رفضت المحكمة الإدارية في تونس، أخيراً، الطلب القضائي الذي قدمته الكتلة الديمقراطية لإلغاء قرار رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، تفويض رئيس ديوانه، الحبيب خضر، التوقيع على الوثائق الداخلة في حدود مشمولاته، معتبرة أن الطلب "لا يتسم بالجدية في ظاهره".
واعتبر المحلل السياسي محمد الغواري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الغنوشي كسب خمس جولات في شهرين فقط ضد معارضيه في وقت وجيز رغم ضراوة هذه المعارك وشراستها، أولا بسقوط لائحة الحزب الدستوري الحر "لإعلان رفض البرلمان للتدخل الخارجي في ليبيا"، ثم إسقاط لائحة ثانية "لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية"، ثم إسقاط لائحة "سحب الثقة من رئيس البرلمان"، ثم كسب قضية بعد تشويهه وثلبه (السب والقذف) من موقع "ميدل إيست أون لاين"، وأخيرا كسب قضية "التفويض لرئيس ديوانه".
الغنوشي أنفق وقته في رد الضربات التي تستهدفه منذ بداية ولايته
وبين المحلل أن النجاحات التي حققها الغنوشي وحزبه مقارنة بخيبات معارضيه تعتبر نسبية، لأن الغنوشي خرج منهكا من شدة المعارك وتواترها، الأمر الذي لم يمكنه من التقاط أنفاسه منذ توليه رئاسة البرلمان وشغله عن لعب أدوار أخرى.
وقال الغواري إن "الغنوشي أنفق وقته في رد الضربات التي تستهدفه منذ بداية ولايته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 ما حال دون إدارته لقضايا الحكم الحقيقية انطلاقا من موقعه في رئاسة البرلمان وزعامة الحزب الأول في البرلمان".
ولفت إلى أن الغنوشي سيستغل فترة العطلة البرلمانية لمراجعة حساباته والتفكير في الموقع الذي تقتضيه مكانته الاعتبارية لدى أنصاره وخصومه على حد سواء.
وقالت المحكمة الإدارية، في نص حكمها، إن "رئيس مجلس نواب الشعب يتمتع بصفة رئيس إدارة، وهي صفة تمنح صاحبها الحق في تفويض إمضائه، وأن ممارسة ذلك الحق في ظل عدم إصدار النصوص المنظمة للاستقلالية الإدارية والمالية لمجلس نواب الشعب يكون وفقا للنصوص التشريعية والتراتبية الجاري بها العمل، وخاصة منها الأمر عدد 384 لسنة 1975، الأمر الذي يجعل من الأسباب المستند إليها في طلب توقيف التنفيذ غير متسمة بالجدية في ظاهرها".
وأقدمت الكتلة الديمقراطية (38 نائبا وتضم حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب)، على إيداع عريضة إلغاء مقرّر إداري، مع طلب تأجيل وتوقيف لدى المحكمة الإدارية في ما يتعلّق بتفويض الغنوشي إلى خضر بالتوقيع.
وأكدت الكتلة الديمقراطيّة أنّ العمل بهذا التفويض انطلق ابتداءً من 7 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، معتبرة أنّ له أثرا رجعيا، وتساءل نواب الكتلة عن إمكانية أن يكون مدير الديوان قد قام بالتوقيع على وثائق نيابة عن الغنوشي قبل صدور التفويض.
وأشارت إلى أنّ هذا التفويض تمّ على أساس الأمر عدد 384 لسنة 1975 المتعلّق بالترخيص للوزراء وكتّاب الدولة بتفويض حق التوقيع، مشيرة إلى أنّ الغنوشي لا يشمله ذلك الأمر، فرئيس البرلمان ليس وزيرا ولا كاتب دولة حتى يتسنى له تفويض حق التوقيع، مؤكدة أنّ البند 50 من النظام الداخلي للبرلمان ينصّ على أنّ رئيس مجلس نواب الشعب يمكن أن يفوّض بعضا من صلاحيّاته لأيّ من نائبيه وليس لرئيس ديوانه.
وبينت أنه في حال الشغور المؤقت أو في صورة تعذر مباشرته لمهامه، يحل محله نائبه الأول، وعند الغياب نائبه الثاني. واعتبرت الكتلة الديمقراطية أنّ تفويض التوقيع الذي قام به رئيس البرلمان لرئيس ديوانه مخالف للبند 50 من النظام الداخلي وللأمر عدد 384 لسنة 1975 وللأمر عدد 933 لسنة 1989 المتعلق بتنظيم المصالح الإدارية لمجلس نواب الشعب.