كشفت مصادر خاصة في تونس، لـ"العربي الجديد"، عن وجود محاولات لوساطة تؤديها أطراف تونسية فاعلة لإحداث تقارب بين بعض "الرموز المقبولة" من نظام معمر القذافي، وتيارات سياسية فاعلة في العاصمة الليبية طرابلس. وقالت المصادر إن مجموعة من المحسوبين على نظام القذافي وصلت إلى تونس منذ أيام، والتقت مسؤولين حزبيين تونسيين، وطلبت وساطتهم في جسّ نبض قوى إسلامية "معتدلة" تؤمن بضرورة إنجاز مصالحة في ليبيا، والتدخل من أجل توفير أرضية للقاءات قريبة بين الطرفين.
وبحسب المصادر، فقد عبّر الطرف التونسي، غير الرسمي، عن استعداده لذلك، والتوسط من أجل محاولة تحقيق هذا التقارب. وعلى الرغم من أن المصادر لم تبيّن من هي الأطراف التونسية المعنية بهذه المبادرة، إلا أن "العربي الجديد" حصلت على معلومات من مصادر متقاطعة، تؤكد أن الحزب المقصود هو حركة "النهضة" على الأرجح، وأن الشخصية المعنية بالوساطة قد تكون زعيمها، الشيخ راشد الغنوشي.
ولا يغيب عن بال المراقبين، في هذا السياق، أن الغنوشي سبق له أن اتصل قبل أشهر هاتفياً بكل من أحمد قذاف الدم وعبد الرحمن شلغم وغيرهما من رجالات تولت مسؤوليات في زمن القذافي. غير أن تفاصيل أخرى هامة ترجح أن يتولى الغنوشي هذه المهمة، أهمها العلاقة القديمة التي كانت تربطه بسيف الإسلام القذافي. ورجحت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" وجود اتصالات، وربما لقاءات جمعت الرجلين في بريطانيا قبل الثورة عام 2011، مرجحة أن يكون الغنوشي قد تدخل أيضاً لمنع إعدام سيف الإسلام القذافي، على اعتبار أن هذه الخطوة من شأنها تعقيد المشهد الليبي أكثر.
وتلفت بعض المصادر إلى أن هذه المصالحة، لو تحققت، ربما تسهم في قلب الموازين في ليبيا، وفي الغرب بالذات. وقد تسرّع في جهود المصالحة التي تبذلها أكثر من جهة، من بينها الجزائر. وترجّح أن التقارب المعروف بين الغنوشي والرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، قد يفسر هذه الجهود. وتشير إلى أن الصمت حيال اختطاف واغتيال الداعية الليبي، الأمين العام لهيئة علماء ليبيا، الشيخ نادر السنوسي العمراني، قبل أيام في طرابلس، ينظر إليه باعتباره مؤشراً خطيراً إلى تغير اللعبة في العاصمة الليبية، الهادئة نسبياً إلى حد الآن.
غير أن المصادر لم تحدد من هي الجهة الليبية المعنية بالمخاطبة، فالتيارات المحسوبة على الإسلام السياسي في ليبيا كثيرة، وبينها اختلافات عديدة، ولا تتقاسم وجهات النظر نفسها في خصوص الأزمة الليبية ومعالجتها، وفي خصوص التقارب مع رموز القذافي أيضاً.