يقول.