الفرق بين الجزائر وتونس

06 يوليو 2020
اعتبر سعيّد أن الوجود الفرنسي في تونس لم يكن احتلالاً (فرانس برس)
+ الخط -

استعادت الجزائر جماجم مقاومين للاستعمار الفرنسي، وتجمّع الجزائريون لتكريمهم بعد 170 عاماً. وخرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على قناة "فرانس 24"، ليعلن أن هذه الخطوة مهمة في العلاقات بين البلدين، ويقول "سجّلنا التحول الذي أنجزته فرنسا بوصف مجازر 8 مايو/أيار بمجازر، عكس ما كان يتم في السابق، وفرنسا قدّمت اعتذاراً، وأتمنى أن تعتذر عما حدث خلال الحقبة الاستعمارية، حتى يساهم ذلك في تلطيف الأجواء بين البلدين". وثمّن تبون مواقف نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ملف الذاكرة، وقال إنّ "الرئيس ماكرون كانت لديه الشجاعة لوصف ما حدث إبان الاستعمار بكلمات معبّرة وشجاعة لم يتحلَ بها من كانوا قبله. هو شخص صريح، وأظن أننا يمكننا العمل سوياً لتسوية الملفات، بما فيها ملف الذاكرة، ما يسمح لنا ببناء علاقات هادئة".

في المقابل، وعلى القناة نفسها، اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أن الوجود الفرنسي في تونس لم يكن احتلالاً وإنما كان حماية. وهو توصيف قانوني قد يكون صحيحاً ولكنه خاطئ سياسياً وتاريخياً، لأن فرنسا ارتكبت في تونس ما ارتكبته في الجزائر، من مجازر واغتيالات ونفي وتنكيل ونهب للثروات. وأضاف الرئيس التونسي أن الاعتذار لمجرد الاعتذار لا يكفي، بل واعتبر أن مناقشة الملف وطرحه في البرلمان لم يكن بريئاً، وإلا فما معنى المطالبة بالاعتذار بعد 60 عاماً؟ على حد قوله.

في البرلمان التونسي، سقطت لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار لتونس عن جرائمها الاستعمارية، ليس بسبب اختلاف حقيقي حول التوصيف التاريخي والفعلي لما حدث في البلاد طيلة عقود الاستعمار، وإنما بسبب المناكفات السياسية ذاتها التي تتخبّط فيها الأحزاب التونسية، والتي تصل إلى إسقاط ملفات مهمة وتعطيلها لمجرد أن حزباً آخر اقترحها. ولكن عندما يصل الأمر إلى المشترك التاريخي الذي ناضلت أجيال من أجله، وعندما تطاول هذه الخلافات قضايا وطنية سامية، فإن الخطر يصبح كبيراً جداً على مصير البلاد، ويتعاظم الخوف من أن تصبح هذه المناكفات السياسية، الطفولية أحياناً، حجر عثرة قد يتلاعب بقوت التونسيين ومصير أبنائهم. ويبدو بالفعل أننا نسير على هذا الطريق، لأن التوتر الذي تسبّبه هذه الأحزاب بلغ حداً غير مسبوق وألقى بظلاله على كل شيء في البلاد، مخلّفاً حيرة حقيقية حول السبيل للخروج من هذا الوضع الصعب، وحول الجهة أو الشخص الذي يمكن أن يلعب هذا الدور في تلطيف الأجواء، وإقناع الجميع بأن ثمة فرقاً بين التنافس السياسي وقضايا البلاد السامية ومصيرها.